الخميس، 19 سبتمبر 2024

08:42 م

المصانع المتعثرة على طاولة الحكومة.. هل تعود التروس للدوران؟

أحد المصانع المصرية

أحد المصانع المصرية

ولاء عدلان

A A

وضعت الحكومة الجديدة، قطاع الصناعة على رأس أولوياتها، وذلك بفتح ملف المصانع المتعثرة لا سيما تلك التي تعثرت نتيجة للأزمة الاقتصادية التي عصفت بالدولة على مدار العامين الماضيين، مما أثار التساؤل، فهل تعود تروس ماكينات الإنتاج للدوران قريبا. 

رأى عضو مجلس الأعمال المصري الكندي الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، أن اهتمام الحكومة بملف الصناعة عموما كان واضحا منذ وقع الاختيار على شخصية مشهود لها بالنجاح والإنجاز مثل كامل الوزير لتولي هذه الحقيبة بعد فصلها عن التجارة الخارجية، مشددا على أن الصناعة تُعد عصب التنمية الاقتصادية. 

دعم ضروري

وأضاف خطاب في تصريحات لـ"تليجراف مصر" أن دولة مثل تايوان لولا الصناعة ما ذاع صيتها في الوقت الحالي كواحدة من الدول المؤثرة عالميا؛ فالجميع حاليا يشهد للصناعة التايوانية بعد أن كانت محل سخرية في الستينيات من القرن الماضي، لذا من الضروري أن توجه الدولة كافة طاقتها لدعم الصناعة والمصانع المتعثرة كونها طاقات إنتاجية معطلة. 

وأشار إلى أن من أهم التحديات الراهنة التي تواجه المصنعين تراجع قيمة العملة وارتفاع تكاليف الإنتاج وأسعار المواد الخام وكذلك ارتفاع تكاليف التمويل، الأمر الذي يستلزم دعم أكبر للقطاع.       

وأعرب عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، محمد البهي، عن تفاؤله بحراك إيجابي في ملف دعم الصناعة لا سيما في وجود شخصية كـ كامل الوزير على رأس الوزارة مشهود لها بالحزم الأمر الذي من شأنه القضاء على البيروقراطية التي يعاني منها المصنعين عند إنجاز الإجراءات الحكومية كالتراخيص وغيره، لافتا إلى أن الوزير يحرص على الاجتماع بصورة دورية مع المستثمرين واتحاد الصناعات والسماع إلى المشكلات والتعامل معها بشكل فوري. 

وأكد البهي لـ"تليجراف مصر" أن مشكلة المصانع المتعثرة ستتطلب وقتا لحلها نظرا لعدم وجود إحصاء بعدد هذه المصانع وتعدد أسباب التعثر وأشكاله بما يفرض التعامل مع كل حالة على حدى، موضحا أن التعثر قد يكون جزئيا بمعنى أن المصنع لا يزال يعمل لكن بنسبة 10 أو 20% من طاقته الإنتاجية، وقد يكون التعثر كليا كالتوقف عن الإنتاج بشكل تام أو حتى التوقف في مرحلة الإنشاءات الأولية نتيجة التعثر المالي. 

الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد خطاب

أسباب تعثر المصانع 

قبل أيام، كشف رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن خطة الحكومة للنهوض بقطاع الصناعة تستهدف اتخاذ إجراءات سريعة وقابلة للتنفيذ تركز على 3 محاور هي إعادة تشغيل المصانع المتعثرة أو المتوقفة نتيجة لتحديات اقتصادية خارجة عن سيطرة أصحابها، وثانيا تعزيز بيئة الاستثمار الصناعي وجذب استثمارات المحلية جديدة للقطاع، وثالثا تحسين جودة المنتجات وزيادة تنافسيتها.

خلال العام الماضي، قدر اتحاد الصناعات، عدد المصانع المتوقفة عن العمل بقرابة 13 ألفا فيما يتجاوز عدد المصانع المتوقفة عتبة الـ7 آلاف مصنع، وضمن مساعي التعامل مع هذا الملف، وجه نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، الفريق كامل الوزير، خلال يوليو الماضي بمنح أصحاب المصانع المتعثرة مدد إضافية حتى 18 شهرًا لتقنين أوضاعهم فيما يتعلق بالمدة القانونية لإنشاء المصانع على الأراضي المخصصة لهم من الدولة.

