تعويم الجنيه.. "المركزي" وسيناريوهات المستقبل القريب

تتجه أنظار الاقتصاديين والسوق المالية نحو الاجتماع الأول للبنك المركزي المصري في 2024، المتوقع 1 فبراير المقبل، لتحديد أسعار الفائدة، فيما يرجح بعض الخبراء اجتماعًا استثنائيًا في القريب العاجل لاتخاذ قرار بشأن خفض جديد لقيمة الجنيه.

يساهم في هذا الاتجاه تصريحات مدير ادارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطي في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، الجمعة، بتشديده على ضرورة إسراع مصر في خطوة تحرير سعر الصرف، فيما يترقب اجتماعًا من مسؤولي الصندوق مع الحكومة المصرية لتحديد موقف المرجعات المؤجلة بشأن قرض الثلاث مليارات دولار الموقعة في ديسمبر 2023.

وأجل صندوق النقد الدولي المراجعتين الأولى والثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في مارس وسبتمبر الماضيين، فيما استبعد الخبير الاقتصاد عز الدين حسانين خطوة التعويم وتحرير سعر الصرف، باعتبارها “حلاً غير مناسب”.

توفير عملة

يضيف الخبير الاقتصادي، أن هذا القرار مُرتبط بقدرة الحكومة على تدبير نقد احتياطي مرتفع يمكن التدخل به في الأسواق. فالاحتياطي الآن 35.219 مليار دولار، حوالي 57% منها ودائع خليجية.

واستبعد حسانين تحرير سعر الصرف قبل أن تتمكن الحكومة من توفير سيولة دولارية ضخمة، خصوصًا مع وصول مديونات البنوك الخارجية إلى 17 مليار دولار.

وبدأت الحكومة خفض قيمة الجنيه في نوفمبر 2016 من خلال برنامج إصلاح اقتصادي أشرف عليه صندوق النقد، ما أدى إلى هبوط الجنيه مقابل الدولار خلال العام من 7 جنيهات إلى ما يقرب من 20 جنيهًا.

وفي مطلع العام الماضي 2023، قرر البنك المركزي تحرير سعر صرف الدولار ليصل إلى 30.95 جنيه في البنك المركزي، مع طرح بنكي الأهلي ومصر شهادات ادخار بعائد 25%، وسبق ذلك في اجتماع ديسمبر 2022، رفع الفائدة 3%.

ومع انتهاء آجل شهادات الـ 25% أعلن نفس البنكين طرح شهادات ادخار جديدة بعائد 27%، مع اقتراب اجتماع البنك المركزي في مطلع فبراير القادم والذي سيحدد مصير سعر الفائدة وحركة الصرف.

اجتماع استثنائي

يقول الخبير الاقتصادي هاني جنينة، إن البنك المركزي قد يعقد اجتماعا استثنائيا خلال الأسبوعين المقبلين، يعقبه خفض مُدار لسعر صرف الدولار مقابل الجنيه، من خلال أدوات البنك المركزي، حتى يتم تحرير سعر الصرف بشكل كامل فيما بعد. 

ويضيف جنينة لـ"تليجراف مصر"، أنه كان من الطبيعي طرح شهادات ادخار أعلى من 25% نتيجة ارتفاع مستويات التضخم.

فجوة واسعة

اتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازية، أدى إلى تراجع تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 29.9% خلال الربع الثالث من عام 2023، لتبلغ 4.5 مليار دولار مقارنة بـ 6.4 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

هذا التراجع يُزيد من اتجاه "المركزي" لاتخاذ قرار تحرير سعر الصرف خصوصًا بعد طرح عدد من المبادرات لجذب أموال المصريين بالخارج والتي جمعت 900 مليون دولار والتي يعتبرها البعض محدودة، خصوصا أن الحكومة كانت تسهدف جمع 2.5 مليار دولار من مبادرة استيراد السيارات فقط.

هذا الرأي تؤيده وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني والتي توقعت خلال تقريرها الصادر 27 ديسمبر 2023، أن يتجه "المركزي" لخفض سعر صرف الجنيه خلال الربع الأول من العام الجديد بنسبة تتتخطى الـ50% ليصل سعر الدولار إلى 50 جنيهًا في نهاية 2024.

ليست "موديز" وحدها هي من توقعت انخفاض قيمة الدولار فوكالة "ستاندر أند بورز" رأت في تقريرها الأخير عن الاقتصاد المصري، إن الدولار سيسجل 40 جنيهًا خلال 2024.

حزمة حوافز

يرى الخبير الاقتصادي إيهاب الدسوقي، أن الفرق بين قيمة الدولار في السوق الموازية والبنوك كبير، ما يوحي بحدوث تعويم جديد وخفض سعر الجنيه مقابل الدولار في وقت قريب.

ويضيف الخبير الاقتصادي، أن إجراءات البنك المركزي الخاصة قبل التعويم لا يمكن التكهن بها، لكن الاستثمار الأجنبي لن يدخل إلا بتحريك سعر صرف الدولار.

خلال الشهور الماضية، قررت الحكومة اتخاذ حزمة من الحوافز والزيادات للعاملين بالدولة وأصحاب المعاشات، حيث رفعت الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص إلى 3500 جنيه، كما قررت رفع الحد الأدنى للمعاشات إلى 1300 جنيه، بالإضافة إلى زيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية لتصبح 600 جنيه.

كل تلك القرارات يراها الخبير الاقتصادي أحمد مُعطي، أنها الإجراءات التي تسبق قرار البنك المركزي للتعويم وتحرير سعر الصرف والذي سيعقبه ارتفاع في الأسعار.

التضخم المستهدف

وفقًا لبيان "المركزي" الأخير، فتراجع معدل التضخم الأساسي إلى 35.9% في نوفمبر مقارنة بـ 38.1% في أكتوبر 2023.

وقال رئيس الوزراء مصطفي مدبولي، الأربعاء الماضي 3 يناير 2024، إن الحكومة تعمل على خفض معدلات التضخم إلى 10% في العام القادم 2025.