الجمعة، 22 نوفمبر 2024

11:21 ص

مصر ومؤشر "جي.بي مورجان".. علاقة مضطربة

مصر وجي بي مورجان

مصر وجي بي مورجان

محمود كمال

A A

تخرج مصر اضطراريًا من مؤشر بنك "جي.بي مورجان" الأمريكي للسندات الحكومية للأسواق الناشئة بنهاية الشهر الجاري، بعد علاقة مضطربة جمعت الطرفين منذ تأسيس المؤشر في بداية التسعينات، فهذا ليس الخروج الأول لمصر التي لم يشفع لها ارتفاع السندات السيادية المقومة بالدولار بعد تعهدات وزيرة الخزانة الأمريكية جانت يلين بدعم الاقتصاد المصري.

"المشكلة مُتعلقة بتحويل النقد الأجنبي"، هكذا فسر بنك “جي بي مورجان” سبب استبعاد مصر من سلسلة مؤشرات السندات الحكومية للأسواق الناشئة اعتبارا من 31 يناير، ما فتح الباب للتساؤلات حول تأثير هذا الاستبعاد على الاقتصاد المصري، في ظل مواصلة مشكلة النقد الأجنبي إعاقة محاولات الحكومة في جذب الاستثمارات الأجنبية.

ارتفاع السندات السيادية المصرية المُقومة بالعملة الخضراء بنحو 1.6 سنت بعد التعهدات الأمريكية بدعم الاقتصاد المصري، لم يشفع عند البنك في عملية مراقبة المؤشرات المصرية التي بدأت من 21 سبتمبر 2023، معللا أن مصر أبقت حتى 29 ديسمبر على وزن 0.61% في المؤشر العالمي المتنوع، ولها 13 من السندات بالجنيه المصري في مؤشراتها بآجال استحقاق تتراوح بين 2024 و2030.

بنك جي بي مورجان

ما هو مؤشر السندات الأسواق الناشئة؟

يعد مؤشر “جي بي مورجان” EMBI أحد أكثر المؤشرات التي يتتبعها مستثمري الأسواق الناشئة، إذ يتم استخدامه كمقياس للأداء، وهو الأكثر انتشارًا وطلبًا، حيث استطاع أن يقود المستثمرين نحو ارتفاع الاستثمارات في الأسواق.

يقول الخبير الاقتصادي هاني جنينة، إن هذا المؤشر كان يعني أن سندات مصر "المحلية" ستكون جزء من سندات الأسواق الناشئة، أو بشكل أوضح أن المستثمرين في الولايات المتحدة الأمريكية يعطون أموالهم لصندوق تابع للبنك، وبدوره يقوم بتوزيع أموالهم على الأسواق الناشئة مثل مصر والهند وغيرها، ويضمن تبادلها بين الأسواق.

"بيشيلوا الدول اللي عندها مشاكل"، هكذا فسر الخبير الاقتصادي لـ"تليجراف مصر" سبب استبعاد البنك لمصر، وهو أن أموال المستثمرين تدخل إلى مصر ولا تخرج، ومن الطبيعي أن ينفذ البنك عميلة الاستبعاد بسبب الصعوبة في قياس الأداء بهذا المؤشر الذي يوجد به سندات غير قابلة للتنفيذ.

تزيد الضغوط على كاهل السلطات المصرية للتعامل مع العملة المبالغ في تقدير قيمتها، وفقًا لتقديرات المؤسسات الدولية، إضافة إلى التضخم شبه القياسي والديون الأجنبية والمحلية الضخمة.

البنك المركزي المصري

الخروج الأول لمصر

لا يعد هذا الاستبعاد هو الأول لمصر، فالمظاهرات التي انطلقت في 25 يناير وفتحت الباب إلى الاضطرابات السياسية والاجتماعية، أدت لخروج ما يقرب من 17 مليار دولار من النقد الأجنبي ليهبط الاحتياطي من 37 مليار دولار إلى 20 مليار دولار بنسبة تراجع بلغت نحو 44%، وهذا الهبوط السريع للنقد الأجنبي دفع بنك "جي بي مورجان" إلى إخراج مصر من المؤشر، وفقًا لتصريحات وزير المالية، محمد معيط.

عودة بعد غياب 10 سنوات

الإثنين 31 يناير 2022، كان هو تاريخ عودة مصر بشكل رسمي إلى مؤشر جي بي مورجان للسندات الحكومية للأسواق الناشئة، بعد غياب 10 سنوات.

وفقا لوزارة المالية، فإن مصر استطاعت الوفاء بالمعايير المطلوبة للإدراج في مؤشر التصنيف الائتماني العالمي، والمتمثلة في إصدار سندات ذات آجال استحقاق طويلة نسبيًا، مع توفير عوائد إيجابية تتجاوز التضخم وتحسين التصنيف الائتماني.

كان هدف مصر من تلك الخطوة هو تدفق جديد للاستثمارات الأجنبية إلى سوق السندات المحلية، حيث تم إدراج 14 سنداً مصرياً بقيمة إجمالية 26 مليار دولار، بوزن نسبي 1.85% في المؤشر، حسب بيانات وزارة المالية، مضيفة أن متوسط العائد على السندات يبلغ 14.9% وفترة الاستحقاق 2.9 سنة.

الخروج الثاني من المؤشر

كان قرار البنك باستبعاد مصر للمرة الثانية، مُشابهًا نوعًا ما في أسبابه للاستبعاد الأول، فسحب أكثر من 20 مليار دولار من السوق المصرية عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية واعتماد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسياسة نقدية متشددة، أدى إلى تراجع سعر العملة المحلية ومشكلات خاصة بالتمويل.

صندوق النقد الدولي

زيادة حجم قرض صندوق النقد

قال الخبير الاستراتيجي في الأسواق الناشئة لدى سوسيتيه جنرال، جيرجيلي أورموسي، إن التقييمات الرخيصة نسبيًا للسندات المصرية المقومة بعملات أجنبية قد تجذب المستثمرين، خاصة عقب تصريحات وزيرة الخزانة الأمريكية ومع تقدم الحكومة المصرية في المحادثات مع صندوق النقد لزيادة حجم القرض البالغ قيمته ثلاثة مليارات دولار.

وأكد أورموسي، أن قرض صندوق النقد يجب أن يرتفع إلى ما لا يقل عن ستة مليارات دولار حتى لا يخيب أمل السوق، لكن في حال زيادته إلى عشرة مليارات دولار أو أكثر، سيكون ذلك بمثابة حافز للأصول المصرية للارتفاع.

وشدد على أن زيادة حجم القرض سيفقد مكاسبه مجددًا إن لم تبدأ الحكومة في تنفيذ الإصلاحات، التي من شأنها أيضا تحقيق النتائج المرجوة على صعيد الاقتصاد الكلي.

والتقى وفد مصري مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، التي أكدت في نوفمبر الماضي أن الصندوق "يدرس بجدية" زيادة برنامج القرض المقدم إلى مصر بسبب الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن حرب غزة.

وتراجع معدل التضخم العام في المدن المصرية إلى 33.7% في ديسمبر من 34.6% في نوفمبر، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

ويتوقع محللون لدى تمبلر أن تقوم مصر بتسريع الإصلاحات الاقتصادية خلال الأشهر المقبلة، بعد التأخير الذي سبق الانتخابات الرئاسية في ديسمبر، لكنهم يقولون إن أي ارتفاع يثيره اتفاق محدث مع صندوق النقد الدولي يمكن أن يكون عابرًا حتى بدء الإصلاحات، خاصة فيما يتعلق بسعر الصرف.

search