الجمعة، 22 نوفمبر 2024

12:38 ص

بعد انهيار سياسي.. بنجلاديش تستنجد بصندوق النقد الدولي

الاقتصاد البنغلاديشي

الاقتصاد البنغلاديشي

محمود كمال

A A

يشهد الاقتصاد البنجلاديشي انهيارًا متسارعًا نتيجة لتراكم الأزمات السياسية والمالية في البلاد، بعد الاحتجاجات الطلابية التي تحولت إلى انتفاضة جماهيرية عارمة اجتاحت جميع أنحاء البلاد، للاعتراض على نظام تخصيص بعض الوظائف العامة لأقارب أبطال الحرب الذين قاتلوا من أجل استقلال البلاد عن باكستان في عام 1971.

 وبعد سنوات من النمو الاقتصادي السريع، تواجه بنجلاديش ضغوطًا شديدة تفاقمت بعد الاحتجاجات مع تراجع احتياطيات النقد الأجنبي، وارتفاع معدلات التضخم، وتصاعد الديون الخارجية. 

وفي خضم هذا الانهيار، اضطرت الحكومة إلى طلب مساعدات مالية عاجلة من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لمحاولة احتواء الأزمة الاقتصادية المستفحلة

وتسعى بنجلاديش للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، لتصبح أحدث دولة في جنوب آسيا تطلب المساعدة، حيث تتآكل احتياطاتها من النقد الأجنبي بسبب ارتفاع تكلفة النفط.

وأكد متحدث باسم صندوق النقد الدولي عبر البريد الإلكتروني، أن حكومة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة قد قدمت طلبًا رسميًا للمساعدة المالية إلى الصندوق، حيث وأفادت صحيفة "ديلي ستار" بأن بنجلاديش تطلب قرضًا بقيمة 4.5 مليار دولار.

وأشار الصندوق الدولي بعد زيارة فريقه إلى البلاد، إلى استعداده لدعم بنجلاديش، وأنه سيتم التفاوض مع السلطات بشأن تفاصيل البرنامج.

وانخفض احتياطي النقد الأجنبي في بنجلاديش إلى 39.79 مليار دولار في 13 يوليو، بعدما كان 45.33 مليار دولار قبل عام، وهو ما يغطي واردات البلاد لمدة أربعة أشهر تقريبًا، وهو معدل أعلى قليلاً من الحد الأدنى الذي يوصي به صندوق النقد الدولي.

رفع أسعار الوقود 50%

وفي خطوة لتخفيف عبء الدعم الحكومي، رفعت بنجلاديش أسعار الوقود بنحو 50% يوم السبت، ما يزيد من الضغط على معدلات التضخم التي تجاوزت بالفعل 7%.

وعلى الرغم من أن اقتصاد بنجلاديش، الذي يبلغ حجمه 416 مليار دولار، كان واحداً من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم لسنوات، إلا أن ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية زاد من فاتورة الواردات، ما اضطر الحكومة إلى السعي للحصول على قروض من وكالات دولية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي.

ذكرت وزارة الطاقة والموارد المعدنية في بنجلاديش، أن أسعار البنزين ارتفعت بنسبة 51.2% إلى 130 تاكا (1.38 دولار) للتر، بينما زادت أسعار بنزين 95 أوكتان بنسبة 51.7% إلى 135 تاكا، وارتفع سعر السولار والكيروسين بنسبة 42.5%.

وأوضحت الوزارة أن هذه الزيادة في أسعار الوقود كانت ضرورية بسبب ظروف السوق العالمية، حيث تكبدت شركة بترول بنجلاديش، التي تديرها الدولة، خسائر تجاوزت ثمانية مليارات تاكا (85 مليون دولار) في مبيعات النفط خلال الأشهر الستة حتى يوليو.

رفع أسعار الوقود 50% في بنجلاديش

التصنيف الائتماني ينزلق 

أفادت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني بأن الأزمة السياسية في بنجلاديش زادت من احتمالات تدهور النمو الاقتصادي والأداء المالي والمؤشرات الخارجية للبلاد.

