السبت، 23 نوفمبر 2024

02:34 ص

انطلق من النيل.. تحذيرات عالمية من تفشي مرض خطير تنقله الغربان

الغراب من بين الطيور المتهمة بنقل "حمى النيل"

الغراب من بين الطيور المتهمة بنقل "حمى النيل"

منى الصاوي

A A

شهدت عدة دول أوروبية وشرق أوسطية، مثل إسبانيا وإيطاليا وإسرائيل والأردن، تسجيل حالات إصابة بـ"فيروس غرب النيل" منذ بداية الصيف الحالي.
ويُعتبر هذا الفيروس، الذي ينتقل عن طريق لدغات البعوض، مسؤولًا عن حمى غرب النيل التي قد تؤدي إلى أعراض شبيهة بالإنفلونزا في بعض الحالات.
وجرى اكتشاف هذا الفيروس لأول مرة في منطقة غرب النيل بأوغندا فس عام 1937، ومن هنا جاءت تسميته، بحسب تقرير نشره موقع BBC.

حمى غرب النيل

تعتبر الطيور المضيف الأساسي لفيروس غرب النيل، حيث ينتقل منها إلى البعوض من خلال عملية التغذية، ويحتاج الفيروس إلى فترة حضانة داخل البعوضة تصل إلى عدة أيام قبل أن يصل إلى الغدد اللعابية، ما يمكنها من نقله إلى الإنسان عند اللدغ.

ووفقًا لمستشار علاج الأمراض المُعدية، الدكتور ضرار بلعاوي، فإن البعوض الزاعج هو الناقل الرئيسي للفيروس، حيث يلتقطه من الطيور المصابة وينقله إلى الإنسان.

خطورة البعوض

يؤكد الدكتور بلعاوي أن البعوض الحامل لفيروس غرب النيل يكون أكثر نشاطًا خلال فصل الصيف، ما يزيد من احتمالية انتقال العدوى إلى البشر عن طريق اللدغات في هذه الفترة.

الطيور الجارحة

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، الدكتور إسلام عنان، إلى أن الفيروس يمكن أن ينتقل أيضًا عن طريق بعض الطيور الجارحة مثل النسور والغربان، التي قد تصاب بالمرض من خلال تناولها لطيور مصابة أو ميتة.
ويضيف الدكتور عنان أن هناك طرقًا أخرى أقل شيوعاً لانتقال الفيروس، مثل التعامل المباشر معه في المختبرات، أو من خلال نقل الدم وزراعة الأعضاء من أشخاص مصابين، أو من الأم إلى الجنين أثناء الحمل والولادة والرضاعة.

السعال والعطس واللمس

ويشدد على أن الفيروس لا ينتقل عبر السعال والعطس واللمس، أو التعامل مع الطيور المصابة، ولكن ينصح بارتداء القفازات عند التخلص من الطيور الميتة، كما يؤكد أن الفيروس لا ينتقل عن طريق تناول لحوم الطيور أو الحيوانات المصابة، ولكن يجب طهيها جيداً قبل تناولها.

طفح جلدي

تختلف أعراض الإصابة بفيروس غرب النيل من شخص لآخر، ففي كثير من الأحيان لا تظهر أي أعراض على الإطلاق، خاصة في المراحل المبكرة، أما في الحالات التي تظهر فيها الأعراض، فإنها غالباً ما تكون خفيفة وتشبه أعراض الإنفلونزا، مثل الحمى والصداع وآلام الجسم والتعب، وقد يظهر طفح جلدي في بعض الأحيان.

الجهاز العصبي

لكن في حالات نادرة، يمكن أن يتطور الفيروس ويؤثر على الجهاز العصبي المركزي، ما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب السحايا أو التهاب الدماغ. هذه المضاعفات قد تسبب تلفًا عصبيًا دائمًا وقد تكون قاتلة، خاصة لدى كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو ضعف في المناعة.

