الجمعة، 22 نوفمبر 2024

10:16 ص

"الشلن والبريزة".. عملات معدنية أعدمها التضخم

الشلن والبريزة والريال والربع جنيه

الشلن والبريزة والريال والربع جنيه

محمود كمال

A A

مع تغيُّر الزمن وتحولات الاقتصاد، تختفي تدريجيًا عملات كانت يومًا ما جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، مثل “الشلن” و"البريزة"، تلك العملات المعدنية الصغيرة، التي كانت تحمل قيمة كبيرة في الماضي، أصبحت اليوم ذكرى تُستعاد بحنين، بعدما أدت موجات التضخم المتعاقبة إلى تآكل قيمتها الشرائية، مما دفعها إلى الخروج من دائرة التداول اليومي. 

قال مصدر بمصلحة صك العملة، إنه لم يعد يتم صك عملات مثل الشلن (5 قروش) والبريزة (10 قروش) والربع جنيه (25 قرشًا)، وذلك لأن استخدامها غير عملي وأصبح من المستحيل أن تكفي لشراء أي سلعة أو خدمة.

أضاف المصدر لـ“تليجراف مصر”، أن تكاليف إنتاج صك العملة أصبح أعلى من قيمتها الفعلية، لأن تلك العملات تطلب مواد معدنية، لافتًا أنه من المنطقي اقتصاديا عدم الاستقرار في إنتاجها.

“الشلن” هو الاسم الشعبي للعملة فئة خمسة قروش، أو كما عرفت في اللهجة المصرية قديما "خمسة صاغ"، إذ تعود أصول هذه العملة إلى كلمة "Shilling" الإنجليزية، وهي واحدة من العملات التي انتقلت إلى الدول التي خضعت للاحتلال البريطاني، مثل مصر والأردن والصومال، حيث استُخدمت كجزء من سياسة الإصلاح النقدي البريطانية.

اتخذ “الشلن” منذ ظهوره وحتى اختفائه عدة أشكال، ففي البداية كان يُصنع من الفضة، وقيمته تعادل “الشلن” الإنجليزي الأصلي، ومع انخفاض قيمته بدأ تصنيعه من معادن أقل تكلفة مثل النحاس والحديد والألمنيوم، وفي عام 1918، وبسبب ارتفاع أسعار المعادن، تم إصدار أول شلن ورقي.

أما “البريزة”، فهي عشرة قروش بلمسة فرنسية، وهي عملة مصرية بامتياز، لكن يُعتقد أن اسمها "باريزة" أو "باريسة"، وأرجع ذلك إلى أنها صُنعت لأول مرة في باريس، وكانت تُصنع في البداية من الفضة، ثم ظهرت لأول مرة بنسخة ورقية في عهد السلطان حسين كامل عام 1916، أي قبل سنتين من إصدار الخمسة قروش الورقية، وفي ذلك الوقت، كانت مصر تحت الاحتلال البريطاني أيضًا.

يالعملات المصرية القديمة (الشلبن والبريزة)

التضخم يأكل كل شيء

يقول الخبير المصرفي محمد بدرة، إن مصر شهدت زيادة كبيرة في معدلات التضخم خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى انخفاض القيمة الفعلية للعملات المعدنية الصغيرة، ما دفع الحكومة إلى التوجه للمعلات النقدية الأعلى مثل الجنيه وبشكل أقل الخمسين قرشًا، وكذلك الأوراق النقدية مثل الخمسة والعشرة والعشرين جنيهًا.

كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر ارتفاع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية للمرة الأولى منذ 5 أشهر، حيث بلغ 26.2% في شهر أغسطس مقارنة بـ 25.7% في يوليو.

سجل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية 25.6% في أغسطس 2024، مقارنة بـ39.7% لنفس الشهر من العام الماضي.

أضاف بدرة إلى “تليجراف مصر”، أن الدول تقوم بمراجعة أنظمتها النقدية بشكل دوري، وفي بعض الأحيان تتخذ قرارات بإلغاء فئات معينة من العملة لتبسيط النظام النقدي والتقليل من تكاليف الإنتاج، وهو ما حدث مع (الشلن - البريزة - الربع جنيه).

بعد تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي في مصر سبعينات القرن الماضي، بدأ البنك المركزي المصري في إصدار فئات نقدية أكبر لتعزيز التعاملات المالية وتلبية احتياجات السوق المتزايدة. 

كانت البداية مع فئة الـ20 جنيها التي صدرت في مايو 1977، تلتها فئة 100 جنيه في مايو 1979، ثم فئة 50 جنيها مارس 1993، وأخيراً فئة 200 جنيه مايو 2007.

في عام 2022، خطا البنك المركزي خطوة جديدة نحو تحديث العملة بإصدار فئة 10 جنيهات من مادة البوليمر، لتصبح بذلك العملة المصرية مواكبة لأحدث تكنولوجيا طباعة النقد على مستوى العالم، بما يضمن متانة أعلى وأماناً أكبر.

10 جنيه مصري من مادة البوليمر

من جهتها، توقعت إدارة البحوث المالية بشركة "إتش سي" للأوراق المالية والاستثمار أن يشهد التضخم تسارعًا بنسبة 1.0% على أساس شهري، وبنسبة 26.5% على أساس سنوي في أكتوبر، ويعزى هذا الارتفاع إلى زيادة أسعار الكهرباء وارتفاع أسعار الطاقة بشكل عام.

توقعت "رامونا مبارك"، رئيس إدارة المخاطر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشركة "فيتش سوليوشنز"، ارتفاع معدلات التضخم في مصر خلال شهر أكتوبر الجاري، حيث أشارت إلى أن هذا التوقع يعود إلى عوامل موسمية بالإضافة إلى الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود.

كما أوضحت "مبارك" أن إلغاء الدعم عن الوقود المقرر بحلول نهاية عام 2025 يتطلب من السلطات المصرية رفع أسعار الوقود بشكل تدريجي كل ثلاثة أشهر.

search