الجمعة، 20 سبتمبر 2024

01:17 ص

لماذا ضل أساطير الكرة كرسي رئاسة الزمالك؟

حازم إمام

حازم إمام

إسراء عدلي

A A

تحل اليوم ذكرى تأسيس نادي الزمالك، وطوال رحلة عمرها 113 عامًا غاب أساطير فريق كرة القدم بالنادي، عن منصب القيادة تاركين المجال أمام رجال المال والقضاء والسياسة، وكانت رحلتا حلمي زامورا في 1976 وبعدها نور الدالي 1992 هما الاستثناء في هذا المشوار الطويل.

وكلما قرر أحد الأساطير الترشح قوبل بالرفض من الجمعية العمومية، ولعل التجربة الأخيرة كانت شاهدة على سقوط مذل، لفاروق جعفر، الذي لطالما أبدع وأمتع، وكان عنوانًا لجمالية مدرسة الفن والهندسة، لكنه رغم تاريخه هذا حصد 2024 صوتًا فقط مقابل 15229 لحسين لبيب الذي كان منافسه وتفوق باكتساح.

13 ألف صوت مثلت فارقًا مخيفًا بين الرئيس الجديد، وأسطورة حفرت جزءًا خالدًا في تاريخ النادي، فضلاً عن اختفاء هشام يكن في المنافسة على مقعد العضو، أمور جعلتنا أمام سقوط مذل، يعكس الغياب الكبير لنجوم اللعبة التي مثلت هوية ناديهم، ومن أجلها تعلق الملايين به.

ما هي دلالات هذا السقوط؟، وماهية الظروف والمطبات التي تقف عائقًا نحو تقلدهم تلك المناصب؟، وسر التباين الشديد، بينهم والأهلي، هذه وغيرها من التساؤلات، طرحناها على أبناء النادي، في محاولة لحل اللغز، وفهم طبيعة الأمور داخل إحدى القلاع العريقة في عالم كرة القدم الإفريقية، في الذكرى الـ13 لتأسيسه.

اتهامات «أبو العلا» وبراجماتية «نبيه» ومنطق «السيد»

 

يرى محمد أبو العلا، أحد قادة الزمالك في العهد الحديث، أن غياب أساطير ونجوم الزمالك إداريًا أمر متعمد، وأنهم دفعوا ضريبة غياب الأجواء المناسبة لبناء كوادر تدير النادي، بسبب ما وصفه بـ«خزعبلات» كانت منهج إدارة سابقة في الفترات الأخيرة بالتحديد.

وعن التباين بين الزمالك والأهلي يشرح «أبوالعلا» لـ«تليجراف مصر»: «محمود الخطيب وحسن حمدي وغيرهم لم يولدوا رؤساء مجلس إدارة بالتأكيد، وإنما سلكوا الطريق تدريجيًا، في المقابل لدينا سادت سياسات أعاقت أبناء النادي عن الوصول للمناصب الإدارية، إذا نظرنا للعقدين الأخيرين، أبناء النادي لا مكان لهم».

لا يوافق أسامة نبيه، أحد قادة ونجوم الزمالك «أبو العلا» في رأيه، وفلسفته تقوم على أساس براجماتي، دفع نجوم وأساطير الزمالك قديمًا لسلك مجال التدريب بدلًا من الإدارة، لأن الأول مدخل للمال.

يشرح «نبيه» موقفه قائلًا: «إذا نظرنا لأبناء نادي الزمالك سنجد حوالي 70% منهم في الجانب الفني وليس الإداري، بداية من عصام بهيج وأبو رجيلة وهم من حببوا أبناء الزمالك في مهنة التدريب، أجيال عديدة من أبناء الأبيض الكبار الذين يمتلكون تاريخًا عريقًا عاشقين لهذه المهنة، وأنا واحد منهم لأنها مهنة مربحة، دخلها مناسب على عكس مهنة الإدارة غير المربحة بالنسبة للتدريب، إضافة على ذلك أن هناك سنا معينا يجب التوقف عنده على عكس الإدارة التي لا تتوقف عند وقت بعينه».

أما طارق السيد الذي اتفق مع «نبيه» شكلًا، وتعارض مع نظرته في التفاصيل، يرى بأن نجوم الزمالك يتذوقون كرة القدم، ويمليون للجانب الفني وليس الإداري، تعلقًا وولعًا باللعبة.