وأشاد محمد البهي بحرص الوزارة على حلحلة مشاكل المصنعين، موضحا أن أزمة تعثر المصانع بدأت ككرة الثلج منذ أن قرر البنك المركزي تطبيق نظام الاعتمادات المستندية في فبراير 2022، الأمر الذي أثقل كاهل المصنعين والمستوردين وتسبب في أزمة في مستلزمات الإنتاج المستوردة ومن ثم عرقلة عملية الإنتاج الصناعي، إذ كان المركزي يلزم المستورد بفتح اعتماد بكامل قيمة الشحنة المستوردة بالدولار في ظل أزمة شح السيولة الدولارية ونشاط السوق الموازية للعملة.

وأشار إلى أن قرار تفعيل العمل بالاعتمادات المستندية دفع بعض المصانع الصغيرة والناشئة إلى إغلاق أبوابها مع ارتفاع تكاليف التشغيل وعدم قدرتها على الاستمرار في ظل ارتفاع تكلفة توفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج المستوردة. 

وتابع أن من العوامل الأخرى التي ساهمت في الضغط على قطاع الصناعة خلال العامين الماضيين مع وجود أكثر من سعر للدولار الأمر الذي دفع مصانع لخفض إنتاجها أو حتى التوقف عن العمل تجنبا للخسارة، إذ واجه بعضها صعوبة في تمرير الزيادة غير المبررة في تكاليف التشغيل والإنتاج للمستهلك، والمثال الأوضح على هذا مصانع الأدوية إذ تخضع منتجاتها للتسعيرة الجبرية من الدولة، لذا بعضها لجأ إلى التوقف سواء بشكل كلي أو جزئي.

عضو اتحاد الصناعات محمد البهي 

ارتفاع أسعار الفائدة

واستطرد البهي: "إذا كانت أزمة الدولار قد انتهت حاليا، فلا يزال قطاع الصناعة يعاني من ارتفاع تكلفة التمويل وعدم قدرة غالبية المصانع على الاقتراض بالفائدة العادية التي تتجاوز 28%"، مشيرا إلى أن المصانع والشركات الناشئة تحديدا تكون أكثر عرضة للتعثر المالي بفعل ارتفاع الفائدة. 

واعتبر أن المبادرة التي أطلقتها الحكومة مطلع هذا العام لتقديم تسهيلات ائتمانية للقطاع الصناعي بفائدة لا تزيد عن 15% غير كافية، وتعد أيضا مرتفعة التكلفة– بحسب تعبيره- في ظل تراجع قيمة العملة وارتفاع تكاليف التشغيل ومستلزمات الإنتاج، لافتا إلى أنه تقدم بمقترح بتحويل جانب من القروض الخارجية الميسرة لصالح بنك التنمية الصناعية ليقوم بدوره بإقراضها للمصنعين بفائدة منخفضة. 

وشدد البهي على أن ارتفاع أسعار الفائدة يعد تحديا أمام جهود حل مشكلة المصانع المتعثرة، موضحا أن أهمية قطاع الصناعة تنطلق من كونه الأكثر ارتباطا بغالبية قطاعات الاقتصاد، كما أن دعمه وتطويره وزيادة نسبة مشاركته في الناتج القومي يعد ضرورة في ظل الأزمات المتكررة التي تضرب سلاسل الإمداد العالمية وحاجة الدولة لخفض فاتورة الواردات وزيادة حصيلة الصادرات على نحو يدعم الاقتصاد الوطني. 

تسعى الحكومة لزيادة نسبة مشاركة الصناعة في الاقتصاد إلى 20% من 16% حاليا، كما تسعى لزيادة الإنتاج الصناعي إلى 5.7 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2026 من قرابة 4.3 تريليون جنيه خلال العام المالي الماضي. 

search