السبت، 12 أكتوبر 2024

10:23 م

يمرض ولا يموت.. أسرار القفزة بعقود التمويل العقاري

عقود التمويل العقاري - تعبيرية

عقود التمويل العقاري - تعبيرية

تواصل عقود التمويل العقاري غير المصرفي، تسجيل نمو قوي منذ مطلع العام الحالي بعد تراجع بأكثر من 22% خلال العام الماضي، مدفوعة بطلب قوي. 

وفقًا لبيانات الهيئة العامة للرقابة المالية، قفزت قمية التمويلات الممنوحة لعملاء نشاط التمويل العقاري بنهاية يوليو الماضي بأكثر من 168% على أساس سنوي لتصل إلى 12.9 مليار جنيه متجاوزة بذلك الرقم المسجل بنهاية ديسمبر 2023 البالغ 10.4 مليار جنيه، فيما ارتفع إجمالي العقود المبرمة بواسطة الشركات العاملة بهذا القطاع إلى 5854 عقدًا بنهاية يوليو ما يعكس زيادة بمقدار 128.8% مقارنة بأرقام العام الماضي. 

تراجع السيولة

رأى استاذ الاقتصاد الخبير العقاري ماجد عبدالعظيم قابيل، أن هذا النمو القوي في حجم التمويل العقاري غير المصرفي يعكس نمو القطاع العقاري بالدولة وإقبال المصريين على تملك العقار رغم ارتفاع الأسعار المستمر وتراجع مستويات السيولة النقدية (الكاش). 

وأضاف قابيل لـ"تليجراف مصر"، أن وجود رغبة مرتفعة لتملك العقار مع تعدد أغراض الشراء سواء من أجل السكن أو الاستثمار يخلق طلبًا مرتفعًا على العقار ومع تراجع مستويات السيولة يكون أمام العملاء خيارات عدة لتمويل عملية الشراء من بينها التمويل العقاري من خلال البنوك أو الشركات العاملة بهذا القطاع. 

وتابع أن التمويل العقاري يعد أداة مناسبة لتوفير السيولة اللازمة لشراء العقار، لا سيما مع اتجاه الحكومة خلال الفترة الماضية لإدخال تعديلات على قانون التمويل العقاري رقم 148 لعام 2001 وتبسيط لائحته التنفيذية، بعد أن ظل لسنوات غير مفعل على النحو المطلوب نظرًا لأسباب عدة، على سبيل المثال هذا القانون بنسخته الأولى كان يسمح بالتعامل على العقارات المسجلة بالشهر العقاري فقط. 

تبسيط الإجراءات

وأوضح أن غالبية العقارات في الدولة غير مسجلة أو مقامة على أراضي غير مسجلة، وهو الأمر الذي انتبهت له الحكومة لتقوم بإدخال تعديلات على القانون ليشمل العقارات القابلة للتسجيل، كما قامت بتبسيط إجراءات التسجيل لاختصار الوقت والتكلفة الأمر الذي ساهم بدوره في تعزيز نشاط التمويل العقاري. 

واستطرد أن عملية تسجيل العقارات قديمًا كانت تتطلب دفع رسوم تصل إلى 12% من قيمة العقار وتستغرق فترة طويلة قد تصل لعام كامل، أما الآن فالإجراءات أصبحت أيسر كما أن التكلفة وصلت إلى 2000 جنيه لأي عقار مهما كان ثمنه، وجميعها عوامل ساهمت في إنعاش نشاط التمويل العقاري. 

الخبير العقاري الدكتور ماجد عبدالعظيم قابيل

وأشار قابيل إلى أن القانون يضمن أيضًا للشركات العاملة في نشاط التمويل حقوقها إذ ينص على أن تكون عقود التمويل العقاري تشمل 3 أطراف هي العميل وشركة التمويل والمطور العقاري (المالك) لضمان حقوق جميع الأطراف، كما ينص على عدم التصرف في العقار إلا بعد الانتهاء من سداد كامل الدفعات المترتبة على عقد التمويل. 

في أواخر 2022، أعلنت هيئة الرقابة المالية نهاية تعديل قواعد ممارسة نشاط التمويل العقاري، على نحو يسمح بزيادة قسط التمويل إلى %50 من إجمالي دخل العميل بدلا 35% و40%  للفئات ذات الدخول المختلفة، الأمر الذي ساهم في إنعاش نشاط التمويل العقاري، وفق بيان سابق للهيئة. 

ثقة مرتفعة 

وشدد ماجد عبدالعظيم على أن المصريين لديهم عقيدة متأصلة بأن العقار يمرض ولا يموت، وهذا ما يفسر إقبالهم على شراء العقار  واللجوء لعقود التمويل كوسيلة لتجاوز عقبة ارتفاع الأسعار، لافتًا إلى أن العقار أشبه بالابن البار إذ يمكن لصاحبه تأجيره ليتحول إلى مصدر مستدام للدخل كما يمكنه إعادة بيعه في أي وقت وتحقيق ربح من هذه العملية. 

واستطرد أن ثقة المصريين بالعقار كوعاء استثماري مرتفعة، إذ لم يسبق وأن تعرضت السوق العقارية لانهيار حتى عندما وقعت أزمة 2008 بفعل أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة لم يحدث انهيار لأسعار العقار لدينا وكل ما حدث هو استقرار فقط في مستويات الأسعار. 

مبيعات أكبر 10 شركات تطوير عقاري خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2023

سيناريو الفقاعة العقارية 

واعتبر قابيل، أن من بين العوامل التي تحمي السوق العقارية في مصر من الانهيار إلى جانب ثقة المصريين فيه، تعدد أغراض التملك ما بين سكني وتجاري وإداري هذا فضلًا عن اتجاه الدولة لتسهيل تملك الأجانب للعقار فيما يعرف بتصدير العقار على نحو يجعله مصدرًا للعملة الأجنبية.

وأضاف أن السكن يبقى احتياج إنساني ضروري ومع حقيقة أن تعدد مصر حاليا يناهز 107 مليون نسبة غالبيتهم من فئة الشباب، فهذا يضمن استمرار نمو الطلب على العقار وكذلك نمو نشاط التمويل العقاري وإن كان بحاجة لمزيد من تبسيط الإجراءات تحديدا فبعض الدول على غرار تركيا حاليا يتم شراء العقار وتسجيله في يوم واحد لا أكثر.   

من جانبه، أكد الخبير العقاري عبدالمجيد جادو، أن أسعار العقار تواصل ارتفاعها منذ العام الماضي الأمر الذي يصعب على متوسطي ومحدودي الدخل عملية الشراء لذا من الطبيعي أن نشاهد نشاطًا في عمليات التمويل العقاري لا سيما وسط وفرة في المعروض وطلب محلي متصاعد مدفوعًا بإقبال المصريين على الاستثمار في العقار كمخزن للقيمة. 

وأضاف حتى وإن حدث تراجع حاد في أسعار  أو ركود في السوق العقاري فالأرجح أنه سيعاود الانتعاش مدفوعًا بطلب مستدام يؤمنه النمو السكاني المرتفع. 
 

search