منطق «السيد» يستند إلى نظرية تقول بأن كل كيان يعمل وفق منهجه، الأهلي قائم على أسس إدارية بنت كوادر، بينما الزمالك مبنى على جمالية كرة القدم فأنتج مدربين، ويبرهن على فلسفته بالقول :«الأهلي لديه الخطيب نموذجًا في الإدارة، والزمالك لديه حسن شحاتة نموذجا في التدريب، لن يحقق مدرب أهلاوي أمم إفريقيا ثلاث مرات».

المؤامرة وعدم الأهلية.. أسباب السقوط المدوي لـ«ملك النص»

 

نحن أبناء الزمالك اخترنا التدريب طريقًا، ولم نسع لنكون إداريين، وليس معقولًا أن استيقظ من نومي صباحًا ساعيًا لتولي رئاسة النادي، بهذه الكلمات عاب «نبيه» على موقف «جعفر».

هنا اتفق الطرفان للمرة الأولى «نبيه» و«أبوالعلا»، إذ أوضح الأخير: «جعفر لا يمتلك ما يؤهله ليصبح رئيسًا للنادي، كان عليه التعايش مع الجمعية العمومية فترة كبيرة قبل الانتخابات لتكون الخطوة التالية له طبيعية، لكنه جاء من أقصى المدينة ليتولى أعلى منصب، أرى هذا سبب الفارق الكبير في النتيجة».

رضا عبدالعال أيضًا يقف في نفس الاتجاه، لكنه يحمل اتهامًا واضحًا لـ«ملك النص» قائلًا: «فاروق جعفر مرشح مدفوع من آخرين، الكل يعرف من يقف خلفه، وهو لا يمتلك رؤية ولا فكرا يضيفه إلى إدارة الزمالك».

البناء والعلم.. السر في الجزيرة

 

وعن سر التباين بين نموذجي الأهلي والزمالك يضيف «أبو العلا»: «أبناء الأهلي تدرجوا لتلك المناصب في ظروف طبيعية بسبب المساحة الكافية من الوقت التي سمحت لهم بتربية الكوادر الإدارية، على غرار حسام غالي الذي يسلك الشق الإداري في الفترة الحالية، ويجري إعداده لرئاسة النادي، لكن إذا تم توفير هذه الأجواء داخل القلعة البيضاء سنرى عددا كبيرا من أساطيره في الجانب الإداري».

وواصل حديثه متسائلًا: «هل رأينا فاروق جعفر في منصب إداري داخل نادي الزمالك من قبل، أو تصريحات إدارية له؟ بالطبع لا، التدرج والعلم، هما الطريق نحو المناصب الإدارية الكبرى».

هنا يبدو أن مساحات التوافق تزيد بين «نبيه» و«أبوالعلا»، فالأول عاد يؤكد: «التدرج واكتساب الخبرات ضرورة لتقلد مثل هذه المناصب، صحيح لدينا كثيرون لم يرغبوا في ذلك، لكن لدينا نموذجاً آخر مثل حازم إمام، سيصبح يومًا رئيسًا للنادي لأنه سلك ذلك الطريق، عضوًا في النادي ثم اتحاد الكرة، والمعيار هنا كان التدرج واكتساب الخبرات».

أيهما أنجح.. الأسطورة أم رجل الإدارة والمال؟

 

وعن النموذج الأمثل لطريقة الإدارة، ما بين الأساطير ومنافسيهم يميل أسامة نبيه نحو رجل المال والأعمال، ويراهم أكثر قدرة على إدارة المؤسسات الرياضية خاصة مع تشابكها بالسنوات الأخيرة اقتصاديًا وسياسيًا، بما يجعلك بحاجة إلى الدراسة والمنهجية في العمل. 

بينما لا يرى طارق السيد أفضلية لهذا أو ذاك، ويؤمن بأن الأساس هو مقومات الشخص بصرف النظر عن خلفيته، ويؤكد بأنه ليس شرطًا أن تكون أسطورة لتصبح رئيسًا ناجحًا.

رضا عبد العال بصراحته المعهودة يعترف: «بالطبع نطمح لنكون مثل الأهلي وأن نعمل وفق منهج مؤسسي، لا يقوم على الأفراد فقط»، لكن في الوقت ذاته يعيد التأكيد على رؤية «السيد»، فليس شرطًا أن يكون الرئيس الناجح أسطورة سابقة.

search