الجمعة، 20 سبتمبر 2024

06:35 ص

كي لا يتسرب للسوق السوداء.. كيف تجذب الحكومة دولارات مصريي الخارج؟

عملات نقدية أمريكية

عملات نقدية أمريكية

مصطفي العيسوي

A A

ضغوط كبيرة تقع على الاقتصاد المصري في الفترة الحالية بسبب أزمة سعر الصرف وتراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، والتي تعتبر أحد مصادر توفير على العملة الصعبة  في مصر.

 حدد عدد من خبراء الاقتصاد، كيفية عودة الاستفادة من هذه التحويلات بعد أن فقدت 29.9%، لتقتصر على نحو 4.5 مليار دولار، خلال الشهور الثلاثة من يوليو وحتى سبتمبر 2023، مقابل نحو 6.4 مليار دولار في ذات الشهور من 2022، طبقاً لآخر تقارير صادرة عن البنك المركزي.

أكد عضو مجلس النواب عن المصريين بالخارج، عمرو هندي، أن تحويلات المصريين بالخارج تستطيع أن تعمل على سدّ الفجوة الدولارية الموجودة في مصر بين السوقين الرسمي والسوداء، حيث أنه يمكن للدولة الحصول على 8 مليارات دولار سنويا، ولكن ذلك يتطلب عددا من التشريعات القانونية في مجلس النواب، وخصوصا ما يتعلق بالتسهيلات الجمركية، بالإضافة إلى إطلاق أكبر قدر من المبادرات التي تجذب المصريين بالخارج.

وأشار “هندي” إلى أن مصر دولة زراعية فيمكن أن تقوم الحكومة بطرح قطع أراضٍ للاستصلاح، أمام المصريين بالخارج، مع توفير عدد من الامتيازات لهم، مثل تسهيلات في السداد على أن يكون الدفع بالعملة الصعبة، وبذلك يتم الحد من ظاهرة السوق السوداء الموجودة في الخارج.

وأشار عضو مجلس النواب عن المصريين بالخارج، أن هناك مافيا في الخارج تحول دون أن تتم التحويلات المالية القادمة من خارج البلاد عن طريق البنوك، مستغلة الفرق الكبير بين سعر البنك والسوق السوداء، حيث يقوم المغترب بتحويل أمواله ولكن بطريقة غير شرعية عن طريق هذه المافيا التي تعرض عليه سعرا أكبر من البنوك، مقابل الحصول على نسبة تتراوح في أغلب الأوقات بين 3% إلى 5%.

وأوضح النائب البرلماني، أن المصريين بالخارج  كنز يجب على الحكومة أن تستغله بطريقة صحيحة، وذلك بعدما أثبتت  مبادرة سيارات المصريين في الخارج أنها غير مناسبة، ولن تحقق المطلوب منها وهو توفير العملة الصعبة.

من جانبه، قالت مدير عام المركز الدولي للاستشارات ودراسات الجدوى الاقتصادية، الدكتورة هدى الملاح، أن عودة تحويلات المصريين بالخارج، ليس مرتبطة بحل واحد وهو تحرير سعر الصرف، لكي يتساوي السعر في البنوك مع السوق السوداء ولكن الأمر متعلق بتوفير سيولة دولارية في الدولة، عن طريق تعزيز فرص الإنتاج المحلي وتخفيض الفاتورة الاستيرادية، لا سميا وأن مصر تستورد ما يقارب من 80% من الخارج وذلك بالنسبة إلى المنتجات الاستهلاكية.

وأشارت الملاح إلى أن مصر تحتاج لأن يكون هناك توافق بين السياسات الاقتصادية والمالية، وإجراء بعض التعديلات القانونية التي يمكن أن تمنح المواطنين بعض المميزات الأخرى، كما أنه يجب أن يكون هناك تكثيف لحملات التوعية بأهمية هذه الأموال بالنسبة للاقتصاد المصري، وأنها أحد السبل التي تمنع دخول البلاد في أزمة مالية كبيرة سوف يتضرر منها كافة القطاعات.

وأضافت أن حملات التوعية لا بد أن تشمل معرفة المغترب نتيجة قيامه بتحويل أمواله عبر البنك المركزي، وأن ذلك سيعود على أسرته، وفي حالة حدوث أزمة اقتصادية سيتسبب في أزمة داخل الأسرة وداخل الدولة.

وتابعت “الملاح”  بأنه لا بد أن يتم إعادة النظر في السياسات التي تتبعها الحكومة في توفير السيولة الدولارية، لا سيما ما يتعلق ببيع أصول للدولة للحصول على الدولار وحل الأزمة بشكل مؤقت، لأن الدولة ستدفع فواتير ذلك بالدولار، ولذلك يجب أن تكون هذه السياسات مدروسة ورشيدة وتعود بالربح عليهم.

وأشارت إلى أنه لا بد من تشديد الرقابة والقيود على شركات الصرافة، لأن المصريين بالخارج يقومون حاليا بعمليات تحويل الأموال إلى مصر عن طريق شركات الصرافة، والتي تحول بعض منه إلي "سوق سوادء للدولار في الخارج".

وأكدت الملاح أن مجموعة السياسيات الاقتصادية والإنتاجية سوف تؤدي إلى ارتفاع القيمة الشرائية للجنيه المصري، مما يقل الضغط على الدولار، وبالتالي تنتهي السوق السوداء وتعود تحويلات المصريين بالخارج إلى البنوك المصرية مرة أخرى.

في سياق متصل، أكدت الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر السابق، سهر الدماطي، أن ما يدخل مصر من النقد الأجنبي يقارب 31 مليار دولار، من بينها تحويلات المصريين بالخارج، التي تدخل الجهاز المصرفي، ليتم تحويلها إلى جنيه مصري، ثم يتم تسييلها لأسرهم  بالعملة المحلية، ولكن ما يحدث الآن يتم التعامل من خلال السوق السوداء والتي تجاوز فيها الدولار الواحد أكثر من 59 جنيها مصريا.

 وأشارت الدماطي إلى أن الحل يتمثل في توفير العملة الصعبة بشكل دائم، عن طريق استخدام الجنيه المصري في التبادل التجاري، بين دول منظمة "البريكس"، وتعزيز الاستيراد بالعملة المحلية بين الدول الأعضاء في هذه المنظمة، والأكثر من عقد اتفاقية مقايضة عملة، مثل التي وقعت منذ فترة بين مصر والإمارات، وتعزيز الاتفاقيات المتعلقة بمقايضة القروض مثل الموقعة مع الصين.

وأوضحت الدماطي أن كل هذه الحلول ستعمل على خفض استهلاك العملة الصعبة، وبالتالي يقل الضغط على البنوك في توفير الدولار، مما يؤدي إلى حدوث تراجع في السوق السوداء وتعود تحويلات المصريين بالخارج إلى البنوك المصرية.

search