الجمعة، 20 سبتمبر 2024

12:52 ص

رحلة "الذهب" من 30 جنيه إلى "3 آلاف وشوية"

محلات الذهب في مصر

محلات الذهب في مصر

ولاء عدلان

A A

"بكام سعر الذهب النهاردة؟"، سؤال يتكرر بشكل شبه يومي في الشارع المصري، منذ أن قرر البنك المركزي المصري تحريك سعر الصرف للمرة الأولى، عقب 5 أعوام من الثبات عند مستويات 15.77 جنيه للدولار، ما أدي لقفزة في المعدن النفيس إلى مستوى اعتبره المتابعون تاريخيا آنذاك حيث وصل إلى ألف جنيه للجرام، في 21 مارس 2022.

بداية العام الجاري سجل سعر جرام الذهب عيار 21، المفضل للمصريين، 1675 جنيهًا في سوق مستقر نسبيا حتى مارس الماضي عندما ارتفع بـ31%، لتبدأ رحلة جديدة من جنون الذهب الذي يرتبط به المصريون منذ أيام الفراعنة ( كان الفراعنة يدفنون الملوك مع ثرواتهم من الذهب) .

مسار صاعد

منذ مطلع مارس 2023 ركبت أسعار الذهب موجة الصعود بلا هوادة، لتسجل اليوم الجمعة مستوى 3045 جنيهًا للجرام عيار 21، بارتفاع يتجاوز 82%، يقول عضو رابطة تجار الذهب أمير رزق، إن هذا الارتفاع في هذا التوقيت له عدة أسباب، أهمها قرار البنك المركزي أمس بتثبيت سعر الفائدة الأمر الذي عزز جاذبية الذهب. 

وأضاف رزق أن الارتفاع في السوق المحلية يأتي بالتزامن مع ارتفاع أسعار الذهب عالميًا، لنشاهد سعر الأوقية يتداول عند 2060 دولارا.

ويتوقع رزق أن يواصل المعدن الأصفر الارتفاع مطلع العام الجديد، حتى في حالة تحريك سعر الصرف، كما هو متوقع. 

واتفق معه خبير الذهب والمدير الإقليمي لإحدى شركات الذهب العاملة في السوق المصرية، أسامة زرعي، مضيفا أن صعود الذهب إلى هذه المستويات القياسية، يعكس حالة إعادة التسعير التي تشهدها السوق منذ فترة في ضوء الفجوة الراهنة بين سعر الدولار الرسمي (30.8 جنيه وفق البنك المركزي) وسعره في السوق الموازية الذي كسر حاجز الـ50 جنيهًا. 

يتوقع زرعي أن تواصل أسعار الذهب تقلباتها الحادة في ظل وجود سعرين للدولار بالسوق واستمرار تراجع قيمة الجنيه، فخلال الـ 23 شهراً الماضية ارتفعت أسعار الذهب بنحو 242%، تزامناً مع هبوط قيمة الجنيه مقابل الدولار بأكثر من 96% وفق بيانات المركزي، ما يكشف عن العلاقة العسكية بين الذهب وقيمة العملة، فكلما تراجعت العملة يرتفع الذهب. 

المصريون اشتروا ذهبًا بـ76.1 مليار جنيه!

 

خلال الشهور الماضية تعززت مخاوف المصريين على «تحويشة العمر» مع تراجع قيمة الجنية بنحو 25% منذ بداية هذا العام ووصول معدلات التضخم لمستويات قياسية في سبتمبر 2023 إذ بلغت 40.3% - وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء - بعد أن كانت 12.1% في مارس 2022 وقت قرار «المركزي» بخفض قيمة الجنيه فأصبح الذهب أحد طرق الاستثمار الآمن. 

