الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024

12:56 م

بعد رأس الحكمة.. الإمارات تواصل اقتناص الفرص في مصر

مذكرة تفاهم لإنشاء منطقة لوجستية في الحمراء

مذكرة تفاهم لإنشاء منطقة لوجستية في الحمراء

ولاء عدلان

A A

وقعت مصر والإمارات، أمس، مذكرة لإنشاء منطقة لوجستية لتداول المنتجات البترولية في ميناء الحمراء على البحر المتوسط غرب الإسكندرية، في وقت تواصل فيه المفاوضات لإقامة منطقة صناعية إماراتية بمحافظة بورسعيد.

ويأتي هذا استمرارا لتدفق الاستثمار الإماراتي بقوة باتجاه السوق المصرية منذ توقيع صفقة رأس الحكمة نهاية فبراير الماضي.

رأى مدير عام مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، عادل عامر، أن صفقة رأس الحكمة جاءت في توقيت شديد الحساسية بالنسبة للاقتصاد المصري الذي واجه ضغوطا على مدار العامين الماضيين نتيجة لتراجع مستويات احتياطي النقد الأجنبي، ضاعف من تأثيرها اندلاع شرارة حرب غزة في أكتوبر الماضي وما تبعها من توترات في البحر الأحمر أضرت بإيرادات قناة السويس. 

أكبر صفقة

وأضاف عامر أن صفقة رأس الحكمة التي جاءت بقيمة 35 مليار دولار لتصبح أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ الدولة، تعكس العلاقات الوطيدة بين مصر والإمارات وكذلك ثقة الأخيرة في الاقتصاد المصري وقدرته على عبور الأزمات، وشدد على أن مصر لديها العديد من الفرص الاستثمارية الجاذبة وتحديدا في قطاعات السياحة والتنمية العمرانية والصناعة والطاقة. 

وتوقع أن تستقطب مصر المزيد من الاستثمارات الإماراتية والخليجية عموما خلال الفترة المقبلة، مدفوعة بعدة عوامل أبرزها تحسن بيئة الاستثمار في أعقاب قرار تحرير سعر الصرف والتوصل لاتفاق مع صندوق النقد لزيادة قيمة القرض الممنوح لمصر من 3 إلى 8 مليارات دولار الأمر الذي ساهم في منح الاقتصاد المصري ما يشبه شهادة الثقة لدى المستثمرين الأجانب تحديدا.

وأوضح أن المستثمر الأجنبي قبل قرار تحرير سعر الصرف كان يبدي ترددا في الدخول للسوق المصرية نظرا لوجود أكثر من سعر للدولار أم الآن فالمشهد أختلف وباتت الأوضاع الاقتصادية تميل نحو التحسن والاستقرار، لاسيما في ظل توجه الدولة لزيادة مشاركة القطاع الخاص ضمن التزامها بوثيقة سياسة ملكية الدولة وتنفيذ برنامج الطروحات الأمر الذي يدفع باتجاه توقيع المزيد من الصفقات الناجحة مع الدول الخليجية استثمارا للتاريخ الطويل من العلاقات الطيبة معها. 

جانب من لقاء سابق بين وزير الصناعة الفريق كامل الوزير ومدير الديوان الأميري بإمارة الفجيرة 

3 مليارات دولار جديدة

أعلنت الحكومة المصرية أمس توقيع مذكرة تفاهم مع دولة الإمارات ممثلة في مدير الديوان الأميري بإمارة الفجيرة محمد سعيد الضنحاني،  للاستفادة من المنظومة المتكاملة بمنطقة الفجيرة البترولية، وتطبيقها بميناء الحمراء الواقع غرب الإسكندرية على ساحل البحر المتوسط. 

وتشمل المذكرة إنشاء منطقة لوجستية جديدة في ميناء الحمراء عن طريق ضخ استثمارات قد تصل إلى 3 مليارات دولار قابلة للزيادة، وتقدم المذكرة ميزة تنافسية للهيئة المصرية العامة للبترول من خلال إمكانية توريد منتجات بترولية من الفجيرة إلى السوق المحلية انطلاقا من الشراكات الموجودة لدى شركة الفجيرة مع الموردين العالميين من شركات النفط والغاز، وجرى الاتفاق على تشكيل فريق عمل مشترك بين الجانبين المصري والإماراتي لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاقية وتذليل أي معوقات.

ومن المتوقع أن تبدأ الأعمال الإنشائية المرتبطة بالمنطقة اللوجستية الجديدة خلال العام المقبل، على أن تستغرق قرابة 3 أعوام، يشار إلى أن ميناء الفجيرة الإماراتي يعد الثاني عالميا ضمن قائمة أكبر موانئ تخزين وتداول النفط الخام والمنتجات البترولية. 

شهد يوم أمس أيضا، اجتماعا بين نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل الفريق كامل الوزير، مع وفد وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتية لبحث مستجدات المفاوضات الجارية بين الجانبين بشأن إقامة منطقة صناعية إماراتية بمنطقة شرق بورسعيد، بهدف خدمة احتياجات السوق المحلية والتصدير للأسواق الخارجية. 

وأوضح الفريق كامل الوزير خلال الاجتماع أن هذه المنطقة ستضم مشروعات لإنتاج الطاقة الشمسية ومصنع لإنتاج مستلزمات إنتاج طاقة الرياح فضلا عن مجمع لتصنيع الألومنيوم ومحطات معالجة لمياه الصرف الصحي وتحلية لمياه البحر، مشيرا إلى أن السوق المصرية تزخر بالفرص الاستثمارية المتاحة أمام المستثمرين الإماراتيين في مشروعات عديدة تشمل صناعات الألومنيوم والكلادينج والسيارات والأخشاب.  

 

استثمارات الإمارات في مصر

وقال الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، جمال بن سيف الجروان، في تصريح سابق، إن صفقة رأس الحكمة عكست مستوى الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات ومصر والتزامهما بتعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية الثنائية، موضحا أن الإمارات تأتي في مقدمة الدول المستثمرة في مصر ولديها استثمارات تقدر بقرابة 65 مليار دولار ونحو 2000 شركة تعمل في السوق المصرية وتغطي مختلف المجالات.

وتضاف "رأس الحكمة" إلى سلسلة من الصفقات الاستراتيجية بين مصر والإمارات، أبرزها اتفاقية امتيار لمدة 30 عاما جرى توقيعها خلال ديسمبر 2023 بين هيئة الموانئ البحرية ومجموعة موانئ أبو ظبي، لتطوير محطة متعددة الأغراض في ميناء سفاجا، هذا فضلا عن أن الإمارات منذ 2022 برزت كمستثمر استراتيجي في برنامج الطروحات، إذ اقتنصت أكبر صفقة جرى تنفيذها عن طريق شركة القابضة التي استحوذت في مارس 2022 على حصص الحكومة في 5 شركات بقيمة 2 مليار دولار ، وهذه الشركات هي البنك التجاري الدولي، وشركة مصر لإنتاج الأسمدة، وفوري للمدفوعات الإلكترونية، وأبو قير للأسمدة، والإسكندرية لتداول الحاويات.

وفقا لبيانات البنك المركزي استقطبت مصر استثمارات عربية بنحو 2.5 مليار دولار خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2023، وباحتساب التدفقات المباشرة لصفقة رأس الحكمة البالغة 24 مليار دولار من المتوقع أن يتجاوز إجمالي الاستثمارات العربية الواردة لمصر عن مجمل العام المالي 2023-2024 عتبة الـ26.5 مليار دولار بدون احتساب أي استثمارات بخلاف رأس الحكمة خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2024.

وقفزت  الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر خلال العام المالي 2021-2022 إلى نحو 5.7 مليار دولار من 1.4 مليار دولار خلال 2020-2021، مسجلة نموا بأكثر من 300%، وتغطي هذه الاستثمارات غالبية القطاعات، ويستحوذ قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على الحصة الأكبر حتى الآن بواقع 55 شركة، أبرزها شركة (إي آند) -اتصالات سابقا-، يليه قطاع التمويل بنحو 49 شركة مؤسسة.

search