الأحد، 24 نوفمبر 2024

08:12 ص

التحول العالمي نحو التشديد الكمي.. ماذا يعني للأسواق المالية؟

سياسة التشديد الكمي

سياسة التشديد الكمي

محمود كمال

A A

في ظل تزايد المخاوف من التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي، تتجه البنوك المركزية العالمية إلى اعتماد سياسة "التشديد الكمي" كأداة رئيسية في محاولة لضبط الأوضاع الاقتصادية، لكن ما هو التشديد الكمي وكيف يؤثر على الاقتصاد؟

يقول الخبير المصرفي محمد بدرة، إن التشديد الكمي، استراتيجية نقدية تتبعها البنوك المركزية، وتهدف إلى سحب السيولة المالية من الأسواق العالمية، وهو ما يؤدي إلى خفض معدلات التضخم.

ويضيف الخبير المصرفي لـ “تليجراف مصر”، أن هناك أشكال أخرى للتشديد النقدي، مثل رفع أسعار الفائدة، أو تقليص حيازات الأصول التي تقوم البنوك المركزية بشرائها، بهدف الحد من التضخم والذي يكون بسبب زيادة المعروض النقدي في الأسواق.

ويوضح بدرة، أن البنوك المركزية العالمية تتبع تلك السياسة عندما تكون معدلات التضخم العالمية مُقلقة أو تتجه إلى تسجيل مستويات مرتفعة، وهو ما يحدث في الوقت الحالي، خاصةً أن التضخم لا يزال يسجل مستويات عالية مع استمرار التوترات الجيوسياسية سواء في شرق أوروبا أو منطقة الشرق الأوسط.

البنوك العالمية تتجه إلى التشديد الكمي

في الشهر الماضي، قرر بنك اليابان تقليص حيازاته من السندات بشكل تدريجي على مدى السنوات المقبلة، ما يجعله ينضم إلى كل من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا في جهود تقليص ميزانياتهم العمومية. 

وعلى الرغم من أن سياسات التشديد الكمي قد تختلف بين هذه البنوك، فإن جميعها تتفق في سحب السيولة التي كانت قد ضختها خلال أزمة جائحة كورونا من خلال شراء السندات.

وعندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي في تنفيذ برنامج التشديد الكمي لأول مرة، واجه صناع القرار اضطرابات غير متوقعة في أسواق المال خلال عام 2019. 

وعلى الرغم من تأكيد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بأن البنك قد تعلم من تلك التجربة وتعهد بإنهاء العملية قبل تفاقم المشكلات، فإنه لا توجد ضمانات بأن يكون التنفيذ سلسًا هذه المرة، خاصةً في ظل نقص السيولة العالمي الذي يواجهه المستثمرون.

وعلى غرار الاحتياطي الفيدرالي، يقوم بنك كندا بتقليص حجم ميزانيته العمومية منذ أكثر من عامين، لكن هذا البرنامج أثر سلبًا على أداء أسواق التمويل قصيرة الأجل هذا العام، ما دفع البنك إلى التدخل بشكل منتظم لتخفيف تلك التأثيرات. 

ومع ذلك، أكدت نائبة محافظ بنك كندا، كارولين روجرز، الشهر الماضي أن البنك سيواصل تطبيق سياسة التشديد الكمي في الوقت الحالي، حيث لم تصل الميزانية بعد إلى مستوياتها المستهدفة.

من ناحية أخرى، يظهر بنك إنجلترا تصميمًا أكبر على تطبيع ميزانيته العمومية، حيث اتبع نهجًا أكثر عدوانية من خلال بيع حيازاته من السندات بشكل مكثف، بدلًا من مجرد تقليل إعادة استثمار الأوراق المالية المستحقة.

مصر والتشديد الكمي

تواصل مصر تنفيذ سياسات التشديد النقدي بشكل مكثف، فمنذ بداية العام، تبنت السلطات النقدية في البلاد مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى ضبط المعروض النقدي واحتواء التضخم المتصاعد، ومن بين تلك الإجراءات اتجاه البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة بمقدار 8%.

ويقول بدرة، إن مصر بالفعل تتبنى سياسة التشديد النقدي، للسيطرة على معدلات التضخم والتي شهدت ارتفاعًا ملحوظا في السنوات الأخيرة، إذ تهدف إلى تقليص كمية الأموال المتاحة في النظام المالي، وتأمل الحكومة في تقليل الضغوط على الأسعار، ما يساهم في استقرار تكلفة المعيشة للمواطنين.

وفي يونيو الماضي، أكد صندوق النقد الدولي أن البنك المركزي المصري بحاجة إلى الاستمرار في تنفيذ سياسة نقدية صارمة وعدم التسرع في خفض أسعار الفائدة على المدى القصير، كجزء من جهود خفض معدل التضخم.

search