واشترى المصريون نحو 25 طنًا خلال الـ9 شهور الأولي من العام الجاري ( قيمتهم وفقا للأسعار الحالية 76.1 مليار جنيه)، مع ارتفاع الطلب على المعدن الأصفر بنسبة 131% منذ بداية تعويم الجنيه، وفقا لبيانات مجلس الذهب العالمي. 

ويرى أمير رزق أن الذهب لا يزال يمثل الاستثمار الآمن لمدخرات المواطنين، لذا ينصح بالشراء وليس البيع حتى مع استمرار ارتفاع الأسعار، مستشهدًا بأن الذهب في أربعينيات القرن الماضي كان الجرام بسعر لا يتجاوز الـ12 قرشًا وصعوده اليوم أعلى الـ3 آلاف يثبت حقيقة أنه ملاذ آمن ومخزن للقيمة. 

 

رحلة الوصول إلى 3045

لرحلة وصول الجرام عيار 21 من سعر ثلاثين جنيها -قبل 25 عامًا- إلى قمة 2800 جنيه المسجلة في22 نوفمبر وقمة اليوم البالغة 3045 جنيهًا، أسباب كثيرة منها: ولع المصريين بالمعدن الأصفر باعتباره مخزونا آمنا للقيمة، وقبل ربع قرن من الآن كان تداول سعر جرام الذهب عيار 21 ما بين 28 إلى 30 جنيهًا دون تقلبات تذكر.

وفي منتصف يوليو 2006 تجاوز سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 100 جنيه تماشيا مع أسعار الذهب العالمية والتي ارتفعت في ذلك الوقت بعد إعلان البنك المركزي الأمريكي تثبيت الفائدة لأول مرة منذ عام 2004.

فاتورة شراء ذهب في مصر تعود للعام 1998

كسر حاجز المئة 

خلال عام 2009 كسرت أسعار المعدن النفيس حاجز المئة جنيه للجرام إلى 150 جنيهًا تزامنًا مع تأثر الأسواق العالمية أثناء تداعيات الأزمة المالية العالمية بسبب تراجع قيمة الدولار، وتداولت أوقية الذهب عند مستويات قياسية تراوحت بين ألف إلى 1200دولار. 

وعام 2014 واصل جرام المعدن الأصفر عيار 21 رحلة الصعود ليقترب من 240 جنيهًا تزامنًا مع تراجع قيمة الجنيه إلى 7.2 جنيه للدولار الواحد (7.8 جنيه للدولار في السوق السوداء وقتها) مقابل مستويات 6.9 جنيه للدولار في ديسمبر 2013.

وخلال الفترة من 2015 إلى 2020 تحرك سعر جرام الذهب عيار 21 في مصر من 255 إلى 820 جنيهًا، نتيجة عدة عوامل أبرزها: ضعف قيمة الجنيه ليتداول الدولار مقابل15.7 جنيها بنهاية ديسمبر 2015 و2020 على الترتيب. 

ومن 2020 وحتى 23 نوفمبر 2023 ارتفع سعر الجرام عيار 21 من  816 جنيهًا إلى 2730 جنيهًا (بزيادة قدرها 234.6%). 

فاتورة لشراء الذهب تعود لعام 2019

فوضى الأسعار 

عن الفوضى في أسعار المعدن الأصفر قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لإحدى منصات تداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت إن أسعار الذهب في مصر تحركها عوامل عدة أهمها: العرض والطلب، وسعر صرف الدولار بالسوق المحلي وتحديدًا السوق الموازية.

وأكد «إمبابي» أن السعر العادل للجرام عيار 21 لا يتجاوز 1725 جنيهًا حال التسعير وفق سعر الدولار لدى البنك المركزي المصري (30.8 جنيه للدولار الواحد)، موضحا أن السوق المحلية تشهد طلبًا مرتفعًا على الذهب لكن غياب بيانات العرض والطلب «الدقيقة» هو ما يعزز ظاهرة فوضى الأسعار، وفق بيان أصدره في 21 نوفمبر الماضي.

search