الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

05:54 ص

مصريًا وعربيًا.. هل تأثرت السياحة بتوترات البحر الأحمر؟

المقاصد بالبحر الأحمر جاذبة للسياحة ومشهود لها عالميا

المقاصد بالبحر الأحمر جاذبة للسياحة ومشهود لها عالميا

محمد جابر

A A

تحوّل البحر الأحمر إلى مركز اهتمام العالم، بعد التوترات السياسية والعسكرية التي تحيط بهذا الممر الملاحي الحيوي من كل جانب، بدءا من الحرب في غزة، ودخول جماعة الحوثي على خطّ الصراع باستهداف السفن الإسرائيلية أو المحسوبة عليها، ليس هذا وفقط بل الحرب في السودان، والمناوشات السياسية ذات الصبغة العسكرية في القرن الأفريقي. 

لكن تبقى المقاصد السياحية على جانبي البحر الأحمر، وخصوصا في مصر جنوب شبه جزيرة سيناء، جاذبة للسياحة العالمية خصوصا كمشاتي مشهود لها عالميا، لكن في وسط “حالة القلق والتوتر” هذه، يُطرح سؤال مهم عن مدى تأثر مصر والمنطقة العربية بهذه الأحداث، ونسب الإشغال الفندقية واستعداد الهيئات المختصة لإدارة هذه الحالة الطارئة وتجنيب الاقتصاد التبعات المؤكدة، خصوصا وأن السياحة أحد المصادر الأساسية للعملة الصعبة التي تعاني شحا في الأسواق. 

“ليس بعد”

قال الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية للتنشيط السياحي عمرو القاضي، في تصريحات خاصة لـ"تليجراف مصر"، إنه "لا يوجد حاليًا أي تأثير على الحركة السياحية إلى مصر أو المنطقة العربية، جرّاء استهداف جماعة الحوثي اليمنية السفن المارة جنوب البحر الأحمر، وتحديدا في منطقة باب المندب، على خلفية الحرب الدائرة في غزة، لافتا إلى أن معظم السياحة في المنطقة عبر الطيران وليس السفن البحرية العملاقة.

أوضح القاضي أننا “تعلمنا أن ننظر إلى الأحداث في البحر الأحمر أو غزة بشكل مدروس، وأن هذه التوترات سياسية عسكرية وليست سياحية، وأن موقفنا من الحجوزات السياحية لا يوجد به أي مشكلة في مصر”.

طمأنة المجتمع السياحي

أشار القاضي إلى أن الوقت لا يزال مبكرا لإعادة صياغة رؤية السياحة في ظل أحداث اليمن، ولكننا نؤكد حقيقة الوضع في مصر، فعلى أرض الواقع لا يوجد أي تأثير على المستوى السياحي، ونعمل على طمأنة المجتمع السياحي الدولي، وهناك اتصالات دائما مع وكلاء السياحة الخارجيين للإجابة على أي استفسارات".

"قطاع حساس"

قال رئيس غرفة المنشآت الفندقية علاء عاقل، إن قطاع السياحة في المنطقة العربية حسّاس لأقصى درجة ممكنة، ويتأثر بالأزمات العالمية، وقد تأثرت الأسواق المصدرة للسياحة نحو مصر بحرب أوكرانيا وروسيا رغم البعد الجغرافي، وشهدنا انخفاضا في معدلات التدفق من السوقين الروسية والأوكرانية، بالإضافة إلى تداعياتها على سوق أوروبا التي خفضّت أيضا من نسب تدفق سياحتها نحو مصر.


“تأثرنا بغزة” 

وعن أحداث الحرب على غزة، أضاف رئيس غرفة المنشآت الفندقية أن “هناك تخوفات كنتيجة طبيعية لمجريات الأحداث كونها ملاصقة جغرافيا للحدود معنا، وقد يكون هناك تحويل لبعض الرحلات من المقصد المصري إلى مقاصد أخرى مثل الكاريبي، وقد يكون هناك تأثير سلبي لمصر وبعض دول الشرق الأوسط”.