وفي بيان صدر يوم الأربعاء، أوضحت الوكالة أن "تأثير الأزمة على المؤشرات الائتمانية قد يكون محدودًا إذا استعادت البلاد استقرارها الاجتماعي والسياسي قريبًا" بعد هروب واستقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة.

وعلى الرغم من انخفاض الاحتياطيات النقدية، أشارت "ستاندرد آند بورز" إلى أنها لا تتوقع ضغوطًا كبيرة على التصنيفات الائتمانية في الوقت الحالي.

استقالة محافظ بنك بنجلاديش

واستقال محافظ بنك بنجلاديش عبد الرؤوف تالوكدر، بعد أيام من اقتحام متظاهرين لمقر البنك في خضم اضطرابات سياسية، قبل عامين من انتهاء ولايته.

تأتي استقالة "تالوكدر" في أعقاب اضطرابات سياسية أجبرت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة على التنحي والهروب من البلاد.

في ضوء ذلك، تم تشكيل حكومة مؤقتة برئاسة الحائز على جائزة نوبل محمد يونس، بعد احتجاجات عنيفة أدت إلى مقتل أكثر من 400 شخص منذ يوليو، حسب تقارير محلية.

وتولى تالوكدر منصبه في يوليو 2022، في وقت كانت فيه بنجلاديش تواجه تحديات من انخفاض قيمة العملة وارتفاع التضخم، وعلى الرغم من محاولاته لإدارة العملة وجعل أسعار الفائدة أكثر مرونة، إلا أنه واجه انتقادات لفشله في معالجة قضايا الحوكمة في القطاع المصرفي التي أسهمت في ارتفاع معدلات التخلف عن سداد القروض.

ولا يزال اقتصاد بنجلاديش يعاني منذ جائحة كورونا، متأثرًا بحظر التجول وانقطاع الإنترنت في الآونة الأخيرة. 

وعلى الرغم من الحصول على قرض بقيمة 4.7 مليار دولار من صندوق النقد الدولي العام الماضي، إلا أن احتياطيات النقد الأجنبي ما زالت منخفضة، حيث تراجعت إلى 20.5 مليار دولار في يوليو.

عبد الرؤوف تالوكدر محافظ بنك بنجلاديش

مساعدات إضافية من البنك الدولي

تسعى بنجلاديش الآن للحصول على مساعدات إضافية من البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، وفقًا لمصادر مطلعة.

وقدمت الحكومة طلبات رسمية للمقرضين للحصول على دعم مالي بقيمة مليار دولار لكل منهما لمواجهة تأثيرات الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة.

تأتي هذه التحركات بعد طلب بنجلاديش قرضًا من صندوق النقد الدولي، كإجراء وقائي لدعم احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد، وسط مخاوف من تدهور الوضع الاقتصادي. 

وفي الوقت نفسه، تجري سريلانكا وباكستان محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قروض لمواجهة أزماتهما الاقتصادية.

وفي مؤتمر صحفي عقد في “دكا” في 27 يوليو، أكد وزير المالية البنجلاديشي أحمد مصطفى كمال، أن بلاده ستطلب المساعدة من البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي.

وسجل العجز التجاري في بنجلاديش مستوى قياسي بلغ 33.3 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في يونيو.

وأشارت مصادر إلى أن الحكومة وبنك التنمية الآسيوي يجريان محادثات أولية حول تمويل أربعة مشاريع على الأقل، بما في ذلك قرض بقيمة 250 مليون دولار لتعافي الاقتصاد من آثار الجائحة.

من المتوقع أن يتم دعم مشروع آخر لإعادة بناء المناطق الشمالية الشرقية التي دمرتها الفيضانات بقروض قد تصل إلى 250 مليون دولار، وما تزال المحادثات بين الحكومة وبنك التنمية الآسيوي مستمرة دون تفاصيل إضافية.

search