الجمعة، 22 نوفمبر 2024

11:36 ص

"الوحدة 8200".. هل فقأت حماس "العين الثالثة" لإسرائيل؟

الوحدة 8200

الوحدة 8200

أحمد سعد قاسم

A A

منذ إطلاق حركة “حماس” عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، ورغم تجاوز الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ردًا على هه العملية، يومها المئة، فإن الحديث لا يتوقف عن الوحدة 8200، ذات المهام الاستخبارية، والتي طالما تفاخرت بها تل أبيب، لكن تلك الحرب أماطت اللثام عن فشل هذه الوحدة في توقع هجوم حماس وما تلاه من تطوراتٍ الصراع ميدانيًا في غزة.

تخيل أن هناك من يراقبك طوال الوقت ويجعلك محرومًا من أبسط حقوقك، يعلم تحركاتك وتفاصيل حياتك كاملة لتصبح في سجن مفتوح! إنه واقع يعيشه العرب والفلسطينيون سواء كانوا في الضفة أو في غزة، والسبب الوحدة 8200 المتحكمة في كل ما يتعلق بالاستخبارات الإلكترونية والسيبرانية والفضائية في إسرائيل، وتعد عينًا ثالثة لها.

شعار الوحدة 8200

أول ظهور للوحدة 8200
 

تأسست هذه الوحدة في عام 1952، كوحدة اعتراض وفك تشفير الراديو، ومنذ ذلك الحين  تطوّرت لتصبح قوة استخبارات إلكترونية، تضم آلاف الجنود، الذين يتمتع الكثير منهم بمهارات عالية في علوم الكمبيوتر والرياضيات والهندسة واللغويات.

وتتبع مديرية الاستخبارات العسكرية “أمان”، وتتكون من عدة وحدات فرعية، تتولى كل منها مهمة محددة، كجمع وتحليل واستغلال الإشارات الاستخبارية (SIGINT)، وهي البيانات التي تنتقل عبر الاتصالات والأجهزة الإلكترونية والأقمار الصناعية والفضاء الإلكتروني.

وحدات استخباراتية فرعية

وهناك وحدات استخباراتية فرعية، من بينها وحدة هاتساف، التي تتابع كل ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، ووحدة يهولوت، التي تنفذ عمليات خاصة وسرية، ووحدة أوفيك، التي تستخدم الأقمار الصناعية للحصول على معلومات استراتيجية.

تعاون دولي

تمتلك وحدة 8200 قاعدة رئيسية في صحراء النقب، قُرب مدينة بئر السبع، حيث توجد قاعدة Urim SIGINT، كواحدة من أكبر محطات الاستماع وأكثرها تطورًا في العالم، ولديها العديد من المرافق والمكاتب الأخرى في جميع أنحاء إسرائيل، وفي الخارج، حيث تتعاون مع وكالات الاستخبارات الأجنبية، مثل وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA، ومقر الاتصالات الحكومية في المملكة المتحدة GCHQ.

من جانبه، يرى الرئيس التنفيذي السابق، ورئيس تحرير القناة العاشرة الإسرائيلية، القائد السابق للوحدة، جلعاد أدين، أن هناك أسبابًا وجيهة لتفوق خريجي هذه الوحدة وتقلدهم المناصب الرفيعة، فالوحدة تختار الأفراد الأكثر موهبة في مجال التكنولوجيا قبل انضمامهم إليها، بحسب TRT عربي.

وتظهر أهمية “8200” من خلال خبرة الرئيس الإسرائيلي السابق، إسحاق هرتسوغ، فيها، وتتسابق شركات التكنولوجيا الرائدة في إسرائيل للحصول على الضباط والجنود الذين أنهوا خدمتهم في الوحدة لأنهم يتمتعون بمهارات تكنولوجية فائقة. 

اختبارات لمرشحي الوحدة

وتضم الوحدة جنودًا يجيدون اللغتين العربية والفارسية، وبعضهم من أصول إيرانية، وتتخذ من منطقة جليلوت مقرًا رئيسيًا لها، حيث تمتلك أحد أضخم قواعد التنصت في العالم بدعم أمريكي، وتعد مصدرًا للكثير من المديرين التنفيذيين والمسئولين البارزين في شركات التكنولوجيا بتل أبيب، الذين بدأوا مسيرتهم المهنية في مجال الاستخبارات التقنية في هذه الوحدة، التي باتت تعرف بأنها "وكالة الاستخبارات التقنية الأولى في العالم".