السياحة الخليجية

وعن تضرر دول الخليج جراء أحداث البحر الأحمر، قال  علاء عاقل إنه “من غير المنطقي أن يتأثر الأشقاء بالخليج خصوصا الإمارات، لاختلافها من الناحية الاقتصادية ومنظومتها البعيدة عن الصراع الدائر ونوعية سائحيها، فيما تتأثر الأردن تأثيرا حادا وشهدت انخفاضا في نسبة تدفق السياح عليها”.


أشار عاقل إلى أن “الأحداث تؤثر لمدة قصيرة، ولكن علينا تصدير رسائل إيجابية للخارج ومن أرض الواقع، كإطلاق حملات إعلامية لتنشيط السياحة، وعرض أفلام وثائقية في المحطات العالمية، إلى أن تعود الأجواء إلى الهدوء عالميا”.

وقال مدير إحدى شركات السياحة العالمية، معتز صدقي، إنه في الأشهر الأخيرة أصبح أمن البحر الأحمر ركيزة أساسية لجميع الدول المطلة على ساحل البحر الأحمر من الجنوب إلى الشمال، وتحرك العديد من الدول بدوافع استراتيجية جيوسياسية، لتنويع اقتصادها وخصوصا المستجلبات من عوائد الاستثمارات السياحية، فعززت العلاقات الأمنية في المنطقة من خلال بناء التحالفات مع دول الساحل الأفريقي".


رؤية 2030

شدد صدقي على أن الاستقرار في منطقة البحر الأحمر حيوي للعديد من مشاريع رؤية 2030، بما في ذلك مشروع نيوم، بالإضافة إلى مشروع البحر الأحمر، وهو مشروع تطوير سياحي.

وتابع أن الحرب الدائرة في السودان أدت إلى تغيير توازن الأمن في البحر الأحمر، مما يطرح تحديات متعددة فمنذ السابع من أكتوبر، أطلقت ميليشيات الحوثي عدة هجمات جوية باتجاه إسرائيل، وبنسبة أقل، ضد أهداف أمريكية في المنطقة.

أضاف أن الضرر لم يمتد إلى مصر، وخصوصا صعيد مصر والمراكب النيلية والبرامج المرتبطة بمطار القاهرة الدولي، ويكاد يكون التأثير معدوما على مرسى علم في الجنوب، ولكن كان له بعض الأثر على شرم الشيخ ومدينة دهب ونويبع وطابا.

آليات مدروسة وفعّالة

استكمل صدقي "تلعب صناعة السياحة دورًا حيويًا في اقتصادات العديد من الدول، ولكنها تواجه تحديات جمّة عندما تقع الدولة ضمن منطقة تشهد صراعات مسلحة، وللحفاظ على هذا القطاع يتطلب تطبيق آليات خروج مدروسة وفعّالة، لتعزيز الثقة لدى السياح من خلال التعاون مع الشركات العالميه ونقل بث حيّ من المواقع الأثرية والفنادق للسياح المتواجدين داخل البلد بصورة تلقائية.

وأكد على ضرورة وجود حملات تسويقية تركز على السواحل الممتدة والآمنة في البلاد، واستخدام شهادات السياح السابقين كسفراء للنوايا الحسنة، بالإضافة إلى تطوير أنواع جديدة من السياحة مثل السياحة العلاجية والتي قد تجذب شرائح مختلفة من السياح، وتحسين البنية التحتية السياحية لتعزيز الجاذبية كما يحدث الآن في منطقة الأهرامات والمتحف المصري الكبير".

ودعا صدقي إلى ضرورة تشجيع المصريين على استكشاف بلادهم، مما يساعد في الحفاظ على الصناعة ويعزز الوعي الثقافي، وتقديم حوافز لشركات السياحة والسفر لتحفيزها على تقديم عروض وباقات جذابة، لافتا إلى أن التخطيط الاستراتيجي والتعامل السريع مع التحديات أمر ضروري لدعم صناعة السياحة في الدول التي تحيط بها أي نوع من الصراعات.

search