الجمعة، 20 سبتمبر 2024

01:31 م

التعويم والسوق.. الحالمون بالاستثمار بين "خوفين"

مواطن مصري أمام إحدى شركات الصرافة

مواطن مصري أمام إحدى شركات الصرافة

ولاء عدلان

A A

"معايا 300 ألف جنيه، وعايز أبدأ مشروع صغيّر، تنصحوني بإيه؟".. سؤال طرحه أحد مستخدمي فيسبوك على جروب عام، لتتباين الردود بين نصائح من نوعية: اشتري ذهب أو دولار، وبين السخرية. 

الردود الساخرة جاءت في عبارات على شاكلة: "اشتري حمام وطيّره"، "اشترى توكتوك واشتغل عليه"، "سافر للخارج"، سخرية تعكس واقعا يوميا يعيشه المصريون، مرتبط بتراجع قيمة العملة، وزيادة الأسعار، فالمشروع الذي كان يحتاج 300 ألف جنيه لتأسيسه، صار يتكلف 650 ألفًا.

  
خسائر قاسية

في بداية العام الحالي وتحديدًا في 11 يناير 2023 خفض البنك المركزي المصري سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، ليتداول الدولار اليوم عند مستويات 30.8 جنيه.

تخيل أنه كان لديك مليون جنيه يوم 10 يناير من العام 2023، تعادل نحو 40.5 ألف دولار، إذا كان هذا المبلغ لا يزال في حوزتك الآن، فأنت خسرت فعليًا قرابة 8200 دولار (ما يعادل 253.9 ألف جنيه بسعر المركزي اليوم)، أي نحو 25% من قيمة ما لديك. 

 

نماذج لبعض الردود الساخرة على الحالمين بتأسيس مشروعات العمر


تعويم في الأفق

توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن يُخفض المركزي المصري سعر الجنيه مقابل الدولار، إلى 40 أو 45 جنيهًا للدولار، ما بين يناير ومارس 2024، في خطوة قد تسهم في استقرار سعر الصرف وخفض معدلات التضخم من 38% المسجل في سبتمبر الماضي إلى قرابة 25% خلال الربع الأول.

الخبير الاقتصادي، عادل عامر، قال إن تقرير فيتش مبني على مؤشرات ملموسة أبرزها استمرار نقص مصادر الدولار في مقابل اعتماد مصر على الاستيراد بنسبة 75% لسد احتياجاتها الأساسية، ما يجعل خفض الجنيه في 2024 قادم لا محالة.


في مرمى التعويم  

يرى عادل عامر أن المصريين يفتقرون للوعي المالي، فتحويشة العمر لديهم غالبًا نقود "تحت البلاطة" في وقت تشهد النقود تقلبات وقيمتها تنخفض لأسباب مختلفة، منها تحركات أسعار العملة وارتفاع الأسعار. 

خلال السنوات القليلة الماضية، شهدت أسعار الصرف في مصر خفضًا لقيمة الجنيه عدة مرات، بدأت 3 نوفمبر 2016 من 8.88 إلى 15.77 جنيهًا للدولار، وفي 21 مارس 2022 جاء التعويم الثاني إلى 19.7 جنيهًا للدولار، وفي 27 أكتوبر 2022 إلى 24.7 جنيه للدولار، وفي 11 يناير 2023 تراجع الجنيه للمرة الرابعة إلى نحو 31 جنيهًا. 


في الوقت الضائع

يطرح عادل عامر مثالًا لغياب الوعي المالي لدى المصريين أولئك الذين يمتلكون رؤوس أموال من 100 ألف إلى مليون جنيه ويرغبون في تأسيس مشروعات في وقتنا الحالي، يتابع عامر، هم فقط يلعبون في الوقت الضائع فانخفاض الجنيه مقابل الدولار بنحو 25% منذ بداية العام، معناه بالتبعية خسارتهم لقيمة أموالهم، فهي الآن لا تساوي ذات القيمة التي كانت عليها قبل عام، وبالتالي لا تصلح لتأسيس مشروع ذا جدوى اقتصادية، ولتبسيط الصورة أكثر، تخيل أن سيارة (هيونداي أكسنت RB) التي كنت تشتريها في ديسمبر 2022 بمبلغ 370 ألف جنيه للفئة الأولى الآن أصبحت بسعر 565 ألف جنيه.

بالعودة إلى الباحثين عن أفكار لمشروعات على صفحات الفيسبوك نجد أن النصيحة التي تكررت بصورة واضحة هي شراء الذهب، ربما لأنه نجم العام، قفز منذ بداية العام الحالي بأكثر من 69%.

ويرى خبير أسواق الذهب والمعادن، أسامة زرعي، أنه في أوقات الضبابية وتوقعات تحريك أسعار الصرف يميل المصريون، أكثر من وقت آخر، للاستثمار في الذهب كأصل وملاذ آمن، ويبتعدون في الغالب عن مخاطرة الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

search