الجمعة، 22 نوفمبر 2024

06:29 ص

سببان لتراجع صندوق النقد عن موقفه بشأن أسعار الوقود

البنزين

البنزين

حسن راشد

A A

في وقت تسعى فيه الحكومة المصرية إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز النمو، والسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، أعلن صندوق النقد الدولي أن مصر قد تتجه نحو التخلي عن زيادات أسعار الوقود الفصلية.

ومع ذلك، أكد الصندوق، في تقرير مراجعة مصر، أهمية “استعادة أسعار الطاقة إلى مستويات استرداد التكلفة، بما في ذلك أسعار بيع الوقود بالتجزئة بحلول ديسمبر 2025”، موضحًا أن هذه الخطوة ضرورية لضمان توفير الطاقة بشكل سلس للسكان، وللحد من اختلالات التوازن في قطاع الطاقة.

وكان من المقرر أن يوافق مجلس إدارة الصندوق على مراجعة البرنامج الاقتصادي لمصر في 11 يوليو، إلا أنه تم تأجيل الاجتماع إلى 29 يوليو، بعد أربعة أيام من قرار الحكومة برفع أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 15%.

الحفاظ على استقرار السوق

وقال رئيس شعبة المواد البترولية بالغرف التجارية، حسن نصر، إن قرار الاتجاه نحو تأجيل تحريك أسعار الوقود الهدف منه السيطرة على معدلات التضخم، والحفاظ على استقرار السوق المحلية.

وأضاف نصر لـ"تليجراف مصر"، أن أسعار المنتجات البترولية شهدت زيادتين خلال العام الجاري، وهو ما انعكس على أسعار مختلف المنتجات، إذ أنها تؤثر على عمليات الإنتاج والنقل، مؤكدًا أن الحكومة تراعي بشكل كبير البعد الاجتماعي في قراراتها.

وأوضح رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية، أن العوامل التي يتم الاستناد عليها لاتخاذ قرار بتحريك الأسعار، تتمثل في سعر الدولار أمام الجنيه المصري والأسعار العالمية للبترول، التي تتأثر بشكل كبير بأي متغيرات على الساحة السياسية، بالإضافة إلى بعض التكاليف الخاصة بعمليات الشحن والنقل.

وخلال العام الجاري، تم رفع أسعار البنزين مرتين، الأولى في مارس، بزيادة جنيهًا لأسعار البنزين، و1.5 جنيه للتر السولار، والثانية في يوليو، بزيادة 1.25 جنيه لنزين 80 و92، و1.5 جنيه لبنزين 95 والسولار، لتستقر الأسعار عند 12.25 جنيه لـ“بنزين 80”، و12.5 جنيه لـ"بنزين 92"، و15 جنيهًا لـ"بنزين 95"، ولتر السولار بـ11.5 جنيه.

وخصصت الموازنة العامة للعام المالي 2024-2025، نحو 154.5 مليار جنيه لدعم المواد البترولية، مقارنةً بـ119.3 مليار جنيه في موازنة العام الماضي، بزيادة 35.1 مليار جنيه، ما يعادل 29.4%. وحددت الحكومة سعر برميل النفط المرجعي في مشروع الموازنة الجديدة 2024-2025 عند 82 دولارًا، بدلاً من 85 دولارًا في الموازنة الحالية 2023-2024، بزيادة قدرها 3 دولارات للبرميل.

لجنة تسعير البترول

وتجتمع لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية كل ثلاثة أشهر، بهدف ربط أسعار المحروقات في مصر بالسوق العالمي. وتلتزم اللجنة بتحريك أسعار المحروقات، سواء بالزيادة أو التخفيض، بنسبة لا تتجاوز 10%، وذلك لتفادي التقلبات الكبيرة في السوق وتمكين المواطنين من التكيف مع الأسعار الجديدة.

وتهدف آلية التسعير التلقائي إلى تقييم أسعار المنتجات بشكل عادل، دون تحميل موازنة الدولة أعباء إضافية، من خلال ربط الأسعار المحلية بالأسعار العالمية بناءً على عدة معايير، مثل السعر العالمي لبرميل خام برنت وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، بالإضافة إلى التكاليف الثابتة الأخرى.

