الخميس، 19 سبتمبر 2024

04:52 ص

صراع "البيج ماك" وساندويتش الفول.. ماذا يخبرنا عن قوة الجنيه؟

ساندوتش برجر وساندوتش فول

ساندوتش برجر وساندوتش فول

يحظى مؤشر “بيج ماك” الذي أطلقته مجلة “ذي إيكونوميست” لأول مرة في 1986 بشهرة عالمية كطريقة لقياس التضخم والقوة الشرائية للعملات مقابل الدولار الأمريكي، وبطبيعة الحال فإن مصر موجودة على هذا المؤشر باعتبارها واحدة من حوالي 120 دولة تنتشر فيها مطاعم "ماكدونالدز" الأعرق عالميًا في قطاع صناعة الوجبات السريعة. 

لكن شهرة "بيج ماك" بين المصريين لا تعادل أبدا شعبية ساندوتشات الفول أو الطعمية، لذا إن أردنا قياس التضخم أو القوة الشرائية للجنيه وكيف تحركت على مدار فترة ما، فإن علينا أن نتتبع أسعار الفول المدمس على سبيل المثال وليس "البيج ماك"، وهو أحد أشهر أصناف الساندويتشات التي يقدمها صانع شطائر البرجر الشهير "ماكدونالدز".

مؤشر بيج ماك في مصر

حاليًا، وصل مؤشر بيج ماك في مصر إلى 2.69 دولار مع ارتفاع سعر ساندويتش بيج ماك إلى 130 جنيها، وكان المؤشر في بداية العام الحالي (أي قبل قرار تحرير سعر الصرف في مارس) عند قرابة 2.4 دولار، وفي العام 2017 كان مؤشر بيج ماك لمصر عند 1.75 فقط، عندما كان سعر الدولار عند مستويات 17.9 جنيه وللمفارقة التضخم وقتها كان مرتفعا وتجاوز بحلول منتصف 2017 مستوى 32%، بينما يدور حاليا عند مستويات 25.6%.   

سبع سنوات كانت كفيلة لتقفز بمؤشر بيج ماك في مصر بقرابة 53.7%، تحت تأثير لعامل تراجع قيمة العملة بقرابة 171% خلال هذه الفترة بضغط من سلسلة من قرارات التعويم كان آخرها في مارس الماضي عندما خفض البنك المركزي سعر صرف الجنيه مقابل الدولار 60% دفعة واحدة قبل أن يتعافى لاحقا.

لقطة من داخل أحد فروع ماكدونالدز في ثمنينات القرن الماضي

يستخدم البعض مؤشر بيج ماك للدلالة على أن الجنيه مقوّم بأقل من قيمته العادلة، وذلك في ضوء نظرية تعادل القوة الشرائية التي يرتكز عليها مؤشر بيج ماك إذ تفترض أن تكلفة شطيرة البرجر من مطاعم "ماكدونالدز" يجب أن تكون مساوية في كل بلدان العالم لما هي عليه في الولايات المتحدة، ووفقا لذلك يكون الجنيه مقومًا بأقل من قيمته بأكثر من 20 جنيها لكون سعر "البيج ماك" فيه أقل من 5.99 دولار (سعره في الولايات المتحدة). 

لكن هذا المقياس معيب نظرًا لتجاهله الاختلافات في تكاليف النقل والعمالة والتشغيل عموما بين مصر والولايات المتحدة، إذا لا يمكن مقارنة تكلفة العامل في الولايات المتحدة بما هي عليه في السوق المحلية لدينا،  مع حقيقة أن الحد الأدنى للأجور في الأولى يتراوح بين 10.3 و16.2 دولار في الساعة الواحدة بينما في مصر يصل الحد الأدنى للقطاع الخاص إلى 6000 جنيه في الشهر بمتوسط 34.1 جنيه في الساعة أي أقل من دولار واحد. 

ارتفاع صارخ لأسعار الفول

وإذا كان مؤشر بيج ماك يكشف عن قفزة في الأسعار داخل الولايات المتحدة بأكثر من 50% منذ 2014 عندما كان سعر شطيرة البرجر الشهيرة بـ3.99 دولار فقط، فماذا يخبرنا مؤشر الفول إن جاز التعبير عن حركة الأسعار والقوة الشرائية للجنيه؟

وجبة الفول في مصر ليست طبقية كما يعتقد البعض فهي ليست حكرا على الفقراء وإن كانوا الأكثر استهلاكا لها، فخلال الشهر الحالي أثار الملياردير نجيب ساويرس (ثاني أغنى رجل أعمال في مصر) الجدل بتغريدة تحدث فيها عن جودة إحدى سلاسل مطاعم الفول والطعمية الشهيرة في القاهرة، قائلًا: "وأنا طالع المطار اتوحمت على ساندويتش فول وطعمية، فحودنا على (مطعم شهير) والنتيجة الفول هايل لكن الطعمية محتاجة تحسين".

وبالعودة إلى لغة الأرقام، فإن المصريين يستهلكون سنويا رقما يتراوح بين 400 و700 ألف طن، وبالنسبة للأسعار ففي عام 2014 سنجد أن متوسط سعر سانداوتش الفول كان قرابة 175 قرشًا، وارتفع بحلول منتصف 2019 إلى رقم يتراوح بين 2.5 و3.5 جنيه أما الآن فيباع السانداوتش الواحد على عربيات الفول المنتشرة في شوارع القاهرة بدء من سعر 5 جنيهات بينما تبدأ أسعاره في المطاعم الشهيرة من 15 جنيها للواحد. 

ساندوتش فول

هذه الأرقام تعكس ارتفاعا لا يقل عن 100% لأسعار الوجبة الأكثر تفضيلا بين المصريين، في غضون 5 سنوات، وفي المقابل ارتفع سعر كيلو الفول بأكثر من 155%، إذ كان يتراوح بين 20 و25 جنيها في عام 2019 أما الآن فيتجاوز 51 جنيها.

هذه الزيادة في الأسعار تعود بشكل أساسي لتراجع القوة الشرائية للعملة فضلا عن استمرار معدلات التضخم المرتفعة، إذ سجلت خلال أغسطس الماضي نحو 26% على أساس سنوي مقابل مستوياتها في أغسطس 2019 البالغة 9.2% فقط. 

وأرجع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ارتفاع التضخم خلال أغسطس الماضي لأول مرة منذ 5 أشهر، إلى ارتفاع مجموعة  الطعام والمشروبات بنحو 28.1%، متأثرة بزيادة في  أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 32.5%، وأسعار الزيوت والدهون بنسبة 15.3%، وأسعار الخضراوات بنسبة 44.2%، وجميعها منتجات تدخل في عملية صنع سانداوتش الفول، هذا فضلا عن ارتفاع مجموعة النقل بأكثر من 10% نتيجة لقرار زيادة البنزين والسولار الصادر نهاية يوليو الماضي.

search