ويتم اختيار المنضمين إلى الوحدة بعناية وحساسية شديدتين، فمجتمع الاستخبارات الإسرائيلي يجمع ويحدِّث معلوماته باستمرار عن الشباب والفتيات الإسرائيليين المتفوقين تقنيًا في المرحلة الثانوية، ويخضع المرشحون لاختبارات دورية في اللغات والعلوم والبرمجة والتفكير الإبداعي والذكاء.

الوحدة التي تعتبر واحدة من أكثر وكالات الاستخبارات نخبوية وتأثيرًا في العالم، تتعرض لانتقادات وتحديات من قبل بعض أعضائها السابقين، فضلًا عن معارضيها وضحاياها، الذين تحدثوا ضد ممارساتها وسياساتها، واستنكروا أفعالها وتأثيراتها.

نشاط مشبوه

وقد لعبت الوحدة دورًا مهمًا في الحرب الإلكترونية ضد البرنامج النووي الإيراني، وشاركت في تطوير فيروس ستوكسنت الذي استهدف الأنظمة الحاسوبية التي تتحكم في أجهزة التخصيب النووي في إيران عام 2009، ما أدى إلى تعطيلها.

وتناولت الصحف العبرية وثائق من الأرشيف الرسمي الإسرائيلي، أظهرت أن الوحدة مسئولة عن الوسائل الخاصة، وتشمل زرع أجهزة تنصت في أماكن حسّاسة داخل الدول العربية، خصوصًا التي تناصب إسرائيل العداء.

وحدة سييرت متكال

وتعمل الوحدة بتنسيق وثيق مع وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة الإسرائيلية “سييرت متكال”، الخاضعة مباشرة لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وتنفذ الأخيرة عمليات اغتيال في العالم العربي، من خلال جمع معلومات استخباراتية وزرع أجهزة تنصت وتصوير، بالتعاون مع “8200”.

وفي عام 2011، نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريرًا كشف أن الوحدة تدير شبكة تجسس ضخمة تعد واحدة من أكبر قواعد التجسس في العالم، تمكنها من مراقبة الاتصالات عبر الهاتف والبريد الإلكتروني وغيرها في مناطق الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأفريقيا، كما تتمتع بالقدرة على تعقب السفن، فضلًا عن وجود مراكز تجسس سرية تابعة للوحدة في السفارات الإسرائيلية بالخارج، وكابلات تجسس تحت البحر، وأخرى سرية في الأراضي الفلسطينية.

فشل استخباراتي

ورغم كل هذه القوة الإلكترونية التي تمتلكها الوحدة، فإنها فشلت في معرفة أي معلومة مسبقة عن هجوم “طوفان الأقصى” الذي بدأ يوم 7 أكتوبر من العام الجاري، في وقت قال الناطق باسم كتائب القسّام (الجناح العسكري لحركة حماس)، أبو عبيدة، في كلمة مسجّلة، إن مجاهدي الكتائب نفذوا عملية نوعية في قاعدة أورين، التي تضم وحدة الاستخبارات 8200، وأوقعوا خسائر فادحة في قوات العدو.

وذكر الكاتب بيتر بومونت في تحليل لصحيفة “الجارديان” البريطانية، أن الوحدة رغم كونها واحدة من أهم وأكبر وحدات المراقبة السيبرانية في العالم، فإنها فشلت في مراقبة النشاطات الفلسطينية والتنبؤ بهجومها المفاجئ.

واعتبر بومونت أن هذا الفشل مفاجيء ويستدعي إعادة تقييم دور الوحدة ومدى قدرتها على مواجهة التهديدات الأمنية، فرغم أنها تضم موظفين وتقنيين متخصصين ومتميزين، فإنه يبدو أن هناك نقصًا في عمليات التحليل والاستخبارات.

search