الخميس، 12 ديسمبر 2024

09:41 ص

"رامي الحرامي" عملها مع ساويرس.. "آل مخلوف" إمبراطورية فساد خلف الأسد

رامي مخلوف ونجيب ساويرس

رامي مخلوف ونجيب ساويرس

A A

“ابن خال الرئيس السوري السابق بشار الأسد استولى على استثماراتي في سوريا”.. تصريح ناريّ من نجيب ساويرس، ثالث أغنى رجال أعمال في مصر، وفقًا لترتيب “فوربس”، بثروة تقدر بـ3.3 مليار دولار.

ساويرس أكد أنه استثمر في قطاع الاتصالات السوري، لكن فُرضت عليه مشاركة رامي مخلوف في المشروع، وهو ما حدث بالفعل وفقًا لرواية ساويرس، لكن بعد ذلك استولى مخلوف على الشركة بالكامل وطرد الموظفين، بينما ظل الموضوع تحت تصرف القضاء دون حصول رجل الأعمال المصري على أمواله كاملة.

إمبراطورية في الخفاء

لن نقف كثيرًا عند حديث ساويرس، ربما لأننا ما زلنا نبحث عن تفاصيل القصة بالكامل، لكن ما نحن بصدده الآن هو كشف الكيانات الاقتصادية لعائلة "مخلوف"، الإمبرطورية الاقتصادية الخلفية لإدارة سوريا خلال السنوات الماضية، وجميعها شركات وهمية "أوف شور" منتشرة حول العالم.

عائلة مخلوف هي أكثر العائلات التي استخدمت نظام “الأوف شور” في تأسيس الشركات خارج سوريا، ولمنْ لا يعرف “الأوف شور” فهي شركات تُؤسس في بعض الدول التي تمنح مزايا ضريبية كبيرة، وتتيح إخفاء الملاك الرئيسيين بخلاف سرعة التحرك ونقل الأموال، بخلاف أنها تعامل معاملة المستثمر الأجنبي في الدول.

ومن خلال النظام المعروف بـ"أوف شور"، فإن البعض يستخدم تلك الشركات في عمليات وