السبت، 21 سبتمبر 2024

06:22 م

بعد الاتجاه العالمي.. هل يُحرك المركزي بوصلته نحو خفض الفائدة؟

القاهرة

القاهرة

مصطفى العيسوي

A A

اتجه عدد من البنوك المركزية الكبرى إلى خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعاتها في سبتمبر الجاري، بعد سنوات من السياسات النقدية التشددية التي تهدف إلى كبح جماح التضخم. 

هذه التحولات تأتي في ظل تباطؤ واضح في الاقتصاد العالمي، مع تراجع معدلات التضخم في العديد من الدول المتقدمة والناشئة، ولكن لماذا يصعب تنفيذ هذا الاتجاه في مصر خلال الفترة الحالية؟

البنوك المركزية

ففي 12 سبتمبر الجاري، خفض البنك المركزي الأوروبي، معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، للمرة الثانية خلال العام الحالي، لتصبح 3.5%، في ضوء تراجع معدلات التضخم خلال الفترة الأخيرة نحو مستهدف المركزي الأوروبي البالغ 2%.

وأعلنت أغلب البنوك المركزية، الأربعاء الماضي خفض الفائد بعد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بقيمة 0.5% ليصل إلى نطاق يتراوح بين 4.75% و5%، للمرة الأولى منذ 4 سنوات.

أسباب عدم خفض الفائدة 

من جانبه قال الخبير المصرفي، محمد بدرة، إنه خلال العام الجاري، يصعب أن تذهب لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، لخفض أسعار الفائدة في اجتماعها المقبل.

في 17 أكتوبر المقبل، تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، اجتماعها السادس خلال عام 2024، لحسم مصير أسعار الفائدة، المستقرة على مدار ثلاثة اجتماعات ماضية عند سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية بنسب 27.25%، 28.25% و27.75% بالترتيب وفقًا لآخر قرارات البنك المركزي فيما تم رفعها في أول اجتماعين بمقدار 800 نقطة أساس (8%).

موجة قاسية من التشديد النقدي

وأوضح بدرة لـ"تليجراف مصر" أنه بعد موجة قاسية من التشديد النقدي منذ مارس 2022، والزيادات التي شهدتها أسعار الطاقة خلال الأيام الماضية؛ من المتوقع أن تحدث موجة تضخمية جديدة، ولا يمكن التصدي لها عبر خفض أسعار الفائدة.

وقررت الحكومة، الأربعاء الماضي، رفع أسعار أسطوانات البوتاجاز المنزلي من 100 جنيه إلى 150 جنيهًا تسليم المصنع، بينما قفز سعر أسطوانة البوتاجاز للاستخدام التجاري من 150 جنيهًا إلى 200 جنيه.

كما رفعت الحكومة أسعار الوقود خلال شهر يوليو الماضي، بنسبة تتراوح بين 11 إلى 15%، فضلًا عن رفع أسعار جميع شرائح الكهرباء بنسب تتراوح بين 11 و50% للمنازل وتتجاوز 45% بالنسبة للنشاط التجاري.

استمرار ارتفاع معدلات التضخم

وأشار الخبير المصرفي، إلى أن هذه الموجة ستؤدي إلى استمرار ارتفاع معدلات التضخم خلال الشهر المقبل، الأمر الذي يدفع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة.

وأضاف أن هناك بعض الأسباب الأخرى التي تمنع المركزي من خفض العائد، هو الحفاظ على الجاذبية تجاه الجنيه عبر أدوات الدين الحكومي التي يطرحها بالعملة المحلية نيابة عن وزارة المالية، ما يساعد على استمرار جذب الأموال الساخنة للسوق المحلي خصوصًا بعد إبقاء المركزي التركي في يوم 18 سبتمبر الجاري، على أسعار الفائدة دون تغيير للشهر السادس على التوالي، عند 50%؛ بسبب عدم وجود تحسن ملحوظ في مؤشر التضخم الأساسي، مما دفع السلطة النقدية إلى الاستمرار في تشديد السياسة النقدية من أجل كبح التضخم نحو المستوى المستهدف.

وتشير أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي، إن استثمارات العملاء الأجانب بأذون الخزانة بالجنيه المصري، بنهاية مايو الماضي، وصلت إلى 1.772 تريليون جنيه (ما يفوق 37 مليار دولار)، ارتفاعًا من أكثر 35 مليار دولار، بنهاية أبريل الماضي، وارتفاعًا من 10.5 مليار دولار فقط في يناير 2023، بالتزامن مع رفع وزارة المالية سعر العائد على أذون الخزانة بنحو 3%، ليتجاوز 28%، وهو أعلى مستوى منذ خمسة أشهر بعد تحرير سعر الصرف في مارس.

موعد خفض الفائدة

وتوقع الخبير المصرفي، أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة عند معدلات الحالية خلال اجتماعه المقبل، على أن يبدأ في سياسة الخفض بداية من الربع الأول من 2025، مشيرًا إلى أنه لا يوجد ما يدعو لجنة السياسة النقدية إلى التسرع في قرار الخفض خلال الفترة الحالية.

من جانبه قال الخبير الاقتصادي، بلال شعيب، إن من بين الأسباب التي تدفع المركزي إلى خفض الفائدة أيضًا، رغبته في الحفاظ على مقدار السيولة النقدية الموجودة داخل القطاع المصرفي، موضحًا أن السياسة النقدية المتشددة، نجحت في تحقيق أهدفها عبر سحب أكبر قدر من السيولة المالية بالأسواق، لتصل حجم مدخرات المصريين بالبنوك إلى قرابة 10.5 تريليون جنيه وهو رقم تاريخي، في المقابل حجم الإقراض سواء للأفراد أول المؤسسات لم يتجاوز 5 تريليونات جنيه.

وأشار شعيب لـ"تليجراف مصر"، إلى أن هناك تخوفًا في حال خفض أسعار الفائدة من تسرب هذه الأموال مرة أخرى إلى وسائل أخرى للادخار، وفي مقدمتها "عودة الدولرة"، الأمر الذي يضعف من قيمة الجنيه أمام العملة الأمريكية لتبلغ أكثر من 70 جنيهًا بالسوق السوداء خلال يناير الماضي.

وأوضح أن خفض أسعار الفائدة يفتح شهية المقترضين مرة أخرى، لا سيما وأن المعدلات المرتفعة الحالية تضعف من القدرة على الاستدانة، وهذا قد يقلل من حجم السيولة مع الأفراد وبالتالي تتراجع القوة الشرائية، وبالتالي يحفاظ على أسعار السلع المتوفرة بالأسواق ويضمن عدم ارتفاعها، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم.

مؤسسات دولية 

ورجح بنك مورجان ستانلي في أحدث تقرير له، أن تستمر أسعار الفائدة على معدلاتها الحالية حتى نهاية العام الجاري، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن يبدأ البنك المركزي المصري خفض العائد في أول اجتماع للجنة السياسة النقدية في 2025، المقرر عقده في فبراير المقبل.

كما استبعد"بنك أوف أمريكا" اتخاذ لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي قرارًا برفع أسعار الفائدة في الاجتماع بالأجل القريب، تفاديًا للآثار المالية التي ستنجم عن ذلك، وللحد من احتمال تباطؤ وتيرة تراجع معدل التضخم نتيجة زيادة أسعار الطاقة خلال الفترة المقبلة أو زيادة الضغوط على العملة المحلية.

search