الجمعة، 22 نوفمبر 2024

01:27 م

الحج أو العمرة من المنزل "أون لاين".. هل يجوز؟

الحج الافتراضي

الحج الافتراضي

إيمان رزق

A A

في ظل ما يشهده العالم من ثورات تقنية، وذكاء اصطناعي، دخلت العبادات والشعائر، ضمن قائمة طويلة تثير الجدل كل يوم، مستخدمة عنوان “الإسلام الوسطي” لتبرر به فتاوي وأحكام ربما لا يصدقها عقل أو منطق. 

أخر تلك التقاليع، كان فتوى إمكانية أداء "مناسك الحج والعمرة” افتراضيا، بينما أنت جالس في منزلك، وعبر "الميتافيرس".

لا يشترط الحج الافتراضي، التواجد في السعودية لأداء الفريضة، أو العمرة، وإنما يمكن ذلك من المنزل أو أي مكان في العالم. فقط بالدخول إلى الموقع الافتراضي وارتداء نظارة تشعر من خلالها، بأجواء الكعبة الشريفة.

وكانت رئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، دشنت مبادرة "الحجر الأسود الافتراضي"، والتي أطلقتها وكالة شؤون المعارض والمتاحف ممثلة في الإدارة العامة للمعارض الرقمية، وتهدف إلى استخدام الواقع الافتراضي، والتجارب الرقمية التي تشير إلى محاكاة الواقع الحقيقي.

لمس الحجر الأسود افتراضيا

زيارة الأماكن المقدسة افتراضيا

وأنشأ الرئيس التنفيذي للوكالة الرقمية "بي سوشال"، إيهاب فارس، محاكاة لبعض المواقع الإسلامية في الميتافيرس، عام 2015، بما في ذلك مكة، وأطلق عليها "اختر مكة"، والهدف منها الوصول إلى الجيل الجديد وتقديم الإسلام باستخدام التكنولوجيا.

ويمكن للمستخدمين عبر تقنية الواقع الافتراضي والواقع المختلط، مشاهدة الكعبة الشريفة، بمجرد لبس النظارة الخاصة بالجهاز، ويرى الركن اليماني والحجر الأسود، كما يمكن للمشاهد رؤية بلاط الحرم والأجواء المحيطة بالكعبة بشكل عام، ويمكن الاستماع لأصوات الأذان وزيارة مسجد الرسول.

هل يجوز أداء الحج من المنزل

انتشار الجولات الافتراضية للأماكن المقدسة والكعبة ومسجد الرسول على مواقع التواصل الاجتماعي، آثار الجدل، وطرح التساؤل، هل يجوز أداء فريضة الحج أو العمرة من خلال الواقع الافتراضي لعدم القدرة المالية؟.

يجيب عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الشيخ خالد الجندي، على السؤال، قائلا، إن العبادات والشعائر لا تقع صحيحة إلا بالحدوث الفعلي لها، فأي وضوء افتراضي لا يرفع الحدث ولا تصح به الصلاة، وأي صلاة افتراضية دون تحقيق شروطها لا قيمة لها.

وأكد "الجندي" في تصريحات سابقة لـ"تليجراف مصر"، أن أي قراءة للقرآن دون تحريك اللسان لا تعد تلاوة قرآنية يترتب عليها أجر التلاوة والترتيل المعروف، لذلك فالحج الافتراضي أو العمرة، لا تتحقق بهما شعيرة ولا تسقط واجبا ولا تعد عبادة.

الحج على ميتافيرس

القرآن يحسم الجدل

حسم القرآن الكريم، الجدل حلو هذه المسألة بمثل السراب الذي لا حقيقة له، فقال سبحانه وتعالى: "وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ"، لذا يقول "الجندي"، "اللهم إنا نعوذ بك من عبادة السراب".

المناسك لا تجزئ

ويرى الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بالأزهر الشريف، أن هذه الوسائل الإلكترونية لا تصح سوى في الوسائل التعليمية فقط، أما المناسك لا تجزئ قولا واحدا، لأن أداء شعائر الحج والعمرة يكون أداء حسيا.

شروط الحج والعمرة

وأكد "كريمة"، خلال تصريحاته لـ"تليجراف مصر"، أن الحج والعمرة عبادة توصيفها الشرعي "عبادات بدنية ومالية"، فهي عبادة بدنية لأنه يجب أن تؤدي ببدن الإنسان كاملا، مستشهدا بقول الله تعالى: "وليطوفوا بالبيت العتيق"، وماليا، لأنها يجب أن تكون من ماله الخاص.

وأضاف، أن أهل العلم قالوا إن أداء الطواف يكون حسيا بالمشي بالقدمين حول الكعبة الشريفة، وقال الله تعالى "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا".

كما قال الله تعالى في رمي الجمرات، "واذكروا الله في أيام معدودات"، وقال في حق عرفات والخروج منها "ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس"، وعن التحلل من الإحرام، "محلقين رؤوسكم ومقصرين".

فتن آخر الدنيا

وفي حق زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام، "لا تشد الرحال إلا لمساجد ثلاث: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، و المسجد الأقصى"، وأوضح "كريمة"، أن شد الرحال هنا أنه يكون حسيا، فدلت هذه النصوص على أن الأداء بالبدن والمال وليس غير ذلك، وما غير ذلك هو فتن آخر الدنيا.

وحذر علماء الدين، من تحويل العبادات المقدسة إلى واقع افتراضي، والتساهل فيها، لأنه لا يجوز تحول الحج والعمرة إلى مناسك عالم افتراضي، فالعبادات والشعائر لا تقع صحيحة إلا بالحدوث الفعلي.

search