الخميس، 14 نوفمبر 2024

06:20 م

مجنون يا بيض.. بروتين الغلابة يجري على طريق الأسعار بسرعة 1400%

أسعار البيض

أسعار البيض

A A

"كان البيض ضيفًا دائمًا في ثلاجتنا في 2014 عندما كان الطبق كاملًا بـ11 جنيها فقط أما الآن فبات يزورنا مرة في الأسبوع ونشتريه بالواحدة".. هكذا تكلمت سيدة وهي تتأمل رف البيض في السوبر ماركت لتلفت انتباهي إلى أن متوسط سعر البيضة الواحدة وصل إلى 5.5 جنيه.

في هذه اللحظة قمت بحسبة بسيطة لأكتشف أن ثمن طبق البيض (يحتوي على 30 بيضة) في عام 2014 أصابه جنون الأسعار حيث قفز خلال 10 سنوات بواقع 1400% ليصل حاليًا إلى متوسط يبلغ حوالي 165 جنيهًا، لكن ما سبب هذه الزيادة الحادة؟

تضخم وأشياء أخرى

بالعودة بعقارب الزمان إلى عام 2014  سنجد أن سعر البيضة الواحدة كان حوالي 36 قرشًا فقط وعندما تضاعف في منتصف العام نفسه مع حلول شهر رمضان كان بنحو 70 قرشا أي أن الكرتونة (طبق) كاملة ارتفع سعرها إلى 21 جنيها، أما الآن فيتراوح سعر البيضة للمستهلك بين 5.5 جنيهات إلى 6 جنيهات، بالتالي سعر 4 وحدات فقط يعادل كرتونة كاملة بأسعار عام 2014.

لعلك تتسأل لماذا هذا الارتفاع الهائل؟.. للإجابة على هذا السؤال سنتتبع حركة التضخم بما فيه ارتفاع أسعار الأعلاف كأحد مستلزمات إنتاج الدواجن والبيض، وأيضًا سنتتبع سعر العملة كون مصر تعاني من فجوة في الأعلاف تتراوح بين 4 و5 ملايين طن سنويًا، وتقوم بسدها من خلال الاستيراد من الأسواق العالمية. 

 للمفارقة أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قبل يومين عن ارتفاع معدل التضخم السنوي في إجمالي الجمهورية خلال اكتوبر إلى 26.3% على أساس سنوي، هذا الرقم كان يقابله في الشهر نفسه من العام 2014 معدلا بحدود 11% فقط، ما يعكس زيادة بأكثر من 139%.

ومنذ 2014 وإلى الآن قفزت أسعار الأعلاف الخاصة بالدواجن بقرابة 353.5% لتتراوح حاليًا بين 19 ألف جنيه و22 ألف جنيه للطن، مقابل أسعار بحدود 4300 جنيها فقط للطن في 2014.

مبادرة لطرح طبق البيض بأسعار مخفضة (150 جنيهًا)

رحلة بروتين الفقراء من القروش إلى المئات

تتبع حركة أسعار البيض يمكن وصفها بـ"حسبة برما" التي تُستخدمها للدلالة على صعوبة حل لغز ما، ومن المفارقات الطريفة أن هذه المقولة يعود أصلها إلى حادثة وقعت في قرية مصرية عندما اصطدمت دراجة بسيدة كانت تحمل سلة ممتلئة بالبيض، ليعرض عليها السائق تعويضها عن قيمة كل البيض الذي تكسر لتجعل هي بدورها من عدد البيض لغزًا صعب الحل على من تسبب في خسارتها لقوت يومها، ومن هنا قيل “حسبة برما” نسبة للقرية التي تنتمي إليها هذه السيدة.  

من 10 سنوات كان سعر البيضة الواحدة بـ36 قرشًا فقط ثم ارتفع إلى قرابة 83 قرشًا في العام 2015، وبالتزامن مع تعويم 2016 الذي شهد خفضا لقيمة الجنيه مقابل الدولار إلى 15.77 جنيه  من مستوى 8.88 جنيه، قفز سعر كرتونة البيض إلى 28 جنيها من 20 جنيها قبل التعويم بيوم واحد، ليصل سعر البيضة الواحدة إلى نحو 93 قرشًا ثم إلى جنيه واحد بنهاية ديسمبر 2016. 

وفي عام 2017 وصل سعر البيضة الواحدة إلى 1.55 جنيه ليتجاوز سعر كرتونة عتبة الـ46 جنيها للمرة الأولى على الإطلاق، وذلك بالتزامن مع استمرار تراجع قيمة العملة بالإضافة إلى ظهور انفلونزا الطيور وقرار منع تداول الدواجن الحية في الأسوق الشعبية. 

وفي 2018 تراجع سعر البيضة إلى 1.3 جنيه لتصل الكرتونة إلى 38 جنيهًا، وفي 2019 حافظت الأسعار على استقرارها ليتراوح سعر الكرتونة الواحدة بين 35 و39 جنيهًا ثم في 2020 وبالتزامن مع زيادة الإنتاج المحلي من بيض المائدة وصل السعر إلى نطاق بين 30 و36 جنيها للكرتونة الواحدة.

بالوصول إلى عام 2021 وصل سعر البيضة الواحدة إلى 2 جنيهًا للمرة الأولى، وذلك بعد أن استهل العام عند 1.3 جنيه، لتقفز الكرتونة الواحدة إلى 60 جنيهًا. 

طب بيض احمر

التعويم يقفز بسعر البيض

خلال 2022، ومع اتخاذ البنك المركزي المصري لقراري تعويم كان من الطبيعي أن يرتفع سعر الكرتونة بأكثر من 70% لتصل في نهاية العام إلى 88 جنيهًا مقارنة بمتوسط تراوح بين 46 و49 جنيها في بداية العام، ما يعني أن سعر البيضة الواحدة تجاوز الـ2.9 جنيه، بالتزامن مع انخفاض الجنيه من مستوى 15.8 جنيه في بداية العام إلى 24.7 جنيه للدولار في أكتوبر 2022. 

وبنهاية يناير عام 2023  قفز سعر كرتونة البيض إلى 101 جنيه وذلك في أعقاب قرار تعويم جديد، ما قفز بسعر البيضة الواحدة إلى 3.4 جنيه لأول مرة على الإطلاق.

ومنذ بداية العام الحالي، قفزت أسعار البيض بأكثر من 37% على أساس سنوي، ليقفز سعر البيضة من قرابة 4.2 جنيه في مطلع يناير الماضي إلى متوسط عند 5.8 جنيه.

استيراد البيض

وبينما اتجهت مصر خلال الفترة الأخيرة لاستيراد البيض من أسواق مجاورة، كانت في الأعوام القليلة الماضية تصدر فوائض الإنتاج المحلي لبعض الأسواق العربية، إذ تجاوز إنتاج الدولة من بيض المائدة في عام 2021 عتبة الـ16 مليار بيضة، مقابل حوالي 14 مليار بيضة حاليًا. 

يشار إلى أن أسعار البيض عالميًا قفزت بأكثر من 60% منذ بداية العام الحالي، ووفقا لتصريح سابق لمحللة أبحاث أسواق السلع الأساسية بجامعة بيرديو، كايتلين هابيل، أحد أسباب هذه الزيادة يعود لحقيقة أن البيض سلعة سريعة التلف، لذا فهو أكثر عرضة للتقلبات السعرية الحادة نتيجة التغيرات في مستويات العرض من وقت لآخر.

search