كرة القدم السورية.. من الأخوين إيبش إلى عارضة السومة
منتخب سوريا
محمود موسى
في خطوة تعكس التغيرات السياسية التي تشهدها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، أعلن اتحاد كرة القدم السوري عن تغيير لون قميص المنتخب الوطني وشعاره من الأحمر إلى الأخضر.
جاء هذا الإعلان بعد سيطرة فصائل المعارضة على العاصمة دمشق يوم الأحد دون مقاومة، مما دفع الرئيس السوري بشار الأسد إلى الفرار إلى روسيا، لكن ماذا عن كرة القدم في سوريا؟
قصة دخول كرة القدم إلى سوريا تشبه إلى حد كبير قصتها في باقي دول العالم؛ إذ بدأت اللعبة في الشوارع والأزقة، قبل أن تتحول إلى شكل تنظيمي بوجود الأندية في كافة أنحاء البلاد.
الأخوان إيبش
في عام 1910، بدأ القليل من السوريين ممارسة كرة القدم حين عاد الطالبان حسين، نوري الإيبش، إلى دمشق من جامعة بيروت الأمريكية، التي كانت تُسمى آنذاك "الكلية السورية البروتستانتية"، لقضاء الإجازة مع عائلتيهما، وجلبا معهما رياضة جديدة كانت غريبة على المجتمع السوري.
وبدأ الثنائي لعب كرة القدم حبيب صايغ وشوكة الحلبوني، إذ كانوا يلعبون الكرة في "المرج الأخضر" المعروف حاليًا بالملعب البلدي.
بدأت كرة القدم تنتشر بشكل أوسع في عام 1913، وكون عدد من اللاعبين نادي الهلال بمشاركة لاعبين أتراك، وكانوا يتدربون في ساحة الشهداء في حي عرنوس وأرض الجبخانة.
لعب الشباب كرة القدم بشكل محدود بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، والتي تسببت في تجنيد العديد من الشباب السوريين للجيش العثماني.
ساعة ذهبية
عقب انتهاء الحرب سقط الحكم العثماني عام 1918، وأُسس حكم عربي بقيادة الأمير فيصل بن الحسين، نجل قائد الثورة العربية الكبرى الشريف حسين بن علي، الذي قدّم دعماً كبيراً للأخوين إبيش.
وشجع الأمير فيصل الأخوين الإيبش الثنائي في ممارسة كرة القدم في منطقة مرج الحشيش (أرض معرض دمشق الدولي اليوم)، والتي أمر فيصل بإقامة ملعب هناك.
واستمرت ممارسة كرة القدم في سوريا على نطاق ضيق، بعد احتلال سوريا من قبل فرنسا، تراجع الاهتمام بكرة القدم لبضع سنوات قبل أن يتزايد عدد الممارسين للعبة في المدارس والجامعات مرة أخرى.
رغم هذا التراجع الملحوظ، أسس نادي "الفريق الشرقي" عام 1919، وأقيمت أول مباراة رسمية للفريق ضد منتخب الجيش البريطاني برعاية الأمير فيصل، ليفوز الفريق السوري بنتيجة 4-1، ليقرر الأمير فيصل منح كل لاعب ساعة ذهبية كمكافأة على أدائهم الرائع.
وتأسس فريق جديد يسمى "بردي" عام 1924، تبعه عدة أندية أخرى مثل نادي قاسيون عام 1927، "الفيحاء" في عام 1929، و"الهومنتمن" في عام 1930.
كما ظهرت أندية أخرى مثل الاتحاد، دمشق، الدالفوريك والأهلي في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، وفي عام 1932 نادي معاوية الذي أسسه خالد العظم، الذي أصبح فيما بعد رئيساً للوزراء.
"الفوتبول حرام"
لم تعجب كرة القدم الكثير من رجال الدين، نظرا لارتداء اللاعبين "الشورت"، واعترضوا بشكل كبير على انتشارها بين شباب دمشق، إذ قالوا إنها تلهي اليافعين عن الصلاة والعبادة.