وأشار خبير الطاقة، رمضان أبو العلا، إلى أن لجنة التسعير قررت في اجتماعها الأخير زيادة أسعار الوقود بنسبة 15%، بعد حصولها على تفويض من مجلس الوزراء بتجاوز النسبة المقرر لها، وذلك بعد زيادتها بنسبة قاربت 17% في مارس الماضي، وهو ما يمنح الحكومة بعض الوقت لتأجيل تحريك الأسعار.

من جانبه قال الخبير المصرفي، محمد بدرة، إن الحكومة وصندوق النقد يعطي الأولوية لمحاربة التضخم، بعدما تباطأ للشهر الخامس على التوالي في يوليو الماضي، وزيادة أسعار الوقود ستؤدي إلى عودة معدلات التضخم إلى سلم الصعود مرة أخرى.

وتوقع بدرة في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن يلجأ البنك المركزي المصري إلى استخدام أدوات السياسة النقدية للحد من الضغوط التضخمية، مثل عمليات السوق المفتوحة لسحب فائض السيولة من البنوك، لافتًا إلى أن معدلات التضخم بدأت في الانخفاض منذ قرار تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، ما أدى إلى اختفاء السوق السوداء للعملة وعودة الاستثمارات الأجنبية. 

وفي يوليو الماضي، سجل معدل التضخم الأساسي 24.4%، بانخفاض عن 26.6% في يونيو 2024.

تقديرات المؤسسات الدولية

ورفع بنك جولدمان ساكس توقعاته للتضخم في مصر لعام 2024 من 20% إلى 22%، وذلك نتيجة الزيادات المتوقعة في أسعار الوقود والكهرباء والأدوية. كما توقع أن يصل التضخم إلى 30% خلال شهري يوليو وأغسطس، لكنه يتوقع انخفاضه إلى 24% بنهاية عام 2024 و10% بنهاية عام 2025.

من جهة أخرى، رفعت وكالة التصنيف الائتماني فيتش توقعاتها للتضخم إلى 32%، بسبب الزيادات المتوقعة بشكل أكبر في أسعار الكهرباء والوقود، في ظل خطة الحكومة لرفع الدعم تدريجيًا عن السلع الأساسية حتى عامي 2025 و2028.

رفع الدعم عن الوقود

ورغم زيادات الزيادة الجديدة في سعر البنزين إلا أن مصر لا تزال تبيع البنزين بسعر أقل من المتوسط العالمي البالغ 1.3 دولار للتر الواحد، فيما يصل سعر البنزين 95 (أعلى فئة) قرابة 0.31 دولار فقط.

ووفقًا لبيانات موقع جلوبال بترول برايس، تأتي مصر في المركز الرابع عالميا بين الدول الأرخص من حيث أسعار البنزين، إذ تتصدر القائمة إيران بسعر 0.029 دولار للتر، تليها ليبيا بسعر 0.031 دولار للتر، ثم فنزويلا بسعر 0.035 دولار للتر، وتحل رابعا مصر، بـ0.279 دولارا قبل الزيادة الأخيرة، لتصل اليوم إلى 0.31 دولارًا.

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء، مصطفى مدبول، عن خطة لإلغاء دعم منتجات البنزين بنهاية 2025، لتحقيق توازن الأسعار، بعدما نجحت في 2021 بإلغاء الدعم نهائيًا، مع استمرار دعم  السولار وأنبوبة البوتاجاز، والمازوت لمخابز العيش البلدي.

وبحسب رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، فإن السعر الفعلي (العادل) للبنزين الذي يتم تحديده وفقًا لسعر التكلفة النهائية يصل إلى 27 جنيهًا للتر في حالة البنزين 95، فيما يصل السعر العادل لبنزين 80، إلى 23 جنيها ولبنزين 92 إلى 26 جنيها للتر، ما يبرر استمرار توجه الحكومة لزيادة الأسعار خلال الأشهر المقبلة، لا سيما في ظل عزمها رفع الدعم عن المحروقات بحلول نهاية 2025.

ولفت يوسف لـ"تليجراف مصر"، أن السعر العادل للبنزين 92 يكون 26 جنيهًا للتر بدلا من 13.75 جنيه، و23 جنيهًا للتر البنزين 80 بدلًا من 12.25 جنيه، لافتًا إلى أن الحكومة قد لا ترفع الدعم بشكل كامل عن السولار.

search