الخميس، 19 سبتمبر 2024

07:29 ص

تعليق استيراد سيارات ذوي الإعاقة.. ماذا وراء "الهدف المعلن"؟

سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة

سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة

حسن راشد

A A

أثار قرار تعليق استيراد سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة حالة من الجدل في الشارع المصري، ما زاد التساؤلات حول تأثير ذلك على حقوق المستفيدين، على الرغم من أن الهدف المعلن هو تحسين إدارة العملية وضمان استفادة الفئة المستحقة فقط واستعادة “الدعم المسروق”.

الشكاوى والمشكلات

الجهات المعنية بشؤون ذوي الإعاقة تلقت عدة شكاوى من المواطنين بشأن المشكلات المرتبطة بالسيارات المحتجزة في الموانئ، بعد قرارات الحكومة بمراجعة مستندات الاستيراد لثلاث سنوات مضت، إثر اكتشاف عدم تطابق بعض المركبات مع الاشتراطات المطلوبة، فضلًا عن حالات استفادة غير مستحقة.

السيارات المعفاة من الجمارك هي أحد المزايا التي توفرها الحكومة لذوي الاحتياجات الخاصة، لتسهل تنقلهم وحركتهم، ومع ذلك، شهدت هذه الفئة زيادة في الطلب من قبل بعض التجار والأفراد غير المؤهلين، ما أثر سلبًا على حقوق الدولة.

تشير البيانات إلى أن عدد المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر يتجاوز 11 مليون شخص، ما يبرز أهمية تقديم الدعم والخدمات اللازمة لهم.

تجارة السيارات والسماسرة

انتشرت الصفحات المتخصصة في بيع سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة بأسعار منخفضة، ما أدى إلى ظهور سماسرة يسهلون الإجراءات للأشخاص غير المؤهلين للاستفادة من هذه المزايا، مستخدمين أساليب قانونية وغير قانونية.

الإجراءات الحكومية

في بداية أغسطس، اتخذت الحكومة مجموعة من الخطوات لتنظيم عملية استيراد سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة، وجرى تشكيل لجان مختصة في كل محافظة لفحص المركبات والتأكد من وصولها إلى مستحقيها، مع اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.

نص القرار
نص القرار

المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني، أدلى بتصريحات حول نتائج فحص لجنة مختصة لمراجعة وضع حوالي 450 سيارة، التي أظهرت أن بعض الأفراد الذين سجلت السيارات بأسمائهم لا يعرفون شيئًا عنها، بينما يستفيد منها أشخاص آخرون غير مؤهلين.

وأعلنت مصلحة الجمارك وقف الإفراج عن سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة وتجميد استيرادها لمدة ستة أشهر، بسبب اكتشاف ثغرات وتلاعبات في عمليات الاستيراد.

التلاعب والطرق غير المشروعة

المدير التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، اللواء حسين مصطفى، أكد ضرورة تعديل إجراءات استيراد سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة، موضحًا أن هناك العديد من الأشخاص غير المؤهلين يستغلون هذه الفرصة لشراء السيارات بطرق غير قانونية، ما يؤدي إلى استنزاف المزايا المخصصة لهذه الفئة.

في حديثه لـ"تليجراف مصر"، ذكر مصطفى، أن ذوي الاحتياجات الخاصة يتعرضون للاستغلال من قبل بعض السماسرة والتجار، الذين يجلبون سيارات مسجلة بأسمائهم مقابل مبالغ مالية، أو الحصول على خطابات إعاقة بطرق غير شرعية.

أوضح أن القانون يشترط أن يكون المتقدم للحصول على هذه الخطابات حاملًا لبطاقة الخدمات المتكاملة، التي تثبت حالته، لتمكينه من شراء سيارات بأسعار مخفضة، ومن أساليب الاتجار غير المشروع هو الانتظار حتى انتهاء فترة الحظر المفروضة على السيارة، التي تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات، ثم استخراج شهادة بيانات من الجمارك تفيد بأنها لم تعد محظورة، ويتم شراء السيارة دون اعتراض من المرور أو الجمارك.

اللواء حسين مصطفى

تجربة أحد المنتفعين

أحد المنتفعين من شراء سيارة مخصصة للمعاقين، قال، "لا أملك مبالغ مالية كبيرة تمكنني من شراء سيارة جيدة، لذا اضطُررت لشراء سيارة معفاة من الجمارك بدلاً من شراء أخرى بطرق قانونية، ما كان سيتطلب مني دفع ضعف السعر تقريبًا، استعنت بأحد ذوي الهمم ومنحته مبلغًا ماليًا للتنازل عن السيارة".

انتقاد الإجراءات الجديدة

انتقد شاب من ذوي الهمم، التعديلات الجديدة، مشيرًا إلى أنها تضيف عبئًا إضافيًا على إجراءات التراخيص، معربًا عن مخاوفه من زيادة التعقيدات البيروقراطية، خاصة في ظل صعوبة الإجراءات الحالية، معتبرًا أن السبب الحقيقي وراء هذه الإجراءات هو توفير الحصيلة الدولارية والنقد الأجنبي، بينما يحتاج ذوي الاحتياجات إلى دعم حقيقي والاستماع لمطالبهم لضمان توفير حلول واقعية.

أضاف لـ"تليجراف مصر"، أن معظم ذوي الاحتياجات الخاصة يتطلعون إلى الحصول على هذه السيارات لتيسير تنقلاتهم، ومساعدتهم في العثور على فرص عمل، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها الكثيرون، ويعاني العديد منهم من البطالة وعدم القدرة على الاستفادة من الفرص المتاحة في سوق العمل.

ردود فعل التجار

رفض تاجر وصاحب معرض سيارات، أحمد هلال، الاتهامات الموجهة للتجار باستغلال مزايا الإعفاء من الرسوم الجمركية، مشددًا على أن المشكلة تكمن في تحايل بعض الأفراد على احتياجات ذوي الإعاقة، حيث يحصلون على خطابات السيارات المعفاة من الجمارك والضرائب مقابل مبالغ مالية، ما يعد انتهاكًا للقانون.

لفت هلال إلى أن القرارات الجديدة أدت إلى احتجاز عدد من سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة في الموانئ، ما شكل عبئًا ماليًا كبيرًا على المستوردين والتجار بسبب الغرامات الناتجة عن فترة الانتظار لإفراج الحكومة عنها، موضحًا أن هؤلاء التجار بحاجة ماسة لتلك السيارات لمزاولة أعمالهم ومهامهم.

كما تطرق إلى أنه كان من الممكن وضع آليات فعالة لحماية حقوق ذوي الهمم في استخدام سياراتهم، دون تعقيد إجراءات الحصول عليها، مشيرًا إلى إمكانية استخدام التكنولوجيا الحديثة لتتبع السيارات من خلال ربط موقع السيارة بعنوان مالكها من ذوي الإعاقة، وتطبيق حظر التوكيلات على هذه السيارات لضمان عدم استغلالها.

طلب إحاطة في مجلس النواب

عضو مجلس النواب كريم طلعت السادات، تقدم بطلب إحاطة موجه إلى رئيس الوزراء، ووزيري المالية والتضامن الاجتماعي، بشأن قرار وقف الإفراج الجمركي عن سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة، زاعمًا أنه يتعارض مع القانون، حيث ينص القانون رقم 10 لعام 2018 على إعفاء سيارات تلك الفئة من الرسوم الجمركية.

السادات ذكر، في طلبه، أن ذوي الاحتياجات الخاصة تلقوا دعمًا كبيرًا من القيادة السياسية على مدار العشر سنوات الماضية، إلا أن الحكومة تجاهلت هذا النهج الإيجابي بوقف الإفراج الجمركي عن سياراتهم، ما تسبب في استياء واسع بين ذوي الهمم.

عضو مجلس النواب، كريم طلعت السادات

الهدف من القرار

رأى رئيس رابطة السيارات بالغرفة التجارية، أسامة أبو المجد، أن الهدف من هذه الإجراءات هو التخفيف عن ذوي الاحتياجات الخاصة، فالحكومة لا تحتاج إلى تعليق استيراد السيارات الخاصة بهم أو تعديل إجراءات الحصول عليها.

شدد أبو المجد، في تصريحه لـ"تليجراف مصر"، على أن القانون يضمن حماية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ويعاقب أي شخص يتلاعب أو يستغل القانون لتحقيق مكاسب شخصية، وما تريده الحكومة هو تعزيز تطبيق القانون بشكل صارم بدلاً من تعديل الإجراءات.

رجح أن تسهم التعديلات الجديدة في تحسين توزيع سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة ومنع استغلال الثغرات في النظام الحالي، مبينًا أن السوق يشهد تراجعًا في المعروض بسبب توقف الإفراج عن هذه السيارات، التي تمثل 25% من حجم السيارات المستوردة سنويًا، والإفراج عن السيارات المحتجزة بالموانئ قد يؤدي إلى استقرار الأسعار في الأسواق.

رئيس رابطة السيارات بالغرفة التجارية، أسامة أبو المجد

القومي لذوي الإعاقة

أشارت المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، الدكتورة إيمان كريم، إلى أن القرارات الأخيرة تهدف إلى محاسبة المتسببين في الأزمة وتغليظ العقوبات على من حصلوا على سيارات ذوي الإعاقة بشكل غير قانوني، مؤكدة أن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ومنع استغلال حاجتهم للحصول على الدعم.

أعلنت كريم استعداد المجلس للتدخل في الأزمة، وأنه سيعمل على التواصل بشكل دوري مع الأجهزة المعنية لوضع حلول فعالة للمشكلة، مبينة أن من بين الحلول المقترحة هو إعفاء سيارات الأشخاص ذوي الإعاقة التي وصلت البلاد بشكل قانوني من غرامات الأرضيات المتأخرة، بعد ثبوت صحة أوراق أصحابها لتخفيف الأعباء المالية عنهم وضمان حقوقهم.

search