في إحدى المباريات، سقطت الكرة على رأس الشيخ نعيم الغزي، لتضغط عمامته على رأسه، ليستشيط غضبا ما زاد من غضب المشايخ الآخرين في سوريا.
واعتبر رجال الدين أن ما حدث لم يكن محض صدفة بل مقصودة، بسبب موقف المشايخ من "الفوتبول".
لاعب بدرجة صحفي
تأسس الاتحاد السوري لكرة القدم في عام 1939، ومن ثم انضم إلى "فيفا"، بات لسوريا الحق في المشاركة في البطولات الدولية، مثل كأس العالم ودورة البحر الأبيض المتوسط.
ونشط العديد من الشخصيات السياسية السورية خلال تلك الفترة مثل سهيل الخوري، الذي تولى منصب رئيس اللجنة الأولمبية واتحاد كرة القدم.
وفي عام 1941، بدأ كامل البني، لاعب نادي بردى، بالكتابة في جريدة "الأيام"، وفي عام 1955، أسس البني أول صحيفة رياضية في سوريا تحت اسم "الأسبوع الرياضي"، التي خرج منها العديد من الرياضيين والإعلاميين المتميزين.
من كرة القدم إلى السياسة
ضم نادي بردي العديد من اللاعبين الذين أصبحوا شخصيات مرموقة فيما بعد مثل الدكتور رشاد فرعون، الذي أصبح طبيباً ذو شهرة واسعة في السعودية ومن ثم وزيراً للصحة في الرياض، أيضا الدكتور بشير العظمة، الذي أصبح رئيس وزراء سوريا والمهندس أحمد الشرباتي، وزير دفاع سوريا خلال حرب فلسطين الأولى.
أما عن الأخوين إبيش فقد ابتعدا عن كر القدم، وتفرغ حسين للصيد وبات أحد أشهر صيادي سوريا، أما نوري عمل في الزراعة والسياسة، وعين وزيراً عام 1949.
كما نشط الوزير السابق سهيل الخوري في مجال كرة القدم قبل دخوله عالم السياسة، وانتخابه نائباً في البرلمان في خمسينيات القرن الماضي.
ويعد خوري أول رئيس للجنة الألعاب الأولمبية واتحاد كرة القدم الذي أسس في عام 1938، ثم تولى مهمة رئاسة اللجنة الأولمبية الراحل علي عبد الكريم الدندشيحتى حتى قيام الوحدة مع مصر عام 1958، ليصبح المصري حسين الشافعي رئيسا للجنة الأولمبية، وأصبح وزير الداخلية السوري عبد الحميد السراج نائباً للرئيس.
خطوة تاريخية
في عام 1946، تم تأسيس أول فريق للشرطة المدنية تحت إشراف مدير الشرطة والأمن، غالب ميرزو.
وحقق الفريق تقدماً ملحوظاً ليصبح من أقوى الفرق في سوريا، حيث حقق نتائج مميزة أمام الفرق الأجنبية.
وتأسس الدوري السوري الممتاز عام 1966، ليوحد الدوريات المحلية التي كانت موجودة سابقًا، كان أول فريق يفوز باللقب هو الاتحاد عام 1967، بينما يحمل الجيش الرقم القياسي بـ 17 لقبًا في الدوري، ثم الكرامة بواقع 8 مرات.
في البداية، كان الدوري السوري يسمى "الدرجة الأولى"، ثم طور الاتحاد السوري لكرة القدم المسابقة في خطوة تاريخية سمحت بمشاركة اللاعبين الأجانب لتحويل المسابقة إلى دوري محترف.
وكان أعلى معدل نقاط لبطل الدوري في تاريخ البطولة هو 64 نقطة الذي حققه الكرامة موسم 2007-2008.
فيما يعد أسرع هدف في تاريخ الدوري سجله لاعب المجد سامر عواد ضد القرداحة موسم 2005-2006 بعد 16 ثانية فقط.
