الخميس، 19 سبتمبر 2024

11:47 م

الوقود والكهرباء يدفعان التضخم للزيادة.. هل يواصل الارتفاع؟

أحد الأسواق المصرية

أحد الأسواق المصرية

مصطفى العيسوي

A A

عاود معدل التضخم السنوي في المدن المصرية لأسعار السلع والخدمات الارتفاع مرة أخرى خلال شهر أغسطس 2024، بعد تراجع استمر لمدة 5 أشهر، ولكن ما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟ وما هي توقعات الفترة المقبلة؟

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الصادرة يوم الثلاثاء، وصول معدل التضخم السنوي إلى 26.2% في أغسطس، ويعد هذا الارتفاع الأول منذ خمسة أشهر، كما زياد معدل التضخم الشهري ليسجل 1.9% في الشهر الماضي، مما يعكس تسارع وتيرة زيادة الأسعار في فترة قصيرة.

عودة الارتفاع

أكد الخبير المصرفي، محمد بدرة، أن هناك عدد من الأسباب التي دفعت معدل التضخم إلى الأمام مرة أخري بعد انخفاض بدأ منذ فبراير الماضي، في مقدمتها، ارتفاع أسعار المحروقات خلال شهر يوليو الماضي، لا سيما وأن أي زيادة في أسعار الوقود تؤدي إلى ارتفاع في أسعار السلع والخدمات، بسبب زيادة تكاليف النقل.

وصل معدل التضخم الأساسي بنهاية يونيو الماضي 26.6% على أساس سنوي، انخفاضًا من 27.1% في مايو، و31.8% في أبريل، و33.7% في مارس، و35.1% في فبراير، فيما يستهدف البنك المركزي المصري الوصول إلى رقم أحادي بين 7 و9%.

أسعار المحروقات

وخلال يوليو الماضي، قررت الحكومة، رفع أسعار البنزين والسولار بنسبة 15%، لتتجاوز الحد الأقصى (10%) الذي تم تحديده وفقًا لآلية تشكيل لجنة تسعير المواد البترولية في عام 2019 من قبل مجلس الوزراء.

وتعد هذه الزيادة هي الثانية خلال العام الجاري بعدما اتجهت اللجنة إلى رفع أسعار البنزين والسولار في 22 مارس الماضي ليصل سعر لتر بنزين 80 إلى 11 جنيهًا، وبنزين 92 بسعر 12.50 جنيه للتر، وبنزين 95 بسعر 13.5 جنيه للتر، كما ارتفع سعر لتر السولار إلى 10 جنيهات.

توقعات التضخم

رجح بدرة، لـ"تليجراف مصر"، أن تستمر معدلات التضخم في الارتفاع خلال شهري سبتمبر وأكتوبر من العام الجاري، وذللك بسبب الزيادة الجديدة في أسعار الكهرباء، التي أعلنت عنها الحكومة بشكل رسمي خلال الأيام الماضية، مشيرًا إلى أن عودة زيادة معدلات التضخم كانت السبب الأساسي في إبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة للمرة الثالثة.

قررت الحكومة، الخميس الماضي، رفع أسعار شرائح الكهرباء للاستهلاك المنزلي والتجاري، بنسب تتراوح ما بين 17% إلى 50%، لتطبق بأثر رجعي على استهلاك شهر أغسطس الماضي، والذي يُحصل خلال شهر سبتمبر الجاري، كما قرر المركزي تثبيت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب، كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.

الزيادة متوقعة 

من جانبه أكد رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، خالد الشافعى، زيادة التضخم كانت متوقعة نتيجة لرفع أسعار البنزين والسولار، الأمر الذي يؤثر بالتعبية على مجموعة النقل في مؤشر أسعار المستهلكين فضلًا عن تأثير زيادة المحروقات على أغلب السلع، لا سيما وأن هذه الزيادة تمرير في نهاية الأمر إلى المستهلك.

وبالعودة إلى تقرير المركزي للتعبئة والإحصاء، نجد ارتفاعًا الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية ليصل إلى 231.1 نقطة لشهر أغسطس 2024، مقابل 226.7 نقطة في يوليو 2024، مرجعًا ارتفاعا التضخم إلى ارتفاع عدد من المجموعات الرئيسية، أبرزها مجموعة الخضروات التي ارتفعت بنسبة 14.3%، وخدمات النقل التي شهدت زيادة ملحوظة بنسبة 14.9%.

واتفق الشافعى مع بدرة بشأن استمرار ارتفاع معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة نتيجة رفع أسعار الكهرباء، متوقعًا أن قد تصل إلى مستويات 30% مرة أخري ما لم تسرع الحكومة بالتدخل لإعادة الانضباط للأسواق مرة أخري.

ويتفق ذلك مع  تقرير أصدره بنك الكويت الوطني، خلال يوليو الماضي، توقع أن يكون تأثير زيادة أسعار المحروقات والكهرباء محدودًا على معدلات التضخم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الوقود والكهرباء يمثلان 4% من وزن مؤشر أسعار المستهلكين وزيادة بنسبة 20% لهما تضيف نحو 0.8% للمؤشر على أساس شهري، ما يعني فرصة لتسجيل زيادة على أساس شهري اعتبارا من قراءة أغسطس.

الحد من ارتفاع التضخم

وأوضح رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية لـ"تليجراف مصر"، أنه يمكن للحكومة التدخل للحد من الممارسات الاحتكارية وغيرها من السلوكيات التي ينتجها التجار والصناع لتحريك الأسعار عشوائية وبدون مبررات  فعلية ويكون هذا التدخل من خلال تفعيل أدوات المراقبة على الأسواق والقوانين المنظمة لحركة الأسواق قوانين حماية المنافسة، مقترحًا تدشين بورصات سلعية في غالبية المحافظات لتحديد الأسعار بصورة عادلة بدلًا من التسعير العشوائي الذي نراه مضيفا هناك حاجة لتفعيل قوانين تحدد هامش الربح للمصانع حتى تكون الأسعار عادلة.

فيما توقعت مؤسسة “فيتش سولويشنز”، في مذكرة حديثة، ارتفاع التضخم في مصر خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر المقبل إلى متوسط 27% على أساس سنوي، بضغط من الزيادات الأخيرة التي أقرّتها الحكومة على أسعار المحروقات والكهرباء، فضلًا عن تأثير تراجع قيمة العملة، مشيرة إلى أن البنك المركزي سيضطر إلى الإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة إلى نهاية 2024.

وتشير توقعات بنك الاستثمار العالمي مورجان ستانلي إلى أن معدل التضخم السنوي في مصر مرشح لإنهاء العام الحالي عند مستوى 26%، على أن يصل إلى 16% بنهاية النصف الثاني من العام المقبل مدعومًا بتأثير سنة الأساس، فيما يتوقع بنك ستاندرد تشارترد تراجع التضخم إلى 25% بنهاية ديسمبر المقبل، قبل أن يتراجع إلى 15% بنهاية العام المقبل.

search