الخميس، 19 سبتمبر 2024

07:20 ص

أسواق المال تخلع الرداء الأحمر.. هل تبدّدت مخاوف "الإثنين الأسود"؟

أسواق المال

أسواق المال

حسن راشد

A A

تجاوزت الأسواق العالمية حالة الذعر التي شهدتها، أمس الأول الإثنين، في ظل تزايد المخاوف من احتمال حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة، ما أدى إلى فوضى كبيرة في المشهد الجيوسياسي العالمي، وأثار قلق المستثمرين والمتعاملين في الأسواق، حيث سجلت أحد أسوأ أيام التداول في السنوات الأخيرة، لتعيد إلى الأذهان موجة بيع يوم “الإثنين الأسود” في عام 1987.

أسهمت المخاوف في تراجع الأسواق المالية في آسيا وأوروبا وأمريكا، ما دفع المستثمرين إلى تحويل أموالهم نحو الملاذات الآمنة مثل سندات الحكومة الأمريكية والألمانية، وعكس هذا الذعر رغبة المستثمرين في تجنب العواقب المالية الناتجة عن التراجع المفاجئ في سوق المال، الذي شهد تباطؤًا غير معتاد.

لكن الأسواق خلعت الرداء الأحمر واكتست بالأخضر على مدار جلستي أمس واليوم، لتستعيد بعض الخسائر التي تكبدتها خلال الهبوط الذي اجتاح بورصات العالم، وأدى إلى محو مليارات الدولارات في الأسواق من نيويورك إلى لندن.

وخلال تداولات الأمس، سجل مؤشرا الأسهم الرئيسيان في اليابان زيادة تقارب 11% بعد هبوطهما بأكثر من 12% في اليوم السابق، بينما ارتفع مؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية بأكثر من 3%، وصعدت مؤشرات بورصة وول ستريت الرئيسية الثلاثة بين 0.7% و0.9%.

الأزمة لم تنتهِ

لا يعني الانتعاش أن الأسواق في مأمن، بل يجب على المستثمرين الاستعداد لمزيد من التقلبات بعد عمليات البيع العالمية يوم الاثنين، وفقًا لكبير استراتيجيي الأسهم العالمية في جولدمان ساكس، بيتر أوبنهايمر.

وأضاف أوبنهايمر: "أشعر أن هذا التصحيح، رغم استقراره، لم ينته بعد.. أعتقد أننا سنشهد بيئات متقلبة في الأمد القريب بينما يبدأ المستثمرون في إعادة تقييم الثقة بشأن اتجاه أسعار الفائدة والاقتصاد".

ومع ذلك، لا يعتقد أوبنهايمر، أن التصحيح بالضرورة سلبي للسوق، بل يعتبره صحيًا ولا مفر منه إلى حد ما بعد فترة طويلة دون تراجع.

محو المليارات

وفي تحليل نشرته "فورين بوليسي"، أشار خبير الاقتصاد العالمي، روبن بروكس،  إلى أن الأسواق تتصرف مثل الأطفال، حيث تكون الأمور إما جيدة أو سيئة، ولا تعرف الرمادي.

وأوضح بروكس، أن هذا النزيف في الخسائر يمثل مشكلة كبيرة، حيث يمحو مليارات الدولارات من الثروة الورقية، ما قد يؤثر في معنويات المستهلكين وثقة التصنيع وخلق فرص العمل، وهي عناصر أساسية لاقتصاد قوي.

بيانات سلبية

كانت الأرقام المخيبة للآمال في سوق العمل الأمريكي هي البداية، حيث أشارت إلى احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي بعد سنوات من النمو القوي، كما أن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان بطيئًا في اتخاذ الإجراءات اللازمة، ما جعله تحت ضغط لخفض أسعار الفائدة بشكل سريع.

ولم يكن تقرير الوظائف المخيب هو الخبر السيئ الوحيد؛ فقد أظهرت بيانات الفيدرالي الأمريكي في يوليو بعض الضعف في القروض الاستهلاكية ومبيعات السيارات، وشهد قطاع التكنولوجيا نتائج مخيبة، ما أدى إلى تراجع الأسهم، خاصة في الشركات ذات التقييمات المرتفعة.

وأوضح الخبير الاقتصادي، بين ستيل، أن صعود السوق في العام الماضي كان مدفوعًا بتوقعات مرونة بنك الاحتياطي الفيدرالي واستثمارات الذكاء الاصطناعي، لكن الآن يشعر المستثمرون بالقلق من تأخر البنك في خفض الفائدة.

تزامنت المخاوف الاقتصادية مع حالة من عدم اليقين الجيوسياسي، حيث تتصاعد التوترات في أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، بالإضافة إلى اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وعادة ما تتجه الأموال نحو الملاذات الآمنة مثل السندات الأمريكية والألمانية، لكن العوائد على هذه السندات انخفضت بشكل ملحوظ، ما يشير إلى أن المستثمرين يبحثون عن أمان سريع.

search