الخميس، 19 سبتمبر 2024

06:31 ص

وصل لـ67 جنيها.. ما سبب ارتفاع الدولار في السوق السوداء؟

مواطن أمام إحدى شركات الصرافة

مواطن أمام إحدى شركات الصرافة

ولاء عدلان

A A

سجّل سعر الدولار الأمريكي في السوق الموازية خلال تعاملات اليوم، مستويات قياسية، وسط مضاربات عنيفة على سعره تزامنًا مع ترقب السوق لتحريك جديد لسعر الصرف (خفض لقيمة الجنيه). 

وارتفع الدولار في السوق الموازية بأكثر من 1% مقارنة بإغلاق أمس، ليسجّل بحلول الساعة 12:30 ظهرًا بتوقيت القاهرة مستويات 67.7 جنيه للبيع و66.7 للشراء، بزيادة تتجاوز الـ119% مقارنة بسعره الرسمي البالغ 30.8 جنيه للدولار.
يقول الخبير الاقتصادي، رشاد عبده، إن ارتفاع الدولار في السوق الموازية إلى مستويات تاريخية خلال الفترة الراهنة يعود إلى عدة أسباب أبرزها أزمة نقص المعروض الدولاري في البنوك، ما يرفع الطلب على دولار السوق الموازية بصورة قوية ومستمرة منذ العام الماضي.

مضاربات عنيفة

يوضح الدكتور رشاد عبده، أن أحد أهم الأسباب وراء الصعود القوي لدولار السوق الموازية هو نشاط المضاربين عليه بالتزامن مع زيارة بعثة صندوق النقد الدولي إلى القاهرة وتوقعات بخفض جديد لسعر الجنيه، فضلًا عن زيادة رغبة المصريين في حيازة الدولار والتعامل معه كسلعة للتحوط ضد أي خفض للجنيه ولحفظ قيمة مدخراته في وعاء يحقق أعلى عائد.
ويستشهد هنا بأن الدولار في السوق الموازية ارتفع خلال الأيام العشرة الماضية بنحو 10% وصعد منذ العام الماضي بأكثر من 100%، والأمر نفسه ينطبق على الذهب، وفي المقابل أعلى عائد على شهادات الإدخار البنكية هو 27% فقط، وهذا ما يفسر المضاربات وارتفاع الطلب سواء على الدولار أو الذهب.
من جانبه، يرى الخبير المصرفي، الدكتور محمد بدرة، أن المضاربات هي السبب الرئيس لتقلبات السوق الموازية حاليًا، مضيفًا أن اتجاه عدد من البنوك خلال الأسابيع الماضية لإعادة تفعيل قيودها على عمليات سحب النقد الأجنبي باستخدام بطاقات الائتمان والخصم ساهم أيضًا في تغذية الطلب على الدولار في السوق الموازية.
تجري الحكومة المصرية خلال الفترة الراهنة مباحثات حثيثة مع بعثة صندوق النقد في محاولة لإحياء حزمة دعم مالي بقيمة 3 مليارات دولار معلقة منذ ديسمبر 2022، وسط توقعات بأن يرفع الصندوق قيمة التمويل إلى ما بين 6 و12 مليار دولار، تزامنًا مع تداعيات حرب غزة والتصعيد الأمني في مياه البحر الأحمر على اقتصاد مصر.

لقاء سابق بين مديرة صندوق النقد ووزير المالية محمد معيط

متى تنفرج الأزمة؟

يعتقد الدكتور محمد بدرة أن تقلبات السوق الموازية لن تهدأ إلا بتوصل الحكومة إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد، وإعلان تفاصيله وحسم شرط مرونة سعر الصرف أو خفضه نهائيًا، مضيفًا أنه من المتوقع على نطاق واسع أن تتحرك الحكومة صوب خفض جديد للجنيه مقابل الدولار خلال الفترة المقبلة، إلا أن قيمة الخفض ستتوقف على مبلغ التمويل الممنوح من الصندوق.
ويتابع إذا نجحت الحكومة في رفع قيمة التمويل من 3 مليارات دولار إلى مبلغ بين 6 و7 مليارات دولار فسيكون بإمكانها تحريك سعر الصرف إلى مستويات 36.8 جنيه للدولار الواحد التي سبق أن أشارت إليها وثيقة للصندوق مطلع الشهر الحالي كمتوسط لسعر الصرف خلال الفترة من 2024 إلى 2028، موضحًا أن أي خفض لقيمة الجنيه لأكثر من 36.8 جنيه للدولار سيتطلب توفير سيولة أعلى.
بينما يرى أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة، الدكتور حسن الصادي، أن رفع قيمة قرض الصندوق لن ينهي الأزمة، وأنها بالكاد تكفي لسداد جزء من الديون متوسطة وطويلة الأجل المستحقة على الدولة خلال العام الحالي والبالغة نحو 32.8 مليار دولار.

وأضاف أن الأزمة لن تنتهي إلا بالقضاء على السوق الموازية نهائيًا، وهذا لن يحدث إلا برفع احتياطي البنك المركزي من النقد الأجنبي إلى 50 مليار دولار على الأقل من مستواه الحالي البالغ 35.2 مليار دولار لتتمكن الدولة من الدفاع عن قيمة الجنيه.
وخلال عامي 2022 و2023 فقد الجنيه نحو 60% و25% على الترتيب من قيمته مقابل الدولار، بالتزامن مع تراجع مستمر في احتياطي النقد الأجنبي منذ نهاية 2021 عندما سجل 40.9 مليار دولار، ليتحرك حاليًا بالقرب من أدنى مستوياته منذ عام 2017.

أزمة نقص الدولار

ويشير الدكتور محمد بدرة إلى أن أزمة نقص الدولار تتطلب العمل على عدة مسارات لحلها أبرزها إلى جانب تعزيز استقرار أسعار الصرف، تشجيع الاستثمار الأجنبي وإصدار سندات طويلة الأجل وخفض فاتورة الاستيراد ودعم القطاعات التي تمثل موردًا للعملة الصعبة وأبرزها السياحة.
خلال كلمته، أمس، في حفل عيد الشرطة 72، أوضح الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الدولار كل بضع سنوات يمثل مشكلة لمصر بسبب شراء الدولة للخدمات بالدولار وبيعها للمواطنين بالجنيه، مضيفًا أن حل الأزمة يتطلب العمل على زيادة موارد مصر من الدولار لتفوق أو توازي حجم الإنفاق الدولاري.

search