الأحد، 24 نوفمبر 2024

03:22 م

الفائدة.. 5 أسباب تمنع البنك المركزي من "التخفيف المنتظر"

أحد الأسواق المصرية

أحد الأسواق المصرية

مصطفى العيسوي

A A

تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، اجتماعها الخامس خلال عام 2024، لحسم مصير أسعار الفائدة،  الخميس المقبل، مع توقعات المؤسسات المالية العالمية أن تقرر اللجة الإبقاء على مستوياتها الحالية دون تغيير.

توقعات المؤسسات الدولية فتحت الباب أمام سؤال عن دوافع البنك المركزي لعدم خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المرتقب، بعد موجة قاسية من التشديد النقدي منذ مارس 2022.

سجل سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية بنسب 27.25%، 28.25% و27.75% بالترتيب وفقًا لآخر قرارات البنك المركزي التي اتخذها خلال اجتماعه الرابع هذا العام، الذي عقده في 18 يوليو الماضي، وذلك بعد رفعها في أول اجتماعين بمقدار 800 نقطة أساس (8%).

زيادة أسعار الطاقة 

أكد الخبير المصرفي، محمد بدرة، أن هناك عدد من الأسباب التي تدفع لجنة السياسة النقدية عدم رفع معدلات العائد في اجتماع سبتمبر، وفي مقدمتها الزيادة التي أقرتها في أسعار الوقود والكهرباء، مشيرًا إلى أنها ستتسبب في إحداث موجة تضخمية جديدة، ولا يمكن التصدي لها بخفض أسعار الفائدة.

ورفعت الحكومة أسعار الوقود خلال شهر يوليو الماضي، بنسبة تترواح بين 11 إلى 15%، فيما أفادت تقارير إعلامية، أن الحكومة رفعت أسعار جميع شرائح الكهرباء بنسب تتراوح بين 11 و50% للمنازل وتتجاوز 45% بالنسبة للنشاط التجاري، اعتبارًا من مطع الأسبوع الماضي على العدادات مسبقة الدفع، على أن يتم تطبيقها على العدادات القديمة بداية من فاتورة سبتمبر المقبل.

عودة ارتفاع التضخم

أوضح بدرة لـ"تليجراف مصر"، أن هذه الموجة ستدفع معدلات التضخم إلى الارتفاع مرة أخرى، ما يطلب من المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة.

منذ فبراير الماضي، بدأت معدلات التضخم التراجع على أساس سنوي، من مستوى 35.1%، وصولًا إلى 25.7% بنهاية يونيو الماضي، لكنها لا تزال بعيدة عن مستهدفات البنك المركزي (أقل من 10%).

الجاذبية للجنيه

أضاف، أن من بين الأسباب الدافعة لاستمرار السياسة النقدية المتشددة من قبل المركزي، متعلقة بالحفاظ على الجاذبية تجاه الجنيه عبر أدوات الدين الحكومي التي يطرحها بالعملة المحلية نيابة عن وزارة المالية، ما يساعد على جذب الأموال الساخنة للسوق المحلي، وتجنب تسجيل أي زيادة كبيرة في سعر الدولار، أو عودة المضاربات والسوق السوداء مرة أخرى.

طبقًا لأحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي، خلال الأسبوع الماضي، فإن استثمارات العملاء الأجانب بأذون الخزانة بالجنيه المصري، بنهاية مايو الماضي، وصلت إلى 1.772 تريليون جنيه (ما يفوق 37 مليار دولار)، ارتفاعًا من أكثر 35 مليار دولار، بنهاية أبريل الماضي، وارتفاعًا من 10.5 مليار دولار فقط في يناير 2023، بالتزامن مع رفع وزارة المالية سعر العائد  على أذون الخزانة بنحو 3%، ليتجاوز 28%، وهو أعلى مستوى منذ خمسة أشهر بعد تحرير سعر الصرف في مارس.

الأموال الساخنة

يشار إلى أنه خلال الأسبوع الأول من أغسطس، تأثر الجنيه أيضًا بخروج قرابة 4 مليارات دولار من أذون الخزانة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه بالسوق الرسمية، ليصل إلى 49.50 جنيه، ليتراجع حاليًا 48.55 جنيه، حينذاك اتسع الفارق بين السعر الرسمي والسوق السوداء لأكثر من جنيه لتقترب العملة من مستوى 50 جنيهًا.

ورجح بدره، أن يبقي المركزي على أسعار الفائدة الحالية خلال العام الجاري، على أن يبدأ في سياسة الخفض بداية من الربع الأول من 2025، مشيرًا إلى أنه لا يوجد ما يدعو لجنة السياسة النقدية بالتسرع في قرار الخفض خلال الفترة الحالية.

السيولة بالقطاع المصرفي

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي، بلال شعيب، أن من ضمن أسباب التثبيت أيضا، رغبة البنك المركزي في الحفاظ على مقدار السيولة النقدية الموجودة داخل القطاع المصرفي، موضحًا أن السياسة النقدية المتشددة، نجحت في تحقيق أهدفها عبر سحب أكبر قدر من السيولة المالية  بالأسواق، لتصل حجم مدخرات المصريين بالبنوك قرابة 10.5 تريليون جنيه وهو رقم تاريخي، في المقابل حجم الإقراض سواء للأفراد أول المؤسسات لم يتجاوز 5 تريليونات جنيه.

وأوضح شعيب لـ"تليجراف مصر"، أنه هناك تخوف في حال خفض أسعار الفائدة من تسرب هذه الأموال مرة أخرى إلى وسائل أخرى للادخار، وفي مقدمتها "عودة الدولرة"، ما يضعف قيمة الجنيه أمام العملة الأمريكية لتبلغ أكثر من 70 جنيهًا بالسوق السوداء خلال يناير الماضي.

شهية الاقتراض

تابع الخبير الاقتصادي أن خفض أسعار الفائدة يفتح شهية المقترضين مرة أخرى، لا سيما وأن المعدلات المرتفعة الحالية تضعف من القدرة على الاستدانة، ما يقلل حجم السيولة مع الأفراد وبالتالي تتراجع القوة الشرائية، بالتالي يحفاظ على أسعار السلع المتوفرة بالأسواق وضمان عدم ارتفاعها، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم.

مؤسسات دولية 

توقع بنك مورجان ستانلي في أحدث تقرير له، أن يبقي المركزي على أسعار الفائدة على معدلاتها الحالية حتى نهاية 2024، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن يبدأ البنك المركزي المصري  خفض العائد في أول اجتماع للجنة السياسة النقدية في 2025، المقرر عقده في فبراير المقبل.

واستبعد "بنك أوف أميركا" اتخاذ لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي قرارا برفع أسعار الفائدة في الاجتماع بالأجل القريب، وذلك تفاديًا للآثار المالية التي ستنجم عن ذلك، ويذهب إلى أن يحافظ المركزي على أسعار الفائدة مرتفعًا عند المستويات الحالية طوال العام الجاري 2024، للحد من احتمال تباطؤ وتيرة تراجع معدل التضخم نتيجة زيادة أسعار الطاقة خلال الفترة المقبلة أو زيادة الضغوط على العملة المحلية.

search