الجمعة، 22 نوفمبر 2024

12:42 ص

اختراق "بيجر" في لبنان.. كيف نفذت إسرائيل المهمة المستحيلة؟

جهاز بيجر

جهاز بيجر

حسن راشد

A A

انفجرت مئات أجهزة الإرسال "بيجر" في توقيت متزامن تقريبًا في مناطق عدة بلبنان وسوريا، اليوم، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى، بينهم أعضاء من حزب الله، هذا الحادث الغامض أثار تساؤلات حول آلية وقوعه، خاصةً بعدما سبق أن أصدر حسن نصر الله، زعيم حزب الله، تعليمات لأعضاء الحزب بالابتعاد عن استخدام الهواتف المحمولة، خشية تعرضهم للتعقب، واستبدالها بأجهزة "بيجر".

الأنباء المتداولة، سواء من مصادر مقربة من حزب الله أو وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، تشير إلى احتمالية تورط الاختراقات الإسرائيلية في هذه الانفجارات، لكن يبقى السؤال الأهم: كيف حدث هذا؟

ما هو "بيجر"؟

أجهزة "بيجر" تعد واحدة من أقدم وسائل الاتصال المحمول، وتشتهر بتوفير تواصل فوري ومباشر، رغم التطورات الكبيرة في تكنولوجيا الهواتف المحمولة. 

لا يزال "بيجر" يُستخدم بشكل كبير في مجالات حيوية، مثل الرعاية الصحية والطوارئ، بفضل موثوقيته وسهولة استخدامه في إرسال التنبيهات والرسائل النصية القصيرة.

كيف يعمل "بيجر"؟

يقول خبير أمن المعلومات، وليد حجاج، إن "بيجر" يعتمد على تقنية الاتصالات اللاسلكية الراديوية (Radio Frequency Communication)، حيث تُرسل الرسائل عبر ترددات راديوية من محطات الإرسال إلى أجهزة "بيجر" الخاصة بالمستخدمين.

حجاج يوضح لـ"تليجراف مصر"، أن "بيجر" يستقبل الرسائل النصية القصيرة أو الإشعارات المرسلة عبر موجات الراديو.. عند إرسال رسالة إلى مستخدم "بيجر"، تمر الرسالة عبر مزود الخدمة إلى برج الإرسال الأقرب للمستخدم، وكل جهاز لديه ترددًا خاصًا ورقم تعريف يُعرف بـ "Capcode"، ما يضمن وصول الرسائل المخصصة له فقط، حيث تُبث الرسائل عبر الترددات الراديوية في المنطقة المستهدفة لتصل إلى المستخدم المعني.

هل يمكن اختراق أجهزة "بيجر"؟

بحسب خبير أمن المعلومات، يصعب اختراق أجهزة "بيجر" نظرًا لبساطتها وعدم اتصالها بالإنترنت، فهي تعتمد على الإشارات الراديوية، ما يجعل من الصعب التحكم فيها عن بُعد لتفجيرها، ومع ذلك، يمكن التلاعب بنظام الرسائل الخاص بها.

أما فيما يتعلق بإمكانية إتلاف البطاريات، فيحتاج ذلك إلى الوصول إلى النظام الكهربائي الداخلي للجهاز، وهو أمر لا يمكن تحقيقه عبر الإشارات الراديوية المستخدمة في “بيجر”، والأجهزة الحديثة مزودة بأنظمة حماية تمنع حدوث تلف نتيجة الشحن الزائد أو الحرارة، ما يجعل تحقيق مثل هذا النوع من الاختراق أمرًا بالغ التعقيد، وفقًا لـ"حجاج".

تفجير أجهزة "بيجر"

تفجيرات أجهزة "بيجر" هي وسيلة استخدمتها بعض الجماعات الإرهابية في التسعينيات وأوائل الألفية الثانية لتفجير العبوات الناسفة عن بُعد، بحسب خبير أمن المعلومات، محمود فرج، إذ كان يتم استغلال قدرة أجهزة "بيجر" على استقبال إشارات لاسلكية لتحفيز التفجير.

