الجمعة، 22 نوفمبر 2024

03:32 م

الشيخ شبيب.. "صوت النصر" يصدح مجددًا بذكريات فجر 6 أكتوبر

الشيخ محمد احمد شبيب

الشيخ محمد احمد شبيب

منار فؤاد

A A

في السادس من أكتوبر 1973، سُطّرت صفحة جديدة في تاريخ الأمة العربية، يوم العبور الذي سيبقى محفورًا في الذاكرة.

وفي ذلك اليوم التاريخي، قرأ الشيخ محمد أحمد شبيب (1934-2012)، آيات من القرآن الكريم قبل صلاة الفجر بمسجد الإمام الحسين، عبر أثير إذاعة القرآن الكريم، تركت أثرًا عظيمًا في نفوس كل من استمتع إلى صوته الملائكي في الترتيل.

قبل الفجر

توجه الشيخ إلى المسجد قبل الفجر بوقتٍ كافٍ، حيث كانت الأجواء مشحونة بالخشوع والترقب، تم إبلاغه بالآيات التي سيقرأها في تلاوة قرآن الفجر، وهي آيات الشهادة في سبيل الله من سورة آل عمران، حيث يقول الله تعالى: “وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَٰتًۢا ۚ بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”.

وبدأ الشيخ يتلو الآيات بتكرار وتأمل، متضرعًا إلى الله أن يرزقهم النصر والشهادة، مُعبرًا عن إحساسه العميق بأهمية تلك الكلمات في تلك اللحظة التاريخية.

لحظة تاريخية

تجلى تأثير الشيخ شبيب في فجر السادس من أكتوبر 1973. بينما كان الجنود يستعدون للمعركة، تلا الشيخ آيات من سورة آل عمران تتحدث عن الشهادة، قال تعالى: "وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ "، مُتوجهاً إلى الله بالدعاء، وكأنما كانت تلك الآيات نذير نصر، كانت تلاوته، التي استمرت نحو 57 دقيقة، ملاذًا للأمل والإلهام، وعبارة عن دعوة للجند لاستعادة الأرض والدفاع عنها.

وفي وقت لاحق، تذكر الشيخ تلك اللحظة الفريدة بقوله: "أديت تلاوة من القلب، كأنني كنت أستشعر كل ذرة من الفخر والعزة في الأجواء".

الندوة التثقيفية

وبمناسبة الذكرى الحادية والخمسين لانتصار أكتوبر 1973، صدح صوت الشيخ محمد أحمد شبيب مجددًا عبر تسجيل صوتي نادر، وذلك من خلال الندوة التثقيفية رقم 40 للقوات المسلحة.  

تأثير مستمر على الأجيال

وقد تجاوز تأثير الشيخ شبيب حدود الزمن، إذ يمثل رمزًا للكرامة والإيمان في أذهان الأجيال الجديدة، بالإضافة إلى أن تلاواته لا تزال تذكيرًا بمدى تأثير القرآن والفن في تعزيز الروح الوطنية، وتجسيد لقوة الكلمات في تشكيل التاريخ.

بدايات مشوار القارئ

وُلد الشيخ محمد أحمد شبيب في 25 أغسطس 1934 بقرية دنديط في مركز ميت غمر، بمحافظة الدقهلية. ونشأ في بيئة تعلي من قيمة القرآن، حيث كانت الكتاتيب تزين القرية.

وفي عام 1951، انضم إلى معهد الزقازيق، ليبدأ رحلته في عالم التلاوة. وعُرف بصوته الرائع، وأصبح يفتتح اليوم الدراسي بآيات القرآن، ما جعله شخصية محبوبة وموثوقة بين زملائه ومعلميه، لتتسع شهرته فيما بعد إلى محافظات مجاورة.

عزيمة لا تنكسر

وفي عام 1961، واجه الشيخ شبيب أزمة صحية كادت تعوق مسيرته، حيث أصيب بالتهاب في الحنجرة، لكن بفضل رعاية الله وعلاج الدكتور علي المفتي، استعاد عافيته وعاد إلى ساحة التلاوة، ليصبح من أبرز القراء الذين تُطلب تلاواتهم في مختلف المناسبات، خاصة في ليالي رمضان.

إرث خالد

وتوفي الشيخ محمد أحمد شبيب في 3 أبريل 2012 عن عمر ناهز 78 عامًا، لكنه ترك وراءه إرثًا غنيًا من التلاوات المؤثرة، أُطلق عليه لقب "قارئ النصر"، وبقيت تلاواته مرتبطة بيوم العزة والكرامة، إذ استمر صوته يعزف في ذاكرة المصريين، مُذكراً إياهم بشجاعة الجنود وعمق إيمانهم.

search