نسور قسيون
خاض منتخب سوريا أولى مبارياته غير الرسمية تحت اسم دمشق الحادي عشر مع لبنان 5-4 عام 1939، ولعبت سوريا أول مباراة رسمية لها ضد لبنان في 19 أبريل 1942، وفاز نسور قاسيون 2–1.
شارك المنتخب السوري في تصفيات كأس العالم الأوروبية عام 1950 كأحد أول الفرق في المنطقة التي فعلت ذلك لكنه خسر 8-0، وتكررت نفس النتيجة أمام منتخب مصر في دورة الألعاب المتوسطية عام 1951.
ويعد أول نجاح في تاريخ المنتخب السوري، حين خسر أمام مصر بنتيجة 0-4 دورة الألعاب العربية، ليحصلوا على الميدالية الفضية.
وفي تصفيات كأس العالم 1958، هُزم المنتخب السوري أمام السودان في الجولة الأولى من التصفيات، وبين عامي 1958 و1961، اندمج الفريق مع مصر لتشكيل منتخب الجمهورية العربية المتحدة لكرة القدم، على الرغم من أن سجلات الفريق تُنسب فقط إلى الفراعنة من قبل الفيفا.
واستمر ظهور المنتخب السوري بانتظام في المسابقات الدولية حتى ثمانينات القرن الماضي.
بطولة لا تنسى
وصل المنتخب السوري إلى أولمبياد 1980 بعد انسحاب إيران من الأولمبياد التي نظمتها أمريكا، وعلى الرغم من خسارة المنتخب 0-3 أمام الجزائر و0-5 أمام ألمانيا الشرقية، فقد اكتسبوا خبرة مباريات الكبيرة، ليتعادلوا سلبيا في آخر مباراة.
في تصفيات كأس العالم 1986، اقترب المنتخب السوري كثيرًا من التأهل لتخسر في المباراتين الفاصلتين أمام العراق بنتيجة 1-3 في مجموع المباراتين.
كان أحد أعظم نجاحات نسور قاسيون في الثمانينيات هو المشاركة في نهائيات دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط 1987، التي أقيمت في اللاذقية، وهزيمة فريق فرنسا 2-1.
وفي تسعينات القرن الماضي، في دورة الألعاب العربية 1997 في بيروت، وصلوا إلى النهائي، حيث هزمهم الأردن 0-1.
وحقق المنتخب السوري أكبر انتصاراته في طهران في 4 يونيو 1997 على جزر بنتيجة 12-0 النهائية للسوريين، وبعدها بـ5 أيام، فازوا بنفس النتيجة في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1998.
وشارك المنتخب السوري في بطولة غرب آسيا مرتين في عامي 2002 و2004، ليخسروا أمام الأردن بهدف ذهبي سجل في الدقائق الأخيرة من الوقت الإضافي (1-2).
غياب 16 عاما
تأهل المنتخب السوري إلى كأس آسيا 2011 في قطر بعد غياب طويل عنها منذ عام 1996، بعدما صعد إلى البطولة دون أي خسارة في التصفيات.
وخرج منتخب نسور قاسيون من دور المجموعات مرة أخرى بعد خسارتهم أمام الأردن واليابان والفوز على السعودية، وتم استبعادهم من تصفيات كأس العالم 2014 بسبب استخدام لاعب لا يحق له المشاركة في التصفيات.
وفي ديسمبر 2012، تغلبت سوريا على العراق في نهائي كأس غرب آسيا لتحقق أول كأس كبرى لها بفضل هدف أحمد الصالح التاريخي، ومن ثم أوقف التلفزيون السوري الرسمي بثه للإعلان عن الفوز وعرض الاحتفالات الصاخبة للسوريين.
في عام 2013، انسحب المنتخب السوري من كأس غرب آسيا بسبب الثورة السورية، في السنوات التالية لم يظهر بشكل جيد وغاب عن المشاركة في كأس آسيا 2015.
"شاشات عملاقة"
وفي تصفيات كأس العالم مُنعت سوريا من لعب مبارياتها على أرضها، بل كانت على بعد يوم واحد من الطرد قبل أن تنقذ ماليزيا الأمر في اللحظة الأخيرة وعرضت استضافة جميع مباريات سوريا على أرضها.
وتأهلت سوريا لأول مرة في تاريخها لمباريات فاصلة في تصفيات كأس العالم بعد احتلالها المركز الثالث في مجموعتها برصيد 13 نقطة.
وأدى احتمال التأهل التاريخي للمرحلة النهائية إلى كأس العالم إلى توقف مؤقت للصراع السياسي، فضلاً عن قيام السلطات السورية بتركيب شاشات عملاقة في الساحات العامة الرئيسية في المدن الكبرى لمتابعة المباراة الحاسمة ضد إيران، لتصعد لمواجهة حاسمة أخرى أمام أستراليا.
وتعادل الفريقان في المباراة الأولى 1-1، وفي مباراة الإياب التي أقيمت بعد 5 أيام في سيدني، افتتح السوريون التسجيل في الدقيقة السادسة بفضل السومة، ليتعادل تيم كاهيل وتتجه المباراة إلى الوقت الإضافي.
قلب المنتخب الأسترالي النتيجة لصالح بفضل هدف تيم كاهل، وأضاعت سوريا فرصة تسجيل هدف التعادل خلال الوقت بدل الضائع في الشوط الثاني من الوقت الإضافي بعد تسديدة لا تصد ولا ترد من عمر السومة لكنها ارتطمت بالقائم الأيمن، لتضيع آمال سوريا في التأهل للملحق القاري.
لم تحقق سوريا نجاحا يذكر حتى تأهلت إلى كأس آسيا 2023 للمرة السابعة، وتأهلت إلى مرحلة خروج المغلوب لأول مرة في تاريخها، وفي دور الستة عشر، خسرت سوريا أمام إيران بركلات الترجيح بعد التعادل 1-1.
وأخرجت سوريا العديد من اللاعبين التاريخيين، مثل فراس الخطيب هداف الدوري الكويتي التاريخي، وجهاد الحسين أحد أفضل لاعبي الوسط في تاريخ الدوري السعودي، أيضا سنحاريب ملكي أنجح محترف سوري في أوروبا الذي فاز بهداف الدوري بلجيكي ووصيف هدافي الهولندي.
هناك أيضا عمر السومة أحد الهداف التاريخيين للدوري السعودي، كما فاز عمر خريبين بأفضل لاعب في آسيا عام 2017، كما تألق أيضا محمد عفش في الدوري اليوناني لفترة طويلة.
-
05:09 AMالفجْر
-
06:41 AMالشروق
-
11:49 AMالظُّهْر
-
02:37 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:19 PMالعِشاء
أحدث الفيديوهات
أخبار ذات صلة
موعد مباراة النادي الأهلي القادمة والقنوات الناقلة
12 ديسمبر 2024 10:42 ص
شبانة: جوميز كان "مستور" بلاعبي الزمالك وسعى لخداع الجماهير
12 ديسمبر 2024 11:50 ص
تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة باتشوكا في نصف نهائي الإنتركونتيننتال
12 ديسمبر 2024 11:48 ص
"نزيف وخسارة".. ميدو يكشف أسباب رحيل جوميز عن الزمالك
12 ديسمبر 2024 09:53 ص
بعد النتائج السلبية.. مرموش في مهمة صعبة أمام أولمبيك ليون الفرنسي
12 ديسمبر 2024 09:10 ص
يوفنتوس يُعمق جراح مانشستر سيتي بثنائية في دوري الأبطال
12 ديسمبر 2024 12:52 ص
ما حقيقة تفاوض الأهلي مع حكيم زياش قبل كأس العالم؟
12 ديسمبر 2024 12:26 ص
شبانة: الأهلي لديه فرصة تاريخية للتأهل.. وباتشوكا في المتناول
11 ديسمبر 2024 11:45 م
أكثر الكلمات انتشاراً