يضيف فرج لـ"تليجراف مصر"، أن استخدام "بيجر" للتفجير كان فعالًا في زمن كانت فيه هذه الأجهزة شائعة، لكنه أصبح أقل استخدامًا مع تقدم تكنولوجيا الهواتف المحمولة وظهور تقنيات تفجير عن بُعد أكثر تطورًا، مبينًا أن عملية تفجير أجهزة "بيجر" تتم من خلال الخطوات التالية:

1. يتم توصيل جهاز "بيجر" بدائرة إلكترونية مرتبطة بالعبوة الناسفة.
2. يتم ضبط جهاز "بيجر" على رقم هاتف معين.
3. عند الاتصال بالرقم، يستقبل الجهاز إشارة تٌغلق الدائرة الإلكترونية أو تحفيز عملية التفجير.
4. يحدث الانفجار بسبب تلقي "بيجر" الإشارة المطلوبة، ما يؤدي إلى تشغيل الدائرة الكهربائية وتفجير العبوة.

بطاريات “بيجر”

يؤكد فرج أن أجهزة "بيجر" تشبه الهواتف المحمولة من حيث اعتمادها على بطاريات قابلة للشحن، والتي عادةً ما تكون مصنوعة من الليثيوم، وهذه البطاريات تتأثر بارتفاع درجات الحرارة، ما قد يتسبب في انفجارها، ويحدث ذلك في بعض الأحيان عندما يتم وضع الهاتف أو الجهاز على الشاحن لفترة طويلة، وهي حالة مماثلة قد تحدث لأجهزة "بيجر".

ويشدد على أن البطاريات تحتوي على نظام حماية يتوقف عن الشحن عند مستوى معين. 

وأضاف: في حالة حادث لبنان، يبدو أن هذا النظام قد تعرض للاختراق، ما سمح بحدوث شحن زائد، مشيرًا إلى أن توصيل قطبي البطارية (الموجب والسالب) يؤدي إلى انفجارها، وهو احتمال مرجح في الحادث، خاصةً أن الأجهزة كانت في يد حامليها أثناء الانفجار، كما أن بعض الأشخاص أفادوا بأنهم أبعدوا أجهزتهم عندما لاحظوا ارتفاع درجة حرارتها، ما ساعدهم على تجنب الانفجار.

ويلفت إلى أن انفجار البطاريات يمكن أن يتسبب في إصابات خطيرة، حيث تحتوي على طاقة مخزنة بشكل كبير جدًا ومواد كيميائية، ويمكن أن يؤدي الانفجار إلى حوادث خطيرة مثل الاختناق وتطاير الشظايا.

تفخيخ الأجهزة

فيما يتعلق باحتمالية أن تكون أجهزة الاتصالات مفخخة، يرجح فرج عدم احتمالية هذه الفرضية، حيث تمر الأجهزة عبر الجمارك التي تكون قادرة على اكتشاف المواد المتفجرة، وإذا كانت الأجهزة مفخخة بالفعل، فإن عملية التفجير ستكون أبسط من اختراق البطاريات، حيث يتم توصيل الدائرة الكهربائية بمواد التفجير مسبقًا، ما يتسبب في أضرار أكبر مما حدث في لبنان.

سبب انفجار عدة أجهزة في ذات الوقت

فرج يوضح، أن السبب في انفجار عدة أجهزة "بيجر" في وقت واحد يرجع إلى اختراق النظام الداخلي للأجهزة، وهو أمر لا يتطلب اتصالًا بالإنترنت، فبمجرد اختراق الشبكة الداخلية، يمكن الوصول إلى باقي الأجهزة المتصلة بنفس الشبكة، وعلى سبيل المثال، يمكن اختراق الأجهزة المتصلة بنفس المودم حتى لو لم يكن متصلًا بالإنترنت، وهو أمر مشابه للطرق التي تستخدمها برامج الفدية.

يشير خبير أمن المعلومات، إلى احتمالية أن تكون عملية الاختراق قد تمت من خلال استهداف أحد أعضاء الشبكة الخاصة بحزب الله، ما أتاح الوصول إلى جميع الأعضاء المتصلين بها، وهذا يعني أنه من الممكن أن تكون هناك بيانات أخرى تخص الأعضاء قد تم الوصول إليها أيضًا.

مسؤولية إسرائيل

في سياق ذي صلة، نشر  توباز لوك، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منشورًا ألمح فيه إلى مسؤولية إسرائيل عن تفجير أجهزة الاتصال في لبنان، لكنه حذفه لاحقًا. بعد ذلك، نفى مكتب نتنياهو صحة ما جاء في منشور المستشار.

وأفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه إذا كانت تل أبيب مسؤولة عن تفجير أجهزة الاتصال، فإن ذلك سيكون رداً على مخطط حزب الله لاستهداف شخصية أمنية سابقة، الذي أعلن جهاز "الشاباك" عن إحباطه.

search