الجمعة، 22 نوفمبر 2024

06:48 ص

رسمت اقتصادا تنافسيا.. تحديات "واقعية" الحكومة الجديدة

مصطفى مدبولي خلال جلسة عرض برنامج عمل الحكومة بمجلس النواب

مصطفى مدبولي خلال جلسة عرض برنامج عمل الحكومة بمجلس النواب

ولاء عدلان

A A

“حكومة تحديات”.. هكذا وصف رئيس الوزاء مصطفى مدبولي حكومته الجديدة عندما وقف تحت قبة مجلس النواب يستعرض برنامج عمل مدته 3 سنوات، يسعى لبناء اقتصاد تنافسي ومعالجة ندوب خلفتها أزمات محلية وعالمية، فهل تنجح الحكومة وتحول "العناوين" كالنمو والتنافسية وجذب الاستثمارات إلى حقيقة؟. 

“حسنا فعلت الحكومة بوضع برنامج عمل واقعي وقابل للتنفيذ على أرض الواقع بعد أن جاءت بشخصيات تكنوقراط في تشكيلها الجديد خاصة وزراء المجموعة الاقتصادية التي سيقع على عاتقها الحمل الأكبر لتحويل أهداف البرنامج إلى واقع”، بحسب الخبير الاقتصادي عادل عامر. 

الدعم والرضا الشعبي 

أضاف عامر أن ملف الاقتصاد بأكمله يشكل تحديا للحكومة الجديدة، إذ يمس حياة المواطنين بشكل مباشر ويرتبط بمستويات الرضا أو الغضب الشعبي، مثال على ذلك تخطط الحكومة لإلغاء الدعم تدريجيا سواء عن الخبز أو الوقود أو الكهرباء بينما ينظر للدعم على أنه واجب اجتماعي على الحكومات المتعاقبة منذ 1952 وحتى قبل ذلك. 

توقع ألا تلجأ الحكومة في خطتها لإلغاء الدعم إلى رفع يدها بالكامل، بل ستواصل الدعم بصور عدة أبرزها التحول للدعم نقدي ربما عن طريق بطاقات التموين أو إصدار بطاقات مشتريات خاصة يتمكن من خلالها المواطنين المشمولين بمنظومة الدعم من صرف مستحقاتهم الشهرية على هيئة سلع. 

أكد مدبولي، في أول مؤتمر صحفي للحكومة الجديدة، أن الدولة لن تواصل تحمل مئات المليارات من الدعم، وتسعى حاليًا لتحريك أسعار بعض الخدمات تدريجيًا على مدى زمني ليس بالقصير، من أجل تعويض جزء من الدعم الذي يصل إلى المواطنين، حتى يصبح بقيمة معقولة بالنسبة لموازنة الدولة.

الحكومة الجديدة عقب أداء اليمين الدستورية 

ثنائية التضخم والإنتاج 

قبل أيام، قال رئيس مجلس الوزراء، إن الحكومة الجديدة تسعى لمواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، وبذل كل الجهد للحد من التضخم وضبط الأسواق، وتطوير هيكل النشاط الاقتصادي للتحول إلى اقتصاد تنافسي من خلال تعميق الصناعات المحلية وتوطين الصناعات المتقدمة .

أوضح عامر أن توجه الحكومة لرفع أسعار الوقود والكهرباء من شأنه أن يعيد التضخم إلى دائرة الارتفاع الأمر الذي يجعل احتواء معدلات التضخم أحد التحديات المباشرة خلال الفترة المقبلة، ويتطلب المزيد من رقابة الأسواق وضمان وفرة المعروض السلعي في الأسواق. 

تابع، “لا سبيل لضمان عدم انفجار التضخم ووضعه في مسار نزولي مستدام إلا بزيادة الإنتاجية في شتى القطاعات الصناعي والزراعي وغيره لسد الاحتياجات المحلية وتحقيق فائض يمكن الدولة من زيادة الصادرات 15% سنويا، كما يستهدف برنامج الحكومة”، لافتا إلى أن زيادة الصادرت تعد حجر الزاوية في تعزيز الحصيلة الدولارية للدولة وبالتبعية تخفيف الضغط عن الدولار وزيادة جاذبية الجنيه. 

يشار إلى أن التضخم السنوي في مدن مصر واصل التباطؤ خلال يونيو الماضي للشهر الرابع على التوالي مسجلا مستوى 27.5%، مقارنةً بمستوى 28.1% المسجل في مايو الماضي، فيما ارتفع التضخم الشهري بنحو 1.6%، وذلك بعد أن سجل في مايو انكماشًا للمرة الأولى منذ يونيو 2022 بنسبة 0.7%.

تحديات خارجية

رأى أستاذ التمويل والاستثمارالدكتور مصطفى بدرة، أن المشهد في مصر تغير منذ توقيع صفقة رأس الحكمة في فبراير الماضي وما أعقبها من خطوات تجاه الخروج من الأزمة الاقتصادية التي دامت لقرابة عامين، أبرزها تحرير سعر الصرف في مارس وإبرام اتفاق جديد مع صندوق النقد لزيادة قيمة القرض المتفق عليه نهاية 2022 من 3 إلى 8 مليارات دولار. 

أضاف أن الدولة حاليا بحاجة إلى استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي والعمل على جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتعزيز مرونة الاقتصاد بمواجهة الصدمات الخارجية، لافتا هنا إلى أن مصر طوال العامين الماضيين عانت من تداعيات حرب أوكرانيا وفي الوقت الراهن تعاني من انعكاسات حرب غزة عليها وأبرزها تراجع إيرادات قناة السويس.

شدد على ضرورة الحرص خلال الفترة القادمة على استدامة النمو الاقتصادي من خلال دعم القطاعات الحيوية كالصناعة والزراعة والطاقة المتجددة والسياحة والدفع باتجاه تعزيز الصادرات ودور القطاع الخاص، متوقعا أن تتمكن الدولة من تحقيق معدلات نمو قوية ما لم تحدث أزمات اقتصادية جديدة عالميا.  

يستهدف برنامج الحكومة الجديدة زيادة نصيب الصناعة والزراعة والاتصالات من الناتج المحلي الإجمالي إلى 38% بحلول العام 2026-2027، كما يسعى لتوفير 152 فرصة استثمارية لتعميق التصنيع المحلي، وتحقيق معدل نمو يبلغ 4.2%، وزيادة الإيرادات العامة بمتوسط 16% سنويا وزيادة الاستثمارات الخاصة إلى مستويات تتراوح بين 60% و65% من إجمالي الاستثمارات.

الاستثمار الأجنبي 

قال مساعد رئيس حزب العدل للشؤون الاقتصادية حسام عيد، إن عودة وزارة الاستثمار في الحكومة الجديدة ودمج التجارة الخارجية فيها واختيار شخصية بثقل حسن الخطيب ليكون على رأسها أمر جيد للغاية من شأنه تعزيز جهود الدولة لتعزيز الاستثمار الأجنبي وتمكين القطاع الخاص وخلق بيئة جاذبة للاستثمار وزيادة الصادرات التي تعد أكبر مساهم في الحصيلة الدولارية للدولة. 

أضاف أن الأزمة التي مرت بها الدولة خلال العامين الماضيين أحد مسبباتها الاعتماد على الأموال الساخنة (الاستثمار الأجنبي غير المباشر في أدوات الدين والأسهم)، إذ تخارج من مصر أموالا بـ22 مليار دولار عقب حرب أوكرانيا الأمر الذي ضغط على الاحتياطي الأجنبي وتسبب في أزمة شح السيولة الدولارية، الآن بعد تجاوز هذه الأزمة رأينا عودة مرة أخرى لهذا الأموال على خلفية قرار التعويم وارتفاع أسعار الفائدة. 

تابع، “لعدم تكرار الأزمة لا بد من خلق بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر، فضلا عن ضرورة خفض مستويات الدين العام وتحقيق أهداف وثيقة ملكية الدولة”.

وفقا لبرنامج الحكومة من المستهدف رفع معدل نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى نحو 14% بحلول يونيو 2027، من مستهدف بين 10 و15% خلال العام المالي الحالي، فيما يتوقع بنك جولدمان ساكس أن يتجاوز حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر هذا العام حاجز الـ 33 مليار دولار. 
 

search