المياه الراكدة

ويشير الدكتور عنان إلى أن نسبة الوفيات بسبب فيروس غرب النيل قد تصل إلى 10% في الحالات الشديدة، لذا ينصح الدكتور بلعاوي باتخاذ احتياطات إضافية للأشخاص الذين يقضون وقتًا طويلاً في الهواء الطلق، خاصة بالقرب من مصادر المياه الراكدة التي تعتبر بيئة مناسبة لتكاثر البعوض.

فحص الدم

يتم تشخيص الإصابة بفيروس حمى غرب النيل من خلال فحص الدم، حيث يتم البحث عن الأجسام المضادة أو المواد الجينية المرتبطة بالفيروس في عينات الدم المأخوذة من الأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض الأولية خلال فترة انتشار البعوض.
بالإضافة إلى ذلك، يتم إجراء مجموعة من الفحوصات الطبية الأخرى للمساعدة في تأكيد التشخيص وتحديد مدى خطورة الإصابة.

وصفات طبية 

لا يوجد علاج محدد لفيروس غرب النيل، ولكن يمكن علاج الحالات الخفيفة بالراحة والإكثار من شرب السوائل وتناول الأدوية والمسكنات التي لا تستلزم وصفة طبية للسيطرة على الأعراض مثل الحمى وآلام الجسم.

أما في الحالات الشديدة، فإن العلاج يقتصر على التخفيف من حدة الأعراض وتسريع اختفائها، ويتطلب الأمر عناية خاصة داخل المستشفى لمعالجة المضاعفات المحتملة.

ويؤكد الدكتور عنان على أهمية التشخيص المبكر للفيروس، حيث يسمح بتقديم العلاج المناسب ويزيد من فرص الشفاء التام.

تدابير الوقاية

يوصي الأطباء وخبراء مكافحة الأمراض باتخاذ عدة تدابير للوقاية من فيروس غرب النيل، من بينها:

استخدام طارد الحشرات

ينصح باستخدام بخاخات طارد الحشرات التي تحتوي على مواد كيماوية مثل ديت أو بيكاريدين، مع اتباع الإرشادات اللازمة لتجنب أي آثار جانبية.

ارتداء ملابس واقية

 يوصى بارتداء أكمام طويلة وسراويل طويلة لتقليل تعرض الجلد للدغات البعوض.

البقاء في أماكن مغلقة

 يُفضل البقاء في أماكن مغلقة خلال ساعات الذروة التي ينتشر فيها البعوض.


التخلص من مصادر المياه الراكدة

يجب تفريغ أي مصادر للمياه الراكدة حول المنزل، مثل الدلاء وأواني الزهور والمزاريب المسدودة، حيث تعتبر هذه الأماكن بيئة خصبة لتكاثر البعوض.


تركيب شبكات الحماية

 ينبغي تركيب شبكات لمنع دخول الحشرات على الأبواب والنوافذ، وإصلاح أي ثقوب موجودة فيها.


استخدام مكيفات الهواء

يُفضل استخدام مكيفات الهواء في حال توفرها، حيث تساعد على تقليل وجود البعوض داخل المنزل.


تنظيف الأدوات التي تحتوي على مياه راكدة

 يجب تفريغ وتنظيف الأدوات التي تحتوي على مياه راكدة بشكل أسبوعي أو إزالتها من المنزل لمنع البعوض من وضع البيض فيها.
باتباع هذه الإجراءات الوقائية، يمكن تقليل خطر الإصابة بفيروس غرب النيل بشكل كبير.

إثارة القلق

ويشير الدكتور بلعاوي إلى أن اكتشاف فيروس غرب النيل مؤخراً في منطقة الشرق الأوسط يثير القلق من احتمال تفشي المرض، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة عالمياً، مما يتيح للبعوض الحامل للفيروس الانتشار في مناطق جديدة لم تكن متأثرة به سابقاً.

ويشدد الدكتور بلعاوي على أهمية رفع مستوى الوعي المجتمعي حول هذا الفيروس، الذي أصبح يمثل تهديداً حقيقياً للصحة العامة في الشرق الأوسط، وذلك بعد تسجيل حالات إصابة مؤخراً في المنطقة.

search