الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024

02:05 م

تحول "اليوان" الكبير.. هل خلعت الصين "عباءة الدولار"؟

الصين تحاول التخلي عن الدولار

الصين تحاول التخلي عن الدولار

محمود كمال

A A

يشهد المشهد المالي العالمي تحولاً تدريجياً، يتجسد في مفهوم "التخلي عن هيمنة الدولار"، وهو مصطلح يعبر عن تقليص الاعتماد على العملة الأمريكية في التجارة والتمويل الدوليين.

على الرغم من أن هذه العملية كانت تتقدم ببطء على مدار السنوات، إلا أنها اكتسبت زخماً في الآونة الأخيرة، مع تزايد اعتماد الصين على عملتها الوطنية، اليوان (أو الرنمينبي)، في المعاملات عبر الحدود، وفقاً لتقرير حديث من منصة "أويل برايس".

وتوضح "أويل برايس" أن الصين كانت تعتمد تاريخياً، مثل العديد من الدول الأخرى، بشكل كبير على الدولار في تجارتها الدولية، وفي عام 2010 كانت أقل من 1% من المدفوعات عبر الحدود في الصين تُسوى باليوان، بينما كان 83% منها بالدولار.

لكن مع مرور الوقت، وتحديداً في مارس 2023، تجاوز اليوان الدولار لأول مرة في تسويات التجارة الصينية، وبحلول مارس 2024، بلغت نسبة المدفوعات الصينية التي تُجرى باليوان 52.9%، ما يمثل تحولاً كبيراً خلال خمس سنوات فقط، وفقاً لتقرير "أويل برايس".

ويعزى هذا التحول إلى عوامل متعددة، بما في ذلك تزايد رغبة الشركات الأجنبية في التجارة باليوان لتقليل تعرضها للدولار، إذ بدأت دول مثل البرازيل والأرجنتين في قبول اليوان في تجارتها، ما عزز استخدامه على المستوى الدولي.

استخدام اليوان في التجارة

وكان للحكومة الصينية والبنك المركزي الصيني (بنك الشعب الصيني) دور رئيسي في هذا التحول، حيث نفذا سياسات لتسهيل استخدام اليوان في التجارة والاستثمار عبر الحدود.

ورعلى الرغم من صعود اليوان، فإن رحلة التخلي عن هيمنة الدولار لم تكن خالية من التحديات، حيث في عامي 2015 و2016، واجهت الصين مضاربات منظمة على عملتها، مما دفع بنك الشعب الصيني للتدخل لدعم استقرار اليوان.

وأدت هذه الأزمة إلى إعادة تقييم الصين لاستراتيجيتها المتعلقة بالتخلص من هيمنة الدولار، إذ اتبعت نهجاً أكثر حذراً بعد أن كانت تسعى للتوسع بسرعة. 

وقد أولت الحكومة الأولوية لنظم تسوية التجارة باليوان، وشددت على مراقبة رأس المال لمنع تدفقات النقد الخارجة الزائدة، مما وفر حماية أكبر للاقتصاد، لكنه أبطأ من وتيرة العالمية التي كان يسعى إليها اليوان.

عملة اليوان الصيني

على الرغم من أن التخلص من هيمنة الدولار يتم بشكل تدريجي، إلا أن لهذا التحول تأثيرات كبيرة على النظام المالي العالمي، حسب "أويل برايس". 

ويؤدي تقليل الاعتماد على الدولار إلى إعادة توزيع القوة الاقتصادية والنفوذ على المستوى العالمي، ومع ذلك، يظل الدولار العملة المهيمنة في سوق الصرف الأجنبي، إذ مثل 88.5% من جميع المعاملات في عام 2022.

وفي الوقت نفسه، يمثل اليوان، بحصة تبلغ 7%، العملة الأسرع نمواً في سوق الصرف الأجنبي، مما يشير إلى قبوله المتزايد، خصوصاً في التجارة مع الصين.

وعلى الرغم من أن التخلص الكامل من هيمنة الدولار قد لا يكون وشيكاً، إلا أن صعود اليوان يمثل تحولاً جوهرياً في المالية العالمية. 

وتواصل الصين جهودها لتعزيز استخدام اليوان في المعاملات الدولية وتطوير البنية التحتية اللازمة لذلك، ما يشير إلى أن اليوان سيضطلع بدور متزايد في التجارة والتمويل العالميين، ومع ذلك، تظل هناك تحديات قائمة، مثل ضوابط رأس المال الصارمة والقلق بشأن استقرار اليوان على المدى الطويل.

مبادلة الديون بالعملة المحلية 

وفي أكتوبر الماضي، وافقت الصين على تنفيذ برنامج لمبادلة الديون مع مصر، وذلك للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدين. 

وأعلنت شركات صينية عن استثمارات تتجاوز 15 مليار دولار في مجالات إنتاج الوقود الأخضر والتصنيع، فضلاً عن تقديم تمويلات ميسرة لتنفيذ المرحلتين الثالثة والرابعة من مشروع القطار الكهربائي الخفيف.

وجاءت هذه الاتفاقيات بعد أن طرحت مصر سندات "باندا" بقيمة 3.5 مليار يوان صيني، ما يعادل حوالي 478 مليون دولار أمريكي. 

search