السبت، 23 نوفمبر 2024

02:22 ص

ما حكم البيع لشخص ماله من حرام؟

دار الإفتاء

دار الإفتاء

محمد لطفي أبوعقيل

A A

تعد مسألة البيع والشراء من القضايا المهمة في الفقه الإسلامي، حيث ترتبط بمبادئ الحلال والحرام التي تنظم المعاملات المالية بين الأفراد.

إحدى القضايا التي تثير اهتمام الفقهاء هي حكم البيع لشخص ماله من مصدر حرام، وما إذا كان التعامل معه جائزًا أم لا.

وفي هذا السياق ورد سؤال إلى دار الإفتاء، مفاده "ما حكم البيع لشخص ماله من حرام؟"، وأجابت دار الإفتاء عن التساؤل عبر موقعها الإلكتروني الرسمي.

حكم البيع لشخص ماله حرام

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن البيع لشخص ماله من حرام جائز؛ فقد كان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يعامل اليهود.

وأضافت، وكان كثير منهم يتعاملون بالربا، ولم يمنع التعامل معهم لذلك، والعبرة بصحة المعاملة في ذاتها.

وتابعت الإفتاء: اللهم إن كان مقابل البيع مالًا معينا مملوكا لغير المشتري، كأن استولى عليه بسرقة أو اغتصاب أو نهب، أو استولى على عين مرهونة لم يحل أجل قضاء دينها المرهونة في مقابله، أو على عين مستعارة أو مودعة أو ما شابه، فحينئذ يصح التعامل ويجب بذل عين أخرى مكانها.

التحويل والسحب من المحافظ الإلكترونية

كما تلقت دار الإفتاء سؤالًا يتعلق بحكم التحويل والسحب من المحافظ الإلكترونية، حيث ورد من السائل أنه يعمل في مجال تحويل الأموال عبر المحافظ الإلكترونية بعمولة محددة على التحويل أو السحب، باستخدام نظام عمل يعتمد على التواصل عبر الواتساب أو الهاتف.

وبحسب ما ذكره السائل، يقوم العميل بإرسال تفاصيل التحويل والمبلغ، ويُحاسب بعد يوم أو يومين بنفس العمولة المتفق عليها، دون إضافة أي مبلغ إضافي على تأخير المبلغ.

وسأل السائل عما إذا كانت هذه المعاملة حلال أم حرام، وهل تنطبق عليها قاعدة "كل قرض جر نفعًا فهو ربا".

أجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي أن المعاملة المذكورة جائزة شرعًا، لأنها تندرج تحت عقد الوكالة، مع ضرورة الالتزام بالقوانين واللوائح المنظمة لها، وكذلك بمقتضى ما تم التعاقد عليه بين الشخص الذي يقوم بالتحويل والشركة المسؤولة عن هذه الخدمة.

وأوضحت دار الإفتاء أن المعاملة تتكون من جزئين

الجزء الأول: يتعلق بطلب مبلغ من المال لتحويله إلى شخص آخر، مع التزام العميل برد المبلغ في الوقت المتفق عليه.

وهذا يُعد من قبيل القرض، حيث يتم دفع المال للطرف الثالث بناءً على طلب العميل، والذي يلتزم برد مثل المبلغ في الوقت المحدد. يُعرف هذا بأنه قرض حسن، وهو نوع من القروض الذي يشجع عليه الإسلام، كما ثبت في العديد من النصوص الشرعية.

الجزء الثاني: يتعلق بالقيام بعملية التحويل نفسها بناءً على طلب العميل، ويُعتبر هذا من قبيل عقد الوكالة.

في هذه الحالة، يقوم الشخص الذي يقدم الخدمة "الوكيل" بنقل المال إلى الشخص الذي طلب العميل دفعه إليه باستخدام خدمة المحافظ الإلكترونية.

هذه العملية تُعَدُّ وكالة جائزة شرعًا، حيث يمكن للإنسان أن يوكل غيره في العقود المالية وتحصيل الحقوق وإعطائها.

وأضافت دار الإفتاء أن وجود القرض والوكالة في نفس المعاملة لا يتعارض مع جوازها، حيث نص الفقهاء على جواز قضاء الوكيل لدين موكله من مال الوكيل، على أن يُعتَبر قَرْضًا يُسترد.

أما بالنسبة لعمولة التحويل، فقد أكدت دار الإفتاء أنها تُعتبر مصاريف إدارية مقابل الخدمة المقدمة، وهي جائزة شرعًا.

وفي الختام، أكدت دار الإفتاء على ضرورة الالتزام باللوائح والقوانين المُنظمة لهذه المعاملة، والوفاء بالعقود المبرمة، حيث يُعتبر ذلك واجبًا شرعيًا وفقًا لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1].

وبذلك، فإن المعاملة المذكورة جائزة شرعًا طالما تمت وفق الأطر القانونية والعقدية المتفق عليها. والله سبحانه وتعالى أعلم.

search