الجمعة، 22 نوفمبر 2024

03:40 م

"مصنع أبوقرقاص".. قلعة السُكّر لا تذوّبها شائعة

سكر

سكر

محمد خيري - ولاء عدلان

A A

عاد الحديث عن أزمة السكر إلى الشارع المصري بقوة خلال الأيام الماضية، تزامنًا مع تداول شائعة عن توقف ماكينات مصنع أبو قرقاص للسكر عن الإنتاج، بعد ما يزيد على 155 عامًا من الدوران والعمل، لكن الواقع أن إدارة المصنع قرّرت تشغيل خطوط الإنتاج اعتمادًا على توريدات البنجر فقط، على أن يتم توريد قصب السكر إلى مصنع جرجا.

وشدّد عضو شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية، محمد فوزي، على أن مصنع أبو قرقاص لم يتوقف عن العمل وأن الأمر مجرد تحويل في خطوط الإنتاج، مضيفا من غير المتوقع أن يتأثر الإنتاج الأجمالي للمصنع من السكر خلال العام الحالي بتحوله للاعتماد على محصول البنجر.  

الأزمة تحت القبة

خلال العام الماضي، استقبل مصنع أبوقرقاص 90 ألف طن من قصب السكر فقط، انخفاضًا من قرابة 400 ألف طن قبل عامين، ما أسفر عن خسائر بنحو 112 مليون جنيه، وفي الموسم الحالي لم يستقبل المصنع سوى 10 آلاف طن أي ما يكفي لتشغيله لمدة 5 أيام فقط، ما دفع الإدارة إلى تحويل خطوط الإنتاج إلى الاعتماد على البنجر، وفق تصريحات للرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، اللواء عصام البديوي، السبت الماضي، في برنامج “الحكاية” على فضائية “إم بي سي مصر”. 

هذه التصريحات دفعت النائبة آمال عبد الحميد، إلى التقدم بطلب إحاطة موجه إلى وزراء التموين والتجارة الداخلية، والزراعة، بشأن توقف مصنع أبو قرقاص. وقالت في مضمون الطلب إن الخسائر التي حققها مصنع أبوقرقاص نتيجة تدني نسبة توريد محصول القصب هي ما دفع الإدارة لإغلاقه، وألمحت إلى تقصير حكومي في الاهتمام بالمصنع وكذلك التقصي في تطوير زراعة المحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها المحاصيل السكرية.

وأشارت عضو مجلس النواب إلى أن مصنع أبو قرقاص كان يستقبل 750 ألف طن حتى عام 2020، ولكن في العام الماضي استقبل 90 ألف طن فقط، ما دفع الإدارة إلى اتخاذ قرار بوقف التشغيل اعتمادًا على القصب، مضيفة أنه من المفترض أن تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا لتطوير زراعة المحاصيل الاستراتيجية بما فيها القصب والبنجر، وتحقيق قدر من الاكتفاء الذاتى منها كأحد أركان الأمن الغذائى المصري.

من جانبه، أكد عضو  مجلس النواب، النائب محمد عبد القوى، في تصريح لـ"تليجراف مصر" أن المجلس سيناقش أزمة مصنع أبوقرقاص، كونها قد تتسبب في ارتفاع أسعار السكر بالأسواق مجددًا، على الرغم من أنه سلعة استراتيجية.

مصنع عريق

ويعود تاريخ تأسيس مصنع سكر أبو قرقاص، إلى عهد الخديوي إسماعيل الذي يرجع له الفضل في تطوير صناعة السكر المصرية، عندما قرّر إنشاء نحو 18 مصنعًا للسكر ضمن مساعٍ لتحرير الاقتصاد الوطني من الاعتماد على محصول القطن فقط، ومن ضمن هذه المصانع كان مصنع أبوقرقاص الذي بدأ إنشاءه في عام 1896.

ويقع المصنع في جنوب محافظة المنيا، ويعد جزءًا من تاريخ عروس الصعيد وصورة قطارات قصب السكر الشهيرة المعروفة باسم “الديكوفيل”، وسيارات النقل الكبيرة، والجرارات الزراعية التي تجمع المحصول من المزارعين لتوريده إلى المصنع العريق، شكل جميعها على مر عقود طويلة ذاكرة أهل المنيا والمحافظات المجاورة.

المصنع، الذي يعد أعرق مصانع السكر في الشرق الأوسط، خضع للتطوير عدة مرات أهمها بناء مصنع لإنتاج السكر من البنجر في عام 1999 الذي رفع الطاقة الإنتاجية للمصنع إلى أكثر من ثلث إجمالي إنتاج مصر من السكر، فضلًا عن إنتاجه من الخميرة الجافة والكحول الإثيلي، والأهم أن المصنع اعتبارًا من هذا التاريخ أصبح الأول من نوعه في العالم الذي ينتج السكر من القصب والبنجر معًا.

مصنع أبوقرقاص للسكر في المراحل الأولى من إنشائه

أسباب الأزمة 

النائبة آمال عبد الحميد، أوضحت أن الاستهلاك المحلي من السكر سجّل في مايو الماضي نحو 3.250 مليون طن، مقابل 3.100 مليون طن في نفس الفترة من العام السابق. في المقابل بلغ الإنتاج المحلس في العام الماضي نحو 2.8 مليون طن (بانخفاض 7,2% عن العام السابق)، كما بلغ حجم الواردات 830 ألف طن متراجعة بنحو 3,4% عن العام السابق.

من جانبه، أشار عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، هشام الشعيني، في بيان له، إلى أن انخفاض زراعة القصب كان سببًا جوهريًا لتوقف عمل مصنع أبوقرقاص اعتمادًا على هذا المحصول الاستراتيجي، لافتًا إلى أنه على الرغم من إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، دعم مزارعي القصب ورفع سعر توريد القصب من 1100 جنيه إلى 1500 جنيه، فإن المزارعين عزفوا عن زراعة القصب واتجهوا لزراعة المحاصيل المربحة، ما تسبب في زيادة حدة الأزمة.

ولفت الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، اللواء عصام البديوي، في تصريحات سابقة، إلى أن التجّار يقومون بشراء القصب من المزارعين بسعر يتراوح بين 2200 و2500 جنيه للطن بغرض توريده لعصارات العسل الأسود ومحلات العصير، وفي المقابل فإن مصنع أبوقرقاص يعرض سعرًا 1500 جنيه للطن فقط.

وأوضح أن مصنع أبوقرقاص يشتري القصب من المزارعين بمتوسط أسعار للفدان الواحد يصل إلى 52.5 ألف جنيه للفدان، بينما مصانع العسل الأسود تقوم بالشراء بسعر 100 ألف جنيه للفدان، مطالبًا الحكومة بمنع تصدير العسل الأسود خلال الأشهر الأربعة التي يجري خلالها إنتاج قصب السكر، ما يخفض سعر التوريد إلى المصانع، وبالتبعية يتجه المزارعون للتوريد إلى مصانع السكر. 

وخلال العام الماضي سجّلت شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية خسائر تتعلق بإنتاج السكر بلغت نحو 3.5 مليار جنيه.

search