الأحد، 22 سبتمبر 2024

10:18 م

أفران مدينة سودانية توقف إنتاج الخبز لشحن الهواتف المحمولة

انقطاع الكهرباء في السودان

انقطاع الكهرباء في السودان

حبيبة وائل

A A

اجتاحت الحرب مدينة سنجة بولاية سنار السودانية في نهاية يونيو الماضي، بعد قصف مدفعي وجوي من قبل قوات الدعم السريع، ما أدى إلى تدمير واسع النطاق وترك المدينة غارقة في الظلام.  

تسبب انقطاع الكهرباء بالمدينة في عزل سكانها عن العالم الخارجي بشكل كامل، وأصبح التواصل أمراً صعباً، وزادت الهواتف المحمولة من أهميتها ليس فقط كوسيلة للتواصل، بل أيضاً كطوق نجاة لتلقي التحويلات المالية من المغتربين، والتي تشكل الشريان الرئيسي لتوفير متطلبات.

معضلة شحن الهواتف 

في ظل غياب الكهرباء، تحولت عملية شحن الهواتف إلى معضلة يومية، حيث بات السكان يبحثون عن أي مصدر للطاقة، حتى لو كان ذلك عبر الأفران والمخابز، بحسب ما أفاد الصحفي نصر الدين عبد القادر، الذي نزح إلى “سنجة” هرباً من الحرب في الخرطوم. 

 تحولت الأفران إلى محطات شحن مؤقتة للهواتف المحمولة، منذ ساعات الفجر الأولى، يصطف الناس بأجهزتهم وشواحنهم أمام الأفران، التي كانت في السابق مصدراً لرغيف العيش، لتتحول اليوم إلى مصدر للطاقة، وفقًا لموقع "العربية".

مع نقص الوقود، يضطر البعض إلى قطع مسافات طويلة بحثاً عن فرن يعمل، حيث أصبحت هذه الطوابير مشهداً يومياً في المدينة، ومع ذلك، لا تخلو هذه الحلول المؤقتة من المخاطر؛ إذ إن المولدات الكهربائية الرديئة المستخدمة في شحن الهواتف أحياناً تسببت في تلف العديد من البطاريات، ما وضع السكان أمام خيار صعب، إما الاستمرار في شحن هواتفهم رغم المخاطر، أو فقدان الاتصال بالعالم الخارجي. 

الأفران نقطة تجمع وتجديد الأمل 

خلال الانتظار أمام الأفران، ازدهرت مبيعات الفلافل والخبز، على الرغم من تضاعف الأسعار، ووصل سعر الرغيف إلى 200 جنيه سوداني، ما يعادل حوالي 60 سنتاً أمريكياً، ما زاد من العبء الاقتصادي على المواطنين، ورغم هذا الوضع الصعب، بدا أن السكان قد اعتادوا على هذا الروتين اليومي، حيث أصبح الانتظار فرصة للتواصل الاجتماعي والتبادل التجاري. 

حياة بلا كهرباء 

لم يكن انقطاع التيار الكهربائي في سنجة مقتصراً على مشكلة شحن الهواتف فقط؛ بل امتد تأثيره ليشمل جميع جوانب الحياة، إذ توقفت الثلاجات عن العمل، وتعطلت الأجهزة الكهربائية، ليعيد ذلك المدينة إلى ما قبل عصر الكهرباء، وكانت اللحظات النادرة التي يعود فيها التيار الكهربائي إلى السوق أو المستشفى تُعد بمثابة احتفال صغير بين السكان، وكأنهم استعادوا جزءاً من حضارتهم المفقودة. 

انتشار الشائعات وسط غياب المعلومات 

في ظل غياب وسائل الإعلام التقليدية نتيجة انقطاع الكهرباء، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي المصدر الوحيد للمعلومات، ومع ذلك، أدى هذا إلى انتشار الشائعات بشكل سريع، حيث انتشرت الأخبار المضللة في الأسواق والمجالس، ما أحدث حالة من الإرباك والتشتت بين الناس. 

خلفية تاريخية 

مدينة سنجة، التي تقع جنوب شرق السودان على بعد 300 كيلومتر من الخرطوم، تعتبر مهد أول دولة إسلامية موحدة في السودان (1504-1821م)، ويُعتبر موقعها الجغرافي جسرًا يربط وسط السودان بجنوبه الشرقي، الذي يسيطر عليه الجيش، كما تعد ولاية “سنار” منطقة زراعية حيوية تعتمد على مشاريع ضخمة تعتمد على الري من خزان سنار على ضفاف النيل الأزرق. 

منذ أواخر يونيو الماضي، تعاني ولاية سنار من أوضاع إنسانية كارثية نتيجة الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ووفقاً لتقارير المنظمة الدولية للهجرة، تسبب هذا النزاع في نزوح حوالي 726 ألف شخص، ليصل إجمالي عدد النازحين في الولاية إلى أكثر من مليون شخص، بعدما كانت تستضيف بالفعل نصف مليون نازح قبل اندلاع المعارك. 

search