الإثنين، 09 سبتمبر 2024

10:29 ص

"المومياء الصارخة".. امرأة فقدت خاتمها واحتفظت بقلبها

مومياء المرأة الصارخة

مومياء المرأة الصارخة

منى الصاوي

A A

أثار تحليل حديث لمومياء "المرأة الصارخة"، جدلاً واسعاً في الأوساط العلمية والتاريخية، فقد كشفت الدراسة، التي قادتها أستاذ علم الأشعة  بجامعة القاهرة، الدكتورة سحر سليم، ونشرت في دورية "فونتيرز" المرموقة، عن مفاجأة غير متوقعة، وهي أن المومياء لم تخضع لعملية إزالة الأعضاء الداخلية، خلافًا للطريقة الشائعة في عصر المملكة الحديثة بمصر القديمة.

المرأة الصارخة

الاكتشاف المذهل يفتح الباب أمام تساؤلات جديدة حول أسرار التحنيط في تلك الحقبة التاريخية، فبينما كانت الطريقة التقليدية تتضمن إزالة جميع الأعضاء الداخلية باستثناء القلب، فإن "المرأة الصارخة" احتفظت بدماغها وحجابها الحاجز وقلبها ورئتيها وكبدها وطحالها وكليتيها وأمعائها.

اكتشاف المومياء

أثار اكتشاف الدكتورة سحر سليم، الذي يشير إلى وجود "نمط مختلف للتحنيط" في مصر القديمة، جدلاً واسعاً بين خبراء الآثار، حيث وصفه بسام الشماع، كاتب علم المصريات، بأنه "الأهم في القرن الحادي والعشرين"، بينما نفى زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، أن تكون المومياء قد خضعت لعملية تحنيط كاملة.

عصر المملكة الحديثة

وتؤكد الدكتورة سليم أن الاكتشاف، الذي جاء بعد دراسة مومياوات أخرى من عصر المملكة الحديثة، يشير إلى وجود نمط مختلف للتحنيط لم يكن معروفًا من قبل، حيث احتفظت هذه المومياوات بأعضائها الداخلية كاملة.

وأوضحت سليم أن هذا النمط الجديد لا يعني بالضرورة عدم اكتمال عملية التحنيط، بل قد يكون تقليدًا مختلفًا غير معروف حتى الآن، مشيرة إلى أن المومياء احتوت على مواد تحنيط باهظة الثمن، مثل العرعر واللبان، ما يدل على أهمية هذه المرأة ووضعها الاجتماعي المتميز.

الدكتورة سحر سليم مع مومياء المرأة الصارخة

الدير البحري بالأقصر

يذكر أن مومياء "المرأة الصارخة" اكتشفت في عام 1881 في الدير البحري بالأقصر، ولا تزال هويتها الحقيقية لغزًا محيرًا، وقد أطلقت عليها هذه التسمية بسبب تعبير وجهها الذي يبدو وكأنه صرخة ألم أبدية.

أكدت الدكتورة سحر سليم، في ضوء الاكتشافات الحديثة حول مومياء "المرأة الصارخة"، أن النمط المختلف للتحنيط، الذي احتفظ بأعضائها الداخلية، لا يعكس إهمالاً بل يؤكد مكانتها الاجتماعية المرموقة.

مواد تحنيط باهظة الثمن

وأوضحت سليم أن استخدام مواد تحنيط باهظة الثمن، مثل العرعر واللبان المستوردين، بالإضافة إلى صبغ شعرها الطبيعي بالحناء والعرعر ومعالجة شعرها المستعار ببلورات الكوارتز والمغنتيت والألبيت، يشير إلى أنها لم تكن امرأة عادية.

خواتم ذهبية

وأضافت أن العثور على خواتم ذهبية مع المومياء داخل تابوت فاخر يدعم هذه الفرضية، وأن المحنطين كانوا على دراية بخصائص العرعر واللبان المضادة للميكروبات، مما ساهم في حفظ المومياء بحالة جيدة.

ونفت سليم أن يكون صراخ المومياء نتيجة إهمال المحنطين، مرجحة أن يكون "تشنجًا جثثيًا" ناتجًا عن موت مفاجئ مصحوب بألم شديد.

بعثة أثرية

اكتشفت مومياء "المرأة الصارخة" عام 1935 في الدير البحري بالأقصر، خلال حفريات قادتها بعثة أثرية من متحف متروبوليتان بنيويورك. وعثر على المومياء داخل تابوت خشبي في غرفة دفن منفصلة أسفل قبر سنموت، المهندس المعماري للملكة حتشبسوت.

وأثارت المومياء دهشة علماء الآثار بسبب تعبير وجهها الذي يوحي بصراخ مكتوم، مما دفعهم لإطلاق لقب "المرأة الصارخة" عليها. 

وظلت المومياء محفوظة في كلية طب قصر العيني بالقاهرة حتى عام 1998، حيث درست إلى جانب مومياوات ملكية أخرى، مثل توت عنخ آمون.

المتحف المصري

وفي عام 1998، نقلت المومياء إلى المتحف المصري بالقاهرة بناء على طلب وزارة الآثار، بينما بقي تابوتها وخواتمها معروضين في متحف متروبوليتان بنيويورك.

أكدت الدكتورة سحر سليم، في بيان صحفي، أن مومياء "المرأة الصارخة" تمثل "كبسولة زمنية حقيقية" تكشف عن أسرار التحنيط الفرعوني وتقدم دلائل جديدة حول طب الأسنان القديم.

صور مقطعية للمومياء

وأشارت سليم إلى أن الصور المقطعية للمومياء كشفت عن خلع بعض أسنانها خلال حياتها، مما يشير إلى ممارسة طب الأسنان في مصر القديمة، حيث يعتبر حسي ري أول طبيب أسنان مسجل في العالم.

وأضافت أن تحليل الصور المقطعية أظهر أن المرأة الصارخة كانت تبلغ من العمر حوالي 48 عامًا عند وفاتها، وأنها عانت من التهاب مفاصل خفيف في العمود الفقري.

وأوضحت سليم أن طول المرأة الصارخة كان يبلغ 1.54 متر، وأنها توفيت في ظروف غامضة، ربما نتيجة ألم شديد، كما يتضح من تعبير وجهها الذي يوحي بالصراخ.

search