السبت، 28 سبتمبر 2024

01:19 م

"الصراعات" تحاصر سعر الصرف.. هل يقفز الدولار مجددًا؟

دولارات أمريكية

دولارات أمريكية

يحوم سعر الدولار حاليًا بالقرب من مستوى الـ49 جنيهًا، ما يثير تساؤلات بشأن احتمالات أن تواصل العملة الأمريكية صعودها خلال ما تبقى من العام، لا سيما مع ارتفاع خطر التوترات الجيوسياسية في المنطقة.

الخبير المصرفي، أستاذ الاستثمار والتمويل، فهد جاهين، قال إن المخاطر الجيوسياسية من العوامل التي تؤثر سلبًا في معنويات الأسواق، وقد تؤدي إلى تقلبات في سعر الصرف، كما رأينا في مطلع أغسطس الماضي عندما ارتفع الدولار بعد حالة الذعر التي اجتاحت الأسواق العالمية وإعلان حركة “حماس” اغتيال رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، في إيران، وهو ما أثار مخاوف من اتساع رقعة المواجهة في الشرق الأوسط.

موازنة المخاطر 

وأضاف جاهين في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، أن المخاطر الجيوسياسية الراهنة في المنطقة من المستبعد أن تشكل ضغوطًا اقتصادية آنية على مصر، بالتالي سيظل تأثيرها محدودًا على حركة سعر الصرف، حتى حال شهدنا تخارجًا لجانب من الأموال الساخنة (الاستثمار الأجنبي غير المباشر في الأسهم وأدوات الدين) نتيجة لتصعيد عسكري أكبر في هذا سيقابله على الأغلب دخول تدفقات أجنبية جديدة للسوق. 

ولفت إلى أن بدء الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) دورة التيسير النقدي سيُحدث نوعًا من توازن المخاطر أمام مخاوف اتساع رقعة المواجهات العسكرية بين “حزب الله” اللبناني وإسرائيل، إذ سيسهم تراجع الفائدة على الدولار في تعزيز جاذبية الأسواق الناشئة بما فيها مصر للأموال الساخنة، وبالتبعية سيسهم ذلك في تماسك الجنيه داخل نطاق آمن دون تراجعات حادة.

وأوضح أن من العوامل التي تعزز توقعات عدم رؤية تقلبات قاسية لسعر الصرف في المدى القريب، ارتفاع الاحتياطي الأجنبي إلى مستويات قياسية تكفي لتغطية قرابة 8 أشهر من الواردات فضلًا عن أن التصعيد الراهن في غزة أو جنوب لبنان حتى اللحظة لم يؤثر بشكل كبير على سلاسل الإمداد، بالتالي يمكن القول أن تأثيره سيظل محدودًا. 

وخلال أغسطس الماضي، واصل الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي صعوده للشهر الثامن على التوالي ليسجل مستوى قياسيًا عند 46.6 مليار دولار، وذلك ارتفاعًا من 35.2 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2023.

الخبير المصرفي أستاذ الاستثمار والتمويل، فهد جاهين

نطاق ضيق 

من جانبه، رأى رئيس قطاع البحوث في شركة عربية أونلاين لتداول الأوراق المالية، مصطفى شفيع، أن جميع المؤشرات الراهنة ترجح استقرار سعر الصرف داخل نطاق بين 48 و49 جنيهًا بالتزامن مع استمرار تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر تحديدًا في قطاعات السياحة والمشروعات المعلن عنها من قبل الحكومة خلال الفترة الأخيرة، ما يعني أن الفترة المقبلة ستشهد تدفقات أجنبية داخلة تفوق الخارجة.

وأضاف أن التوترات الراهنة في الجنوب اللبناني قد تؤدي لتخارج أموال ساخنة من السوق المصرية، إلا أنه من غير المتوقع أن يكون هذا التخارج قويًا لدرجة تؤثر على سعر الصرف، وأقصى ما يمكن أن نشاهده هو تقلبات محدودة على غرار ما حدث في أعقاب اغتيال هنية، إذ ارتفع سعر الدولار لفترة مؤقتة أعلى مستوى الـ49 جنيهًا، بالتزامن مع تخارج قرابة 4 مليارات دولار. 

وتابع أن تخارج الأموال الساخنة بالتزامن مع أي تصعيد عسكري أمر طبيعي يعكس ردة فعل لحظية للمستثمرين الأجانب الذين غالبًا ما يعودون بمجرد حصولهم على مؤشرات تطمئنهم، موضحًا أن غالبية الدلائل تشير إلى أن التصعيد بين إسرائيل وإيران سيظل محصورا في نطاق ضيق ولن تتسع رقعته وهذا مؤشر إيجابي من منظور المستثمرين. 

رئيس قطاع البحوث في شركة عربية أونلاين لتداول الأوراق المالية، مصطفى شفيع

واتفق معه أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة قناة السويس عضو المجلس المصري الكندي، أحمد خطاب، لافتًا إلى أننا قد نشهد ارتفاعًا قويًا في سعر الدولار حال تحولت المواجهات الحالية بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب أوسع نطاقا ودخلت دولا مثل إيران على الخط وهو أمر مستبعد في ظل مساعي دولية للتهدئة.  

وأضاف أنه حتى في حالة حدوث ارتفاع لسعر الدولار إلى مستوى 50 جنيهًا، فالأرجح أنه سيكون لفترة وجيزة في ظل ارتفاع مستويات السيولة الدولارية لدى المركزي، الأمر الذي يعزّز قدرته على التدخل للدفاع عن الجنيه ودعمه  في حالة التقلبات الحادة.

وسجّل الدولار مستويات تجاوزت عتبة الـ50 جنيهًا خلال الأيام الأولى التي تلت قرار المركزي بتحرير سعر الصرف في 6 مارس الماضي، إلا أنه تعافى لاحقًا وظل يتحرك في نطاق ضيق بين 47 و49 جنيهًا حتى اللحظة، وفي وقت سابق حذرت شركة الأبحاث "بي إم آي" التابعة لمؤسسة فيتش سوليوشنز من احتمالية أن يترفع الدولار إلى 55 جنيها حال اتساع رقعة المواجهة في المنطقة وتحولها إلى حرب متعددة الأطراف.  

لكن فيتش أبقت على توقعات لحركة سعر الصرف خلال العام المالي 2024-2025 عند نطاق يتراوح بين 47.9 و49.5 جنيه.

يُشار إلى أن الجنوب اللبناني يشهد تصعيدًا عسكريًا منذ أيام في أعقاب تفجيرات دامية تسببت في موت ما لا يقل عن 37 شخصًا غالبيتهم من “حزب الله”، فيما أفادت تقارير إعلامية اليوم، بأن واشنطن تسعى حاليًا لهدنة بين “حزب الله” وإسرائيل لمدة 3 أسابيع على أمل أن تسهم المفاوضات بين اللبنانيين والإسرائيليين في الحيلولة دون فتح جبهة جديدة للصراع متعدد الأطراف على طول الحدود اللبنانيين.

search