الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

10:37 ص

أمريكا تقول "حان الوقت".. هل تخفض مصر أسعار الفائدة؟

مبنى البنك المركزي المصري

مبنى البنك المركزي المصري

ولاء عدلان

A A

"لقد حان الوقت لتغيير السياسة النقدية".. بهذه الكلمات منح رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، أخيرا الضوء الأخضر لبدء خفض أسعار الفائدة الأمريكية اعتبارا من سبتمبر المقبل. فهل يسير المركزي المصري على خطى أكبر البنوك المركزية في العالم؟

وقال باول خلال خطابه أمس في ندوة جاكسون هول، التي ينظمها الفيدرالي سنويا، إن أسوأ التشوهات الاقتصادية المرتبطة بجائحة كورونا بدأت تتلاشى فقد انخفض معدل التضخم بشكل كبير ولم تعد سوق العمل محمومة، ما يجعلنا نقول إن الوقت قد حان لتعديل السياسة ووتيرة خفض الفائدة تعتمد على البيانات الواردة وموازنة المخاطر.

متى يبدأ المركزي خفض الفائدة؟

رجح عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي محمد أنيس، أن يتجه الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) خلال اجتماعه المقرر في 17 و18 سبتمبر المقبل لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، لافتا إلى أن المركزي المصري لن يقدم على خفض الفائدة قبل الفيدرالي، خشية حدوث ضغط أكبر على الجنيه.

وأضاف أنيس في تصريح لـ"تليجراف مصر" أن المركزي  المصري يجب أن يتوخى الحذر في خفض الفائدة ليتأكد أولا من تمرير الإصلاحات الاقتصادية بما فيها زيادة أسعار غالبية الخدمات بدون ضغوط تضخمية يمكن أن تتصاعد حال التسرع في خفض الفائدة. 

وأشار إلى أن قرارات زيادة أسعار البنزين والسولار والكهرباء ستدفع معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة لارتفاع ملحوظ على أساس شهري فيما قد تصل بالمعدل السنوي للتضخم إلى 30% قبل أن يتراجع لاحقا إلى 25%. 

ورأى أن المركزي يجب أن ينتظر استقرار معدلات التضخم السنوي تحت مستوى 25% قبل خفض الفائدة لضمان أن يكون مستوى الفائدة الحقيقية (الفارق بين التضخم وفوائد البنوك) عند 3%.

خلال يوليو الماضي، سجل معدل التضخم الأساسي مستوى 24.4% على أساس سنوي نزولا من 26.6% في يونيو، وسط توقعات بأن يعاود الصعود في ضوء الزيادة الجديدة لأسعار البنزين والسولار المعلن عنها نهاية يوليو وكذلك زيادة أسعار شرائح الكهرباء التي بدأ تطبيقها منتصف هذا الشهر بأثر رجعي على العدادات الإلكترونية ومن المقرر أن تطبق على باقي المستهلكين اعتبارا من فاتورة أغسطس التي تصدر في سبتمبر. 

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي محمد أنيس

احتمال ضعيف

يفصلنا 11 يوما عن اجتماع البنك المركزي المصري المقرر في 5 سبتمبر المقبل، بعد أن قرر في اجتماع يوليو تثبيت أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي دون تغيير عند أعلى مستوياتها (28.25% للإقراض و27.25% للإيداع) بعد رفع بمقدار 2% في فبراير و6% في مارس الماضي.  

ووفقا للخبير المصرفي هاني العراقي، خطوة خفض الفائدة من قبل المركزي المصري في الوقت الراهن مستبعدة على نحو كبير، لعدة أسباب أهمها الرغبة في الحفاظ على استقرار أسعار الصرف وجاذبية أدوات الدين المحلية للاستثمارات الأجنبية، مشيرا إلى أن هناك احتمال ضعيف لأن يقدم المركزي على خفض الفائدة بنهاية العام، إلا أن الأرجح هو أن تكون بداية التيسير النقدي خلال الربع الأول من 2025. 

يتفق مع هذا الرأي، بنك الاستثمار العالمي مورجان ستانلي الذي توقع في وقت سابق أن يبقي المركزي المصري على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية إلى نهاية العام على أن يبدأ خفض الفائدة اعتبارا من فبراير 2025، بينما توقع بنك الكويت الوطني خلال يوليو الماضي أن يبدأ المركزي دورة التيسير اعتبارا من سبتمبر المقبل ليصل إجمالي تخفيضات الفائدة بنهاية العام إلى 4%. 

ورهن بنك الكويت الوطني هذا التصور بأن يظل تأثير زيادات أسعار الكهرباء والبنزين التي أقرتها الحكومة المصرية مؤخرا على معدلات التضخم محدودا في ظل استقرار أسعار الصرف وارتفاع معدلات السيولة الدولارية لدى القطاع المصرفي، الأمر الذي يعزز التوقعات بشأن استمرار تباطؤ التضخم خلال النصف الثاني من العام الحالي إلى متوسط 25% .

الخبير المصرفي هاني العراقي

كيف يؤثر قرار الفيدرالي على مصر؟ 

أوضح العراقي أن الفيدرالي الأمريكي تأخر في التحرك صوب تبني التيسير النقدي، لذا من المتوقع أن يتجه لخفض الفائدة في سبتمبر بواقع نصف نقطة مئوية مدفوعا بشكل أساسي بتراجع التضخم إلى ما دون الـ3% نزولا من ذروته المسجلة في منتصف العام 2022 عند 9.1%، ما يعني أن الفيدرالي نجح في معركته ضد التضخم.

وأضاف أن تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي وكذلك سوق العمل خلال الفترة الماضية، أمور ستحسم قرار الفيدرالي لصالح خفض أكبر للفائدة خلال اجتماعه المقبل، الأمر الذي سيصب في صالح الأسواق الناشئة بما فيها مصر، إذ يعزز خفض الفائدة الأمريكية جاذبية هذه الأسواق لتدفقات الاستثمار الأجنبي وتحديدا غير المباشر الذي يطلق عليه الأموال الساخنة ويستهدف الاستثمار في أدوات الدين والأسهم. 

بالأمس أكد جيروم باول خلال خطابه بندوة جاكسون هول، أن الفيدرالي أحرز تقدما كبيرا نحو هدفه من دورة التشديد النقدي التي بدأها في مارس 2022، إذ استعاد استقرار الأسعار دون التأثير على قوة سوق العمل، موضحا أن صناع السياسة النقدية في الفيدرالي لا يرحبون بمزيد من تباطؤ سوق العمل ولا يعتبرون ذلك هدفا. 

خلال يوليو الماضي سجل معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة أدنى مستوياته منذ مارس 2021، عند 2.9% في يوليو، فيما أضافت سوق العمل خلال الشهر نفسه 114 ألف وظيفة فقط نزولا من 179 ألف وظيفة في يونيو، تزامنا مع ارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوياته منذ أكتوبر 2021 مسجلا 4.3%، في مؤشر على تباطؤ ملحوظ لسوق العمل الأمريكية.

search