الجمعة، 22 نوفمبر 2024

12:01 ص

صندوق النقد يتمسك بـ"سعر صرف مرن".. هل السر في التضخم؟

إحدى الأسواق المصرية

إحدى الأسواق المصرية

مصطفى العيسوي

A A

اعتبر صندوق النقد الدولي، في بيان موافقة مجلسه على المراجعة الثالثة لبرنامج التمويل الممدد، أن نظام سعر الصرف المرن يظل حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الحكومي المصرى، ليثير تساؤلًا مفادة: لماذا يصر الصندوق على تحريك سعر الدولار أمام الجنيه؟

وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، اليوم، على استكمال المراجعة الثالثة، التي تسمح لمصر بالحصول على 820 مليون دولار من القرض البالغ قيمته 8 مليارات دولار.

القرض أساسه سعر صرف مرن

أكد الخبير المصرفي، عز الدين حسانين، أن قرض الصندوق لمصر، مبني على سعر صرف مرن، وكان أحد أهم الشروط التي وضعها في عام 2022 لصرف الشريحة الأولى المقدرة بـ347 مليون دولار، ضمن قرض الـ3 مليارات دولار.

وفي أكتوبر 2022، توصلت مصر لاتفاق مع الصندوق للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، بهدف مواجهة أزمة نقص النقد الأجنبي التي تفاقمت بسبب خروج أموال ساخنة تفوق عن 20 مليار دولار، حيث كان مقررًا أن يُصرف على مدار أربع سنوات، مقسمًا إلى 9 شرائح، كل واحدة تبلغ حوالي 347 مليون دولار.

ومع ذلك، لم تستلم القاهرة سوى الشريحة الأولى من القرض، فيما أرجأ الصندوق صرف باقي الشرائح، انتظارًا لإجراء المراجعتين الثانية والثالثة، ليتم رفعه في مارس الماضي إلى 8 مليارات دولار، شريطة تطبيق مصر الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن، وخفض الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، وتمكين القطاع الخاص.

وأوضح حسانين لـ"تليجراف مصر" أن سبب إصرار الصندوق على وجود سعر صرف مرن يرجع إلى معدلات التضخم المترفعة، رغم تراجعها خلال الأشهر الماضية، بالإضافة إلى عجز الميزان التجاري، مشيرًا إلى أن الصندوق يرغب في أن يدار سعر الصرف في مصر وفقًا لآلياية العرض والطلب التي يتبعها البنك المركزي حاليًا.

ومنذ فبراير الماضي، بدأت معدلات التضخم على أساس سنوي، من مستوى 35.1% في فبراير الماضي، وصولًا إلى 26.6% بنهاية يونيو الماضي، لكنها لا تزال بعيدة عن مستهدفات الحكومة (أقل من 10%)، فيما قرر البنك المركزي تحرير سعر الصرف في اجتماع استثنائي له، بمارس الماضي، ليتحرك سعر الدولار أمام الجنيه من مستوى 31 إلى 48 جنيهًا حاليًا.

السوق السوداء

وأشار الخبير المصرفي، إلى أن تحرير سعر الصرف أدى إلى اختفاء السوق السوداء التي توحشت خلال الفترة من 2022 حتى بداية العام الجاي، حيث كان يتم تسعير الدولار بأكثر من قيمته ليصل إلى مستويات 70 جنيهًا في يناير 2024، مضيفًا أن صندوق النقد يضغط على مصر حتى يصل سعر العملة الأمريكية بالبنوك لأكثر من 50 جنيهًا ولكن الحكومة لا تسعى لتطبيق ذلك، لأن له تأثير مباشر في أسعار الخدمات والوقود التي تقدمها للمواطن.

وخلال مؤتمر صحفي عُقد الأربعاء الماضي، قال رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي: أحيانا هناك خلافات مع الصندوق حول آليات التنفيذ، لكنه لا يفرض علينا شيئًا، فالثوابت الموجودة في البرنامج الحكومة هي التي تضعها وتكون ملزمة بتنفيذها.

وأضاف، أن رغبه الصندوق في تحرير أكثر لقيمة لجنيه، وذلك لضمان جلب المزيد من الاسثتمارات الخارجية والمحلية بعد نجاح صفقة رأس الحكومة التي فرت سيولة بنحو 35 مليار دولار ، لأنها تعتبر السبيل الوحيد خلال الفترة الحالية لتوفير النقد الأجنبي، في ظل تراجع عوائد السياحة وتحويلات المصريين بالخارج وإيرادات قناة السويس.

وتراجعت إيرادات قناة السويس خلال العام المالي المنتهي في يونيو الماضي بقييمة 2.2 مليار دولار لتصل إلى 7.2 مليار دولار من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022-2023، وفقًا لبيانات البنك المركزي، تراجعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2023 بنسبة 21.2% لتسجل 9.4 مليار دولار من مستوى 12 مليار دولار المسجل في الفترة نفسها خلال العام المالي 2022-2023.

التدخل بشكل محدود

من جانبه، أكد الخبير المصرفي، محمد بدرة، أن الاتفاق الموّقع في مارس الماضي بين الحكومة وصندوق النقد، ينص على أن يكون هناك سعر صرف مرن، مع منح البنك المركزي إمكانية للتدخل بشكل محدود في حالة حدوث أي عمليات مضاربات لرفع سعر الدولار أكبر من قيمته الحقيقة.

في 21 أبريل الماضي، أكدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، أنه يمكن للمركزي التدخل عند الحاجة لدعم الجنيه في تحركات سوق الصرف.

وأوضح بدرة لـ"تليجراف مصر" أن تدخل البنك المركزي يكون لإحداث توزان في سوق الصرف، ويحدث ذلك مع بداية ظهور أي مضاربات جديدة على سعر الدولار أمام الجنيه، مشيرًا إلى أن جميع البنوك المركزية في العالم التي تطبق سعر صرف مرن تتطبق نفس الإجراء، وليس مخالفًا للسياسة النقدية، ولكن يكون التدخل محدود بغرض الاحتفاظ بالسعر العادل.

search