الخميس، 21 نوفمبر 2024

11:46 م

توترات جيوسياسية.. "رائحة البارود" هل تقفز بالدولار إلى 55 جنيهًا؟

الجنيه المصري موضوعا على خلفية من الدولارات

الجنيه المصري موضوعا على خلفية من الدولارات

ولاء عدلان

A A

شهد سعر الدولار مقابل الجنيه، منذ مطلع أغسطس الجاري، تقلبات ملحوظة قادته إلى تسجيل أعلى مستوياته منذ نهاية مارس الماضي، ما دفع شركة الأبحاث "بي إم آي" التابعة لمؤسسة “فيتش سوليوشنز” إلى إصدار توقعات أكثر تشاؤمًا بشأن سعر الصرف.

“فيتش” قالت في مذكرة هذا الأسبوع، إنها تتوقع حاليًا أن يتحرك سعر الدولار في نطاق بين 47.9 جنيه و49.5 جنيه خلال العام المالي الحالي، وقد يرتفع إلى 55 جنيهًا حال اتساع رقعة التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.

وتأتي هذه المخاوف الاقتصادية، نتيجة الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على خلفية رائحة البارود التي لم تهدأ في غزة من اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ أكتوبر 2023، وسط مخاوف من اتساع دائرة الحرب إقليميًا، خصوصًا حال انخراط إيران في أتون الحرب.

توقعات وليست مسلمات

واعتبر الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، أن توقعات المؤسسات الدولية لا يجب التعامل معها على أنها مسلمات قد تحدث بالفعل، لا سيما أن جميع المؤشرات في الوقت الراهن تدحض احتمالية أن نشهد تراجعًا كبيرًا في قيمة الجنيه مقابل الدولار.

السيناريو الأكثر تشاؤما

وأوضح خطاب أن الجنيه من المرجح أن يستمر في حركته مقابل الدولار داخل نطاق يدور في حدود جنيه واحد صعودًا وهبوطًا حتى نهاية العام الحالي، وهذا طبيعي في ظل آليات العرض والطلب. 

وأضاف قد نشهد ارتفاعا للجنيه واستقرارا واضحا لسعر الصرف إذا نجحت الجهود الحالية في التوصل إلى تهدئة في قطاع غزة، الأمر الذي سينعكس إيجابا على مصر إذ سيعني بالتبعية تحسن النظرة المستقبلية للوضع الاقتصادي، لا سيما حال توقف هجمات الحوثي في البحر الأحمر.

وأضاف أن السيناريو الأكثر تشاؤما لسعر الصرف يظل مرتبطا بتطور التوتر الإيراني الإسرائيلي باتجاه حرب أوسع نطاقا، وهنا فقط قد نرى تراجعا ملحوظا للجنيه، موضحا أن مصر كغيرها من بلدان المنطقة ستتأثر حال حدوث هذه الحرب لفترة لكنها ستعاود التعافي تدريجيا إذ اثبتت الفترة الماضية قدرتها على التكييف مع الصدمات الخارجية.

يشار إلى أن سعر صرف الدولار ارتفع بواقع 20 قرشا خلال منتصف تعاملات يوم 31 يوليو 2024 ليسجل 48.7 جنيهًا على وقع تصاعد خطر التوترات العسكرية في الشرق الأوسط تزامنًا مع إعلان حركة حماس عن اغتيال رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، وبعدها بقرابة 5 أيام فقط قفز بواقع 70 قرشًا ليتجاوز مستوى 49.6 جنيهًا، لأول مرة منذ مارس الماضي، تزامنا مع خروج قرابة 7% من الاستثمارات الأجنبية من أذون الخزانة المصرية الأمر الذي شكل طلبا مرتفعا على الدولار.

استاذ الاقتصاد بكلية تجارة جامعة قناة السويس أحمد خطاب

 
العرض والطلب

وأشار خطاب إلى أن الأموال الساخنة (الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين والأسهم) لا يفضل الإفراط في الاعتماد عليها، كونها تتخارج بسهولة من الاقتصاد ولا تؤدي إلى استثمار حقيقي بقدر ما تشكل عبئا على الدولة ومن هنا نراها في وقت الأزمات وتصاعد المخاطر الجيوسياسية تخرج من السوق بسهولة. 

وأوضح عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، محمد أنيس، أن السعر التوازني لـ"الدولار" الذي تحدده قوى العرض والطب منذ صدور قرار تحرير سعر الصرف في 6 مارس الماضي، يدور في نطاق 5% صعودا أو هبوطا ومن المتوقع أن يواصل هذا الأداء حتى نهاية العام الحالي، ما يعني أن نطاق سعر الصرف من مارس 2024 حتى يناير 2025 مرجح أن يظل بين 46 و50 جنيها. 

وأضاف من الطبيعي أن نشاهد ارتفاعات قوية لحظية نتيجة للضغوط الجيوسياسية، وكذلك أي تهدئة ستنعكس إيجابا على حركة الجنيه مقابل الدولار. 

وتتوقع فيتش في حال التوصل لتهدئة في غزة وتراجع المخاطر الأمنية في البحر الأحمر أن يرتفع الجنيه مقابل الدولار ليتداول الأخير في نطاق بين 46.5 و48.5 جنيه، وذلك مقابل توقعاتها السابقة بأن يغلق الدولار العام الحالي عند مستويات 47.5 جنيه. 

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي محمد أنيس


سيولة دولارية مرتفعة

وواصل الجنيه تعافيه خلال تعاملات اليوم ليتداول الدولار في بعض البنوك دون مستوى 49 جنيها، بعد أن تراجع بقرابة 38 قرشا خلال تعاملات أمس، مدفوعا بعودة شهية المستثمرين الأجانب لأذون الخزانة المصرية تزامنا مع رفع البنك المركزي للعائد على الأذون لأكثر من 28% لأول مرة منذ مارس الماضي. 

ويتوقع بنك “ستاندرد تشارترد”، ارتفاع الجنيه مقابل الدولار إلى مستوى 45 جنيها بنهاية 2024، وهو ذات المستوى الذي تتوقعه موازنة مصر للعام المالي الحالي، أما مؤسسة كابيتال إيكونوميكس فترى أن الدولار سينهي العام عند مستوى 49 جنيها. 

ورأى الخبير المصرفي هاني العراقي أن الجنيه سيواصل التعافي خلال الفترة المقبلة ليتراوح سعر صرف الدولار بين 47 و48 جنيها، مدعوما بارتفاع مستويات السيولة الدولارية في القطاع المصرفي وارتفاع الاحتياطي الأجنبي إلى مستوى قياسي يسمح للبنك المركزي بالتدخل في أي وقت لإعادة الاستقرار لأسعار الصرف حال حدوث أي تقلبات عنيفة. 

الخبير المصرفي هاني العراقي

وفقا لتقرير فيتش، الحكومة المصرية تدخلت لدعم الجنيه في 15 أبريل الماضي وكذلك في 5 أغسطس الحالي لمنع التقلبات العنيفة في سوق الصرف تزامنا مع ارتفاع وتيرة التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، الأمر الذي ساهم في تراجع الدولار ليعود صوب مستوى 49.2 دولار حاليا.

وأكدت فيتش أن السلطات المصرية يمكنها التدخل لدعم العملة حال حدوث أي صدمات قصيرة الأجل بفضل ارتفاع الاحتياطي الأجنبي للدولة، الذي ارتفع إلى 46.5 مليار دولار بنهاية يوليو الماضي من مستوى 35.2 مليار دولار في ديسمبر 2023، وفي تصريح سابق لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أكد أن الحكومة مولت تخارج الأجانب من السوق المصرية خلال تعاملات الإثنين 5 أغسطس دون تأثير على هذا الاحتياطي الأمر الذي عكسته مرونة سعر الصرف.

search