الخميس، 21 نوفمبر 2024

11:27 ص

قرية شطورة

دكتور أحمد عبد المطلب

A A

شطورة.. قرية أحبت العلم واستثمرت فيه فحق لها أن تكون بلد العلم والعلماء

لم يكد يمر يوما إلا ويحصل ابن من أبناء قرية شطورة على درجة علمية جديدة (ماجستير أو دكتوراه أو استاذية) تضاف إلى قائمة التنوير بالقرية وخير دليل على هذا أنه خلال أربعة أيام متتالية وتحديدا في أيام 6، 7، 8، 9 من شهر أكتوبر 2024 الجاري حصل 7 من أبناء قرية شطورة على درجات علمية مختلفة وهم:

١- محمد السيد عمر كوكب، وحصل على درجة الدكتوراه فى علم الحديث من كلية الأداب بسوهاج بامتياز مع مرتبة الشرف
٢- صلاح موسى الفحار وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر 
٣- المستشار محمد عمر احمد عمر وحصل على درجة الدكتوراه فى قانون المرافعات كلية حقوق أسيوط
٤- غادة احمد محمد السيد امام عسكر وحصلت على درجة الدكتوراه من كلية طب سوهاج
٥- الدكتور سامح ابو القاسم عبد الحق وحصل على درجة الأستاذية من معهد البحوث الصحراوية جامعة العريش
٦- عبد الرحمن على سديرة وحصل على درجة الماجستير من كلية زراعة الأزهر بأسيوط
٧ - لمياء احمد الاصمعي وحصلت على درجة الماجستير فى علم الاجتماع جامعة القاهرة

وفى قرية شطورة التابعة لمركز طهطا بشمال محافظة سوهاج لا يخلو بيتا من وجود معيدا أو باحثا أو دكتورا أو استاذا حيث قارب عدد الحاصلين على درجات علمية من أبناء شطورة على الألف، سواء من داخل الجامعات أو من خارجها هذا بخلاف مخرجات هذه النهضة التعليمية التنويرية  الكبيرة من مختلف التخصصات المرموقة في المجتمع ، من معيدين وباحثين وأساتذة وإعلاميين وصحفيين وضباط وقضاة ومستشارين وأطباء ومهندسين ومعلمين ، وأدباء وشعراء وكُتاب ونقاد منهم من هم داخل مصر ومنهم من خارجها  فى مختلف دول العالم.

ولم يأتى هذا من فراغ أو من قبيل المصادفة، بل جاء هذا الإنجاز نتيجة جهد وإصرار وقناعة من أبناء شطورة ومن قبلهم أولياء أمورهم  على مواصلة مسيرة العلم والتنوير التى قطعتها القرية على نفسها وأبت ألا تحيد عنها ولا تفريط فيها ، حيث أخذت قرية شطورة عهدا على نفسها من خلال نخبة مخلصة من رجالاتها الأُول الذين حملوا على عاتقهم تأسيس ووضع نواة هذه النهضة التعليمية التنويرية خدمة للأجيال القادمة من أبناء قرية شطورة 
فاعدوا العدة وزرعوا  البذرة فى تربة خصبة فنبتت وأينعت زرعا يانعا اخضر ، طرح ثماره فكانت نهضة تعليمية وتنويرية صارت حديث القاص والدان.

واستطاع الرعيل الأول من قادة الفكر فى شطورة أن يقتنعوا أهالى القرية بأن الاستثمار الحقيقى لأبنائهم هو التعليم خاصة وأن مساحة الأراضى الزراعية للقرية كانت محدودة ولا تتناسب مع تعداد السكان فاقتنع اهل شطورة بهذه الفكرة وبدؤوا فى استغلال أراضيهم الزراعية فى زراعة محاصيل قريبة الإنتاج كالخضراوات وخلافه لتدر عليهم دخلا سريعا يستغلونه فى الانفاق على ابنائهم فى مسيرتهم التعليمية وبات الهم الاول لكل أهالى قرية شطورة وشغلهم الشاغل هو تعليم ثم تعليم ثم تعليم ابنائهم ووصولهم إلى أعلى الدرجات العلمية حتى ترسخ في أذهان الأجيال بالقرية هذا المبدأ,

ولا يمكن أن ننسى فضل رجالات شطورة الأُول الذين وضعوا اللبنة الأولى للنهضة التعليمية التنويرية لقرية شطورة بمجهوداتهم وسعيهم الدرب المخلص فى بناء المؤسسات التعليمية بالقرية بداية من الكتاتيب والجمعيات والمدارس داخل القرية فى الوقت الذى كانت فيه أقرب مدرسة لقرية شطورة تبعد مسافة أكثر من ٢٠ كيلو متر فى ظل عدم وجود وسائل للمواصلات.

ونذكر من تلك المؤسسات البسيطة:

كُتٌاب الشيخ القاوى وهو أول كتاب  بالقرية فى مطلع الثلاثينيات ثم كتاب الشيخ احمد هدهد، ثم كتاتيب الأفاضل الشيخ عبد الحليم ابو القاسم، ثم الشيخ إبراهيم حسن، ثم الشيخ محمد ابو رية ثم اول مدرسة مدرسة الشيخ محمد شحاتة القاضى١٩٦٢م وكان أول ناظر للمدرسة هو الشيخ احمد درويش ومعه نخبة متميزة من المعلمين، الشيخ عمر عبد الراضى الشيخ احمد عبد الرحيم قناوى الشيخ على ابو العباس القاضي والشيخ محمد محمد ابراهيم وكانت مدة الدراسة بها خمس سنوات يذهب بعدها الطالب إلى المرحلة العليا في التعليم، وكان أبناء شطورة يفضلون تكملة تعليمهم بعد ذلك فى معهد أسيوط الأزهرى الذي أنشأه الملك فؤاد الأول

ثم انتقلت هذه المدرسة إلى منزل الشيخ احمد هدهد وذلك في عام ١٩٤٠م واستمرت الدراسة بها حتى ١٩٥٧م وفى هذا العام تم إنشاء اولى مبنى لمدرسة حكومى وهى مدرسة مؤسسة شطورة ثم مدرسة مجمع شطورة فى عام ١٩٥٩م ، ثم ضم مدرسة محمد حسن ابراهيم إلى المدارس الحكومية ويرجع الفضل فى ذلك إلى الاستاذ مهدى احمد على حسن والذى كان يشغل منصب مفتش بالتعليم الابتدائي آنذاك، ثم توالت انشاءات بقية المدارس بالقرية بمختلف مراحلها الابتدائي والاعداى والثانوى والفنى والمعاهد الأزهرية بداية من الأزهرى الابتدائى حتى الأزهرى الثانوى اولاد وفتيات حتى مدارس اللغات الحكومية.

ونذكر أيضا من حملوا على عاتقهم تعليم الأجيال بقرية شطورة فى هذه الحقبة من الزمن ومنهم: 

الشيخ عمر عبد الراضى، الشيخ احمد على عبد الهادى، الشيخ شحاتة محمد شحاتة، الشيخ أحمد درويش، الشيخ شلبى احمد شلبى، الشيخ محمد عبد الرحمن عبد الهادى، الشيخ احمد على حسن، الشيخ سيد أحمد يوسف بدران، الشيخ محمود عبد الحافظ الشيخ عبد الكريم عثمان  فضيلة الشيخ عبد الله أحمد عبدالحليم، الشيخ عمر عطية الداوى، وبعدهم الاستاذ على ابو القاسم، الاستاذ سعودى عبد العلى ، الاستاذ محمد الخطيب ، الاستاذ مهدى التمساح الاستاذ فرج احمد فرج ، الاستاذ محمد علم الدين ،الاستاذ عمر ابو زيد ، الاستاذ محمود عطا ، الاستاذ على رضوان ،الاستاذ عبد الخير الديك ، الاستاذ عبد الحميد على عبد الكريم ، الاستاذ متولى كوكب ، الاستاذ على ابراهيم أمام ،الاستاذ احمد يوسف ، الاستاذ زكريا عمارة الاستاذ محمد عبد الرحمن سديرة الاستاذ عبد الساتر سديرة الاستاذ ابو المحاسن التمساح ،الاستاذ احمد عبد الحليم على شحاتة، الأستاذ محمد على مهران الاستاذ محمد على درويش ، الاستاذ على ابو القاسم ، الاستاذ  مرتضى حليم مهران ، الاستاذ  الأستاذة حليمة مسلم ، الأستاذة روحية اللقلق، الاستاذ احمد هاشم ابو دهب ، وغيرهم وغيرهم ممن لهم بصمات واضحة على نهضة شطورة التعليمية.

وكذلك نذكر من حملوا مشعل التنوير وأضاؤوا به الإرجاء وكانوا من طلائعخ نهضة قرية شطورة التعليمية 
الاستاذ الدكتور على عبد المنعم عبد الحميد ( والد الدكتور الفنان ابن شطورة  احمد رأفت على عبد المنعم ) 
اول من حصل على درجة الشهادة العالية مع إجازة التدريس فى عام ١٩٤٣م وهو أعلى مؤهل يمكن الحصول عليه من جامعة الأزهر ثم حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة انتولوجيا من جامعة السوربون بباريس وبعدها مبعوث لدولة الكويت ١٩٤٨م وتقلد عدة مناصب رفيعة هناك، الاستاذ الدكتور أحمد عبد المطلب العميد الأسبق بكلية التربية بسوهاج، الاستاذ الدكتور مصطفى محمد رجب العميد الأسبق لكلية التربية بسوهاج، الاستاذ الدكتور على احمد عبد الهادي الخطيب العميد الأسبق لكلية اللغة العربية بجرجا جامعة الأزهر،  الأستاذ الدكتور عباس شومان العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر بالقاهرة ووكيل شيخ الأزهر السابق، الأستاذ الدكتور احمد غريب العميد الأسبق بكلية الأداب بالوادي الجديد، الاستاذ الدكتور حسن عباس ابو دهب عميد كلية الطب البيطرى بأسيوط، الاستاذ الدكتور عبد المنعم كوكب العميد الأسبق لكلية الزراعة بسوهاج.

وإذا كانت الجغرافيا بمكوناتها البشرية و الحدودية قد أثرت فى طبيعة المجتمع الشطورى وجعلت منه مجتمع ودود طيب محبا للخير متماسك لوجوده على ضفة النيل الغربية فإن التاريخ قد أسس لقرية شطورة نشأة عريقة ذات قيمة حضارية متميزة، حيث ذكر التاريخ نشأة قرية شطورة كما يلى: 

قسمت مصر فى عهد الفراعنة من الناحية الإدارية إلى اثنين وأربعين وحدة إدارية، شملت مقاطعات الوجه القلبى والوجه البحرى وكان عدد مقاطعات الوجه القلبى اثنين وعشرون مقاطعة تبدأ من اسوان جنوبا وتنهى عند منف شمالا ، ووجد أن المقاطعة العاشرة  من الوجه القبلى تسمى ( اوز ) أى صولجان الآلهة وتقع على ضفتى النيل شمالى المقاطعة التاسعة وكانت عاصمتها الدينية ( بروازيت ) قرية كوم اشقاو بمركز طما حاليا، أما عاصمتها السياسية فكانت تُسمى ( ثبو ) وهى ابو تيج فى محافظة أسيوط حاليا، ثم قسمت هذه المقاطعات فى عهد  الأسرة   التاسعة عشرة إلى قسمين الأول على الشاطئ الأيمن والثانى على الشاطئ الأيسر من نهر النيل ومن أهم البلاد التى كانت تتبع تلك المقاطعة هى ( قاو الكبير ، كوم اشقاو ، الأغانا، صدفا ) وفى عهد الأسرة الحادية عشرة اعتبرت هذه المقاطعة هى نهاية الصعيد الأعلى ، مرجع  (اقسام مصر الجغرافية فى العهد الفرعوني، ص ٥٠ سليم حسن).   

وكانت قرية شطورة جزء من موقع قاو الكبير الذى كان يحتل جنوب المقاطعة على ضفتى النيل شرقا وغربا  حيث ظل أهالى شطورة يدفنون موتاهم فى الجبل الشرقى بقاو الكبير حتى عام ١٩٤٨م وأيضا وجود الترعة الرئيسية بشطورة تسمى ترعة قاو ، ونظرا للفيضانات النيل المتكررة ترك أهالى قاو الكبير الجزء الغربى واتجهوا ناحية الشرق تاركين أجزاء صغيرة  متناثرة بالجزء الغربى وكل جزء كان يسمى شطر ، اتحدت هذه الأجزاء فيما بعد وسميت شطاطير ثم تطور الأسم حتى وصل إلى ما هو عليه الآن شطورة، (كما قال ياقوت الحموي في معجم البلدان: إن شطورة من شطاطير وهى كورة بالصعيد الأدنى

أخبار متعلقة

search