الجمعة، 22 نوفمبر 2024

11:14 ص

"أسطورة" الملاذ الآمن.. لا حيلة في تحمل نصيبك من الخسارة

هناك تضخم ولا أحد يمكنه إنكاره

هناك تضخم ولا أحد يمكنه إنكاره

ميار مختار

A A

يعيش المصريون فترات مالية صعبة في ظل تضخم محموم، وتخبّط واضح في اختيار ملاذ آمن يحفظ قيمة أموالهم بالعملة المحليّة، ويجنبهم تقلبات الدولار التي تستنزف رصيد مدخراتهم يوما بعد يوم.

استطلع "تليجراف مصر" آراء عدد من خبراء الاقتصاد حول الملجأ الآمن لأموالهم، والذين أكدوا أن الاستثمار في الذهب والعقارات يحفظ قيمة العملة، فيما اختلفوا على “أسطورة” وجود ملاذ آمن 100% دون خسائر.

تحقيق التعافي

قال الخبير الاقتصادي، خالد الشافعي، إن طموح الدولة في تحقيق تعافٍ اقتصادي، أمر محمود، ولكن في العام الحالي، قد يكابد المواطنين الكثير من المعاناة، التي تفقدهم قيمة أموالهم، مضيفًا "هناك تضخم ولا أحد يمكنه إنكاره، وهناك ارتفاع في جميع أسعار السلع، سواء الترفيهية منها أو الأساسية أو الاستراتيجية منذ بداية العام.

توقع الشافعي الاستمرار على هذا المنوال حتى تستقر الأسعار مع منتصف 2024، وذلك على خلفية ما زفّه رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأربعاء الماضي، من بشرة سارة للمواطنين، حول التعافي الاقتصادي المتوقع تحقيقه في بداية عام 2025، عبر خطتين إحداهما تستهدف خفض التضخم لأقل من 10%، والأخرى خلال 5 سنوات، تركز على خفض الدين، إلا أنه لتحقيق هذه الرؤى، نحتاج إلى عام كامل.

وعزا الخبير الاقتصادي الوضع الحالي إلى العجز في إحكام السيطرة على السوق، وعدم استطاعة الحكومة تحديد سعر للمنتج الذي يخرج للمستهلك بشكل مُعلن، يغلق في وجه التجار حيل التلاعب كافة، ما يترك الساحة مفتوحة لارتفاعات عشوائية متكررة بشكل غير مسبوق، ودلالات بارزة على قتل أي فرصة لحدوث انخفاض قريب في الأسعار، ما ترتب عليه التفكير في اللجوء للملاذات الآمنة مع ارتفاع معدلات التضخم.

الذهب زينة وخزينة

"في الذهب والعقارات يجد الضالون هدايتهم"، كانت هذه الإجابة التي قالها الشافعي، عند سؤاله حول ترتيب أهمية الاستثمارات الآمنة للعوام، وفسّر قائلًا "يتربع الذهب وحده في الفترة الأخيرة على قمة هرم مسببات تحقيق الأمان بالنسبة لجموع الشعب المصري غير المغامرة، ولأصحاب العقول غير الاستثمارية في السوق وإنشاء المشاريع المنفردة، وتحديدًا اكتنازه في هيئة سبائك صغيرة تبدأ من الجرام وحتى الكيلوجرامات، نظرًا لتجنب ضياع أموال في المصنعية الخاصة بالمشغولات اليدوية".

ويرى الشافعي أن التداول في الذهب أسهل من العقارات، ما يجعله يترأس الترتيب، فيما لا تحقق الشهادات الادخارية قيمة معدلات التضخم الموجودة فعليًا حتى ولو زادت الفائدة، وعلى خلفية ذلك لم تلقَ شهادات الإيداع البنكية المطروحة من البنك الأهلى ومصر، رواجًا جماهيريًا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حتى مع وصولها لأعلى عائد (‎%27 سنويًا)، وأخرى بقيمة 23.5% بعائد شهري، كما حدث مع نظيرتها في يناير الماضي، والتي بلغت 25٪؜ و22.5٪؜، بعدما بلغت حصيلة طرحها العام الماضى 460 مليار جنيه.

هدم الأسطورة

"لا وجود لملاذ آمن"، كان تعقيب الخبير الاقتصادي، عادل عامر، الذي يعتقد في عدم وجود ملاذ آمن يضمن بشكل كامل أموال المصريين، وإنما هناك طرق مؤقتة للحفاظ على قيمة الأموال لحين استقرار الأوضاع الاقتصادية، فلا بد دائمًا من وجود نسب مخاطرة، والتفاوض هنا سيكون حول مخاطر محدودة أو كبيرة، ضاربًا مثال بالبورصة، “كلما ارتفع العائد كلما ارتفعت المخاطرة”.

 ويضيف “بالمثل في الذهب، يتسبب الطلب الكبير في تراجع المعروض بزيادات مطردة، يصاحبه تراجع قدرة التجار على الاستيراد جراء شح العملة، فضلًا عن ارتباطه ببورصة أسعار عالمية، فيما يندر الحصول على دولارات من السوق السوداء، ومع توافرها قد تُوقع بصاحبها في فخ التزوير والنصب، مع التضييق الحكومي على متداولي العملة بشكل غير رسمي، وبالقياس قد يجد سوق العقارات هزات عنيفة أحيانًا نتيجة الغلاء الشديد في مدخلات البناء”.

المواطن يحدد ملاذه الآمن

"وفق أولويات المواطن"، يتحدد الأمر دومًا وفق رغبات المواطن وارتياحه، وحركة الطلب المرتفعة على أي مستوى ترتبط بتحوّط المستثمرين من ارتفاعات مُقبلة، فالذهب حصان رابح، ولن تنخفض أسعاره، والعقارات تتجه الدولة لزيادة المشروعات السكنية وترحب بحجز الوحدات السكنية في الماطق الجديدة وغيرها، وفق قول خبيرة الاقتصاد، هدى الملاح.

وأردفت الملاح "ليس المهم أين يضع المواطن مدخراته، فما يفرض نفسه حاليًا هو اتباع سلوك إدخاري يخفف من وقع الأزمات المعيشية ويبقى أداة للاستناد إليها متى اقتضت الحاجة، في ظل تضخم مستورد وأزمات صحية وأمنية عالمية، لم تترك سبيلًا سوى البحث عن خسائر قليلة بقيمة العملة، يمكن عبرها تدبير أساسيات الحياة.

واختتمت الباحثة الاقتصادية “ينقصنا بشكل فج وجود رقابة على الأسعار والأسواق، ولا يُستثنى منهم سوق الذهب وسوق العقارات وسوق التجزئة والسوق السوداء وسوق السلع الاستراتيجية وسوق السيارات، حتى لا يتحكم كل تاجر بما لديه، ويزداد الأمر سوءا”.

 تنبّه الملاح إلى أن "هذا لا بد أن يسبق خطط الدولة في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، ليكون الاقتصاد المصري قادرا على مقاومة أي صدمات عنيفة"، وهو ما أعلن مدبولي تبنيّه من خلال التركيز على قطاعات الاقتصاد المستدامة التي لا تتأثر ونعمل على تنميتها مثل الصناعة والزراعة والمشروعات الإنتاجية، مع التأكيد على أن مكافحة التضخم على رأس أولويات البنك المركزي.

وكانت بيانات البنك المركزي المصري، قد كشفت تراجع المعدل الأساسي السنوي للتضخم الأساسي إلى 35.9% في نوفمبر الماضي من 38.1% في أكتوبر، بجانب مساعيه لاجتذاب سيولة أجنبية لمواجهة أزمة نقص العملة الأجنبية، وذلك في أعقاب موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022 على عقد اتفاق مدته 46 شهرًا لتمويل مصر بقيمة 3 مليارات دولار لدعم الإصلاح الاقتصادي، فضلًا عن التضخم العالمي الذي نالت مصر حظًا منه، بجانب الأحداث في قطاع غزة.

search