الخميس، 19 سبتمبر 2024

07:49 م

حرب غزة.. كيف تؤثر على قرض صندوق النقد لمصر؟

علم مصر وشعار صندوق النقد الدولي

علم مصر وشعار صندوق النقد الدولي

ولاء عدلان

A A

تجري بعثة صندوق النقد الدولي، مناقشات مع الحكومة المصرية حاليًا، بهدف إتمام مراجعات برنامج الإصلاح الاقتصادي المُعلقة منذ 2022، بالإضافة إلى بحث قيمة التمويل الإضافي المحتمل.

حتى الآن، لم يصدر عن مسؤولي الصندوق تقديرًا لمبلغ التمويل الإضافي، إلا أن العديد من المؤسسات المالية ووكالات التصنيف الائتماني أصدرت خلال الفترة الماضية تقديرات عدة لقيمة هذا التمويل الذي وصفته المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك خلال مؤتمر صحفي بتاريخ 11 يناير الجاري، بـ"الحاسم" لضمان نجاح تنفيذ برنامج الإصلاح لا سيما في ظل استمرار تداعيات حرب غزة.

أعلى قيمة للقرض

توقع عضوُ مجلس إدارة شركة إيليت للاستشارات في الأوراق المالية محمد كمال، أن تتراوح قيمة القرض الممنوح لمصر بنهاية المناقشات مع بعثة الصندوق بين 10 و12 مليار دولار، وبذلك ترتفع عن القيمة المتفق عليها خلال 2022 البالغة 3 مليارات دولار فقط، لم تحصل مصر منها سوى على 347 مليون دولار بنهاية ديسمبر 2022.

وقال خلال تصريح تليفزيوني أمس الاثنين، إن المناقشات وصلت بين الجانبين إلى مراحلها النهائية، وقد نرى قريبًا الإعلان عن برنامج جديد للصندوق في مصر، يضمن الخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة.

قرض لا يحل أزمة

يصف أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة الدكتور حسن الصادي، هذه التقديرات برفع قيمة القرض إلى 12 مليار دولار بالأمر الجائز، لكنه يستدرك قائلًا في تصريح لـ"تليجراف مصر"، إن التمويل الإضافي لن يحل الأزمة هو فقط سيرحلها ويخفف من وتيرتها في الوقت الحالي، إذ أن هذه الأموال ستوجه لسداد أقساط وفوائد ديون خارجية مستحقة السداد، مشيرًا إلى أن هناك نحو 32.8 مليار دولار مستحقة على الدولة المصرية خلال 2024.

شروط الصندوق

ويتابع  الدكتور حسن الصادي، أن رفع قيمة القرض إلى هذه الحدود لن يكون دون شروط من الصندوق فلا شيء دون مقابل على حد تعبيره، موضحًا أن الصندوق خلال الفترة الأخيرة تحدث عن إعطاء الأولوية لكبح التضخم والتخلي عن شرط مرونة سعر الصرف، إلا أن هذا يبدو غير واقعي.

ويضيف أن التضخم في مصر ناجم في الأساس عن أزمة نقص الدولار وحقيقة وجود أكثر من سعر له، وبالتالي لن ينتهي إلا بخفض سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية، وهذا يتطلب رفع رصيد البنك المركزي من النقد الأجنبي إلى حدود 50 مليار دولار من مستواه الحالي البالغ نحو 35.2 مليار دولار.

 

نظرة سلبية للاقتصاد المصري

توقعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قبل يومين، أن ترتفع قيمة قرض الصندوق إلى 10 مليارات دولار، مع حقيقة زيادة حصص الدول الأعضاء بالصندوق منذ نوفمبر الماضي بواقع 50%، موضحة أن هذا الرقم بالكاد يكفي لسد الفجوة التمويلية في ضوء عجز الحساب الجاري لمصر الذي يعادل 2% من الناتج المحلي.

الخميس الماضي، غيرت “موديز” نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من "مستقرة" إلى "سلبية"، محذرة من ارتفاع المخاطر المتعلقة بضعف الوضع الائتماني للبلاد، وصعوبة إعادة التوازن للاقتصاد الكلي في ضوء ارتفاع مدفوعات الفائدة والضغوط الناجمة عن حرب غزة.

تأثير حرب غزة

من جانبها، توقعت وكالة التصنيف الائتماني فيتش، مطلع الأسبوع الجاري، أن يتخلى صندوق النقد عن مرونة سعر الصرف كشرط رئيسي لإتمام المراجعات المُعلقة مع القاهرة، في ضوء تداعيات حرب غزة، وأهمية الدور السياسي للقاهرة كوسيط بين حماس وإسرائيل.

“فيتش” رجحت أن تتفق مصر وصندوق النقد الدولي، على اعتماد نظام العملة المدارة، وأن يُخفض السعر الرسمي للجنيه مقابل الدولار  إلى مستويات بين 40 و45 جنيهًا للدولار الواحد نهاية مارس المقبل.

ورجحت الوكالة في تقريرها أن ترتفع قيمة القرض المتفق عليه 2022 من حدود 3 إلى 8 مليارات دولار، مشيرة إلى أن القاهرة ستحصل على تمويلات إضافية أيضًا من مصادر مثل الاتحاد الأوروبي، وانضم إليها في هذا التقدير بنك (إتش إس بي سي).

ويتوقع الخبير المصرفي محمد بدرة، أن يصل قرض الصندوق إلى قيمة تتراوح بين 5 و8 مليارات دولار، وسط إيجابية المناقشات بين الحكومة وبعثة الصندوق.

 أضاف “بدرة” لـ"تليجراف مصر"، أنه بمجرد إتمام المراجعات المعلقة وبدء ضخ أموال الصندوق سيتحسن التصنيف الائتماني لمصر، وبالتبعية قدرتها على التوجه لأسواق الدين العالمية، ما سيحسن من المالية العامة للدولة تدريجيًا. 

مبنى وكالة فيتش 

توترات البحر الأحمر

نهاية ديسمبر الماضي رجحت وكالة بلومبرج أن يرفع الصندوق قيمة القرض الممنوح لمصر إلى نحو 6 مليارات دولار أو أكثر، كون حرب غزة التي بدأت في 7 أكتوبر الماضي أضافت أعباء جديدة على الاقتصاد المصري وحدت من مرونته في خضم أزمة نقص الدولار التي تخيم عليه منذ أكثر من عامين على خلفية تداعيات حرب أوكرانيا.  

وأثرت حرب غزة وما تبعها من توترات أمنية في البحر الأحمر، على إيرادات قناة السويس، حيث تراجعت بما لا يقل عن 40% منذ بداية الأزمة، ومن المتوقع أن تتراجع على نحو أكبر حال إطالة أمد الأزمة واتجاه المزيد من شركات الشحن العالمية لتحويل مسار سفنها من القناة  إلى طريق رأس الرجاء الصالح، بحسب أستاذ هندسة البترول بجامعة فاروس بالإسكندرية الدكتور رمضان أبو العلا . 

وحذرت شركة كابيتال إيكونوميكس لأبحاث السوق التي تتخذ من لندن مقرًا لها، الخميس الماضي، مصر، من احتمال مواجهتها خطر التخلف عن سداد الديون السيادية إذا لم تحصل على قرض الصندوق مع تمويل إضافي في أسرع وقت ممكن لتوفير السيولة اللازمة لسداد التزاماتها، مشيرة إلى أن عددًا من البنوك شددت قيودها على السحب الدولاري باستخدام بطاقات الائتمان والخصم، في مؤشر على الضغط الذي يواجه القطاع المصرفي نتيجة لنقص العملة الأجنبية.


 

search