السبت، 05 أكتوبر 2024

12:23 م

العدوان الثلاثي.. "ليلى" ضحية المرض والحرب والفوط الصحية

مخيمات قطاع غزة

مخيمات قطاع غزة

منى الصاوي

A A

تحت وطأة الحرب والنزوح وتداعياته القاسية، عانت الشابة الفلسطينية ليلى حيموري في خيمتها بمدينة خانيونس آلام الدورة الشهرية المبرحة، والتي باتت جزءًا لا يتجزأ من واقع النساء والفتيات في قطاع غزة.

مرض مناعي نادر

قبل نحو عام، كانت ليلى، التي تعاني مرضًا مناعيًا نادرًا يفتت كرات الدم الحمراء، تعيش الأيام الأصعب في الشهر، فبمجرد أن ترى قطرات الدم تتناثر على ملابسها الداخلية، يتأهب المنزل لحالة الطوارئ الصحية.

قبل اندلاع العدوان الإسرائيلي على فلسطين في السابع من أكتوبر 2023، كانت تتحرك “الحاجة صُبح” بخطوات سريعة وقلق ينتابها، وهي ترتب شؤون المنزل قبل حلول الموعد الشهري لدورة ابنتها ليلى. ففي كل شهر، تضطر ليلى لقضاء أيام في أحد المستشفيات القريبة، حيث تتلقى أربعة أكياس دم كاملة لتعويض النقص الحاد في الهيموجلوبين الذي تعانيه، والذي يهدد حياتها بالخطر.

دقت طبول الحرب

تقول صُبح لـ"تليجراف مصر"، منذ أن قرعت الحرب طبولها، توفي زوجي في غارة جوية استهدفت منزلنا، كان عكاز البيت الذي استند إليه وابنتي في ظل ظروف صحية صعبة فرضها القدر علينا.
ليلى المصابة بـ"فقر الدم الانحلالي" تستلزم نقل ما بين 3 و6 أكياس دم شهريًا، إلى جانب أدوية رفع المناعة والاهتمام الدائم بالنظافة الشخصية بصورة أكثر حرصًا عن بقية الفتيات تجنبًا لحدوث أي عدوى تنهك الجهاز المناعي المهدد، بحسب رواية الأم.

ظروف عصيبة

أجبرتنا الظروف على السكن في إحدى المخيمات، إذ تحولت تلك المراحيض المشتركة إلى بؤر قذرة، تنبعث منها روائح كريهة، تستخدم فقط لقضاء الحاجة، دون أدنى اكتراث بالنظافة الشخصية، حتى غسل اليد أصبح ضربًا من الخيال، وتشكل تلك المراحيض تهديدًا صحيًا خطيرًا على الجميع، خاصة الأطفال والنساء، بحسب رواية الحاجة صُبح.

فوط صحية

وتضيف الأم المكلومة، "كمثل بقية الاحتياجات الأساسية التي يفتقرها أهالي المخيم، فإن العثور على فوطة صحية مثل العثور على إبرة في كومة قش، وبدأت ابنتي التي تعاني الأمرين رحلة معاناة مضاعفة تحت وطأة المرض والعجز والحرب".
في خضم فوضى الحرب وقصف المستشفيات، تسللت عدوى بكتيرية شرسة إلى جسد ليلى النحيل، اخترقت الالتهابات المهبلية لتصل إلى دمها، مسيطرة على جسدها الضعيف.
وفي تلك اللحظات العصيبة، حيث انشغل الأطباء بإنقاذ ضحايا الحرب، وجدت ليلى نفسها وحيدة في مواجهة عدو خفي لا يرحم، كانت الحرب قد استنزفت كل شيء، حتى الدم الذي تحتاجه ليلى لمقاومة العدوى أصبح عملة نادرة، بحسب رواية الحاجة صبح.

الشعور بالعجز

في تلك اللحظات، شعرت الأم بالعجز التام وهي ترى ابنتها تصارع الموت، بينما العالم من حولها غارق في الدمار والمعاناة، على حد وصفها.
وتؤكد الأم، "بعد شهر واحد فقط من آخر دورة شهرية لها، تدهورت حالة ليلى الصحية بشكل مأساوي، لتفارق الحياة وتلحق بأبيها".

تجربة مريرة

التجربة المريرة التي عاشتها ليلى تأتي في الوقت الذي أصدرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تقريرًا يسلط الضوء على التحديات الصحية المتفاقمة التي تواجه النساء والفتيات في قطاع غزة في ظل النزوح واسع النطاق الذي تسبب به التصعيد الأخير.

يفيد التقرير بأن نزح أكثر من مليون امرأة وفتاة منذ أكتوبر 2023، ويعشن حاليًا في ملاجئ مكتظة.
وتعاني الملاجئ نقصًا حادًا في المرافق الصحية، حيث يوجد مرحاض واحد لكل 100 نازح، ووحدة استحمام واحدة لكل 500 شخص أو أكثر.

search