الجمعة، 22 نوفمبر 2024

10:36 ص

مفاوضات مصر وصندوق النقد.. هل تفتح الباب "الموارب" لتعديل برنامج الإصلاح؟

رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ورئيسة صندوق النقد

رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ورئيسة صندوق النقد

A A

أيام قلائل تفصل مصر عن زيارة مهمة لمديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، وسط مساعي لإعادة التفاوض على بعض بنود برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه خلال مارس الماضي، كما يفترض أن تبدأ بعثة الصندوق المراجعة الرابعة للبرنامج خلال نوفمبر المقبل. 

رأى الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة، أن المفاوضات المحتملة مع إدارة صندوق النقد يجب أن تضع بعين الاعتبار تطورات الوضع الإقليمي وانعاكساته على الاقتصاد المصري الواضحة على إيرادات قناة السويس على سبيل المثال. 

التزام مصر 

وأضاف بدرة لـ"تليجراف مصر"، أن مصر تبدي التزامًا واضحًا في علاقتها مع صندوق النقد إذ توفّي بأقساط القروض المترتبة عليها ولم تتخلف يومًا عن السداد، وفي المقابل تواصل تنفيذ الالتزامات الخاصة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، فمنذ العام 2022 أقدمت على تخفيض العملة المحلية مرات عدة، كما اتخذت خطوات حاسمة لرفع الدعم عن الوقود ورفعت أسعار الخبز المدعم، فيما تسعى حاليًا للتحول إلى الدعم النقدي بدلًا من العيني.

واعتبر أن هذا الالتزام من الجانب المصري يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار خلال المفاوضات مع صندوق النقد، فضلًا عن ضرورة أن يسلط المسؤولون المصريون الضوء على تأثير تراجع قيمة الجنيه وكذلك استمرار تحسن الأوضاع المالية للدولة منذ قرار تحرير سعر الصرف الصادر في مارس الماضي على نحو يعزز استقرار الأوضاع الاقتصادية ويمنح المستثمرين والشركاء الدوليين بما فيهم الصندوق ثقة أكبر في الاقتصاد. 

خلال الأسبوع الماضي، قالت المديرة العامة لصندوق النقد كريستالينا جورجييفا، خلال إحاطة ضمن الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولي، إنها منفتحة على تعديل برنامج الصندوق مع مصر، واستدركت بالقول لكن الصندوق لا يمكنه القيام بعمله على النحو اللائق إذا تم التخلي عما يجب القيام به لأن هذا سيجعل التكلفة أعلى، مشيرة إلى أنها ستزور مصر في غضون 10 أيام لتفقد الأوضاع عن كثب.

الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة 

وقت أطول للإصلاح

وتابع بدرة، أن تحسن مؤشرات الاقتصاد منذ 6 مارس يؤكد أن مصر أصبحت على الطريق الصحيح إلا أن بعض بنود برنامج الإصلاح تحتاج لوقت أطول، فعلى سبيل المثال التحول إلى الدعم النقدي لا يمكن تنفيذه في الوقت الحالي، واستبعد في هذا الإطار أن تطالب الحكومة بعدم تنفيذ بعض بنود الاتفاق مع الصندوق. 

وأوضح أن مثل هذا الطلب سيكون له أضرار عدة أهمها تأثيره السلبي على تدفقات الاستثمار الأجنبي، مضيفًا أن الاتفاق مع صندوق النقد بمثابة شهادة دولية تؤكد للمستثمرين والمؤسسات الدولية أن مصر ملتزمة ببرنامج إصلاح اقتصادي يضمن تحسين مؤشرات الاقتصاد وكذلك الوفاء بكامل التزاماتها الخارجية، وهذا ما يفسر عودة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة للسوق المحلية اعتبارا من مارس لتتجاوز حاليًا مستوى 36 مليار دولار.  

فاتورة الإصلاح ومرونة أكبر

اتفق معه الخبير الاقتصادي عضو مجلس الأعمال المصري الكندي أحمد خطاب، موضحًا أن مصر التزمت ببرنامج الإصلاح الاقتصادي بصورة ملموسة، وأبرز مثال على ذلك إقرار الحكومة لزيادات متتالية لأسعار المحروقات بواقع 3 مرات منذ مارس وكذلك رفع أسعار الكهرباء وتذاكر المترو بواقع مرتين هذا العام ورفع سعر رغيف الخبز المدعم 300%، وجميع هذه القرارات ترتب عليها فاتورة مرتفعة إجتماعيًا. 

وأضاف أن هذه القرارات وإن كان هدفها هو تعزيز الانضباط المالي للموازنة إلا أنها ساهمت في استمرار معدلات التضخم المرتفعة، على نحو يضغط على القوة الشرائية للمواطن، ويفرض الحاجة لاستمرار أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول ما يعني بالتبعية الضغط سلبًا على معدلات النمو الاقتصادي، وكل هذا يتطلب من صندوق النقد أن يكون أكثر مرونة. 

وفي وقت سابق، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحفي، ضرورة مراجعة الاتفاق مع إدارة صندوق النقد، إذا كان سيضع المواطن في وضع لا يحتمل، إذ من الضروري أن تضع المؤسسة الدولية في عين الاعتبار أن البرنامج يأتي في ظل ظروف شديدة الصعوبة، في إشارة إلى تأثر الاقتصاد المصري بالتوترات الجيوسياسية.

الخبير الاقتصادي أحمد خطاب

تعديل الجدول الزمني

وتوقع خطاب أن يبدي الصندوق انفتاحًا على تعديل الجدول الزمني المتفق عليه لتنفيذ بعض الإصلاحات لا سيما المتعلقة برفع الدعم عن الخدمات كأسعار البنزين والسولار، إذ يطالب الصندوق بالوصول بها إلى مستويات استرداد التكلفة ما يعني مزيدا من الزيادات المتتالية خلال 2025 وربما قبل مدة الـ6 أشهر المحددة من قبل الحكومة بعد زيادة الشهر الحالي. 

وأكد أن الصندوق يعتبر مسألة رفع الدعم حجر الزاوية في برنامج الإصلاح، لكن هذا الأمر يقابله تحديات على الجانب الاجتماعي وهو ما يجب أن يؤخذ في الحسبان من قبل إدارة الصندوق ويدفع باتجاه تمديد الآجال المتعلقة برفع الدعم، مشيرًا إلى أن ملف الطروحات الحكومية وزيادة بصمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي ربما يكون موضع شد وجذب بين بعثة الصندوق والحكومة نظرا لأن القطاع الحكومي لا يزال صاحب البصمة الأكبر كما يعاني برنامج الطروحات من تباطؤ في وتيرة التنفيذ.  

وفي مذكرة حديثة، توقعت شركة “فيتش سوليوشنز” للأبحاث التابعة لوكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، أن تشهد مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي مرونة أكبر بشأن تعديل بعض بنود برنامج الإصلاح الاقتصادي، مشيرة إلى أن هذه المفاوضات قد تسفر عن تأجيل رفع أسعار السلع المدارة، مثل الوقود والكهرباء، كما قد يتم الاتفاق على تمديد الجدول الزمني الخاص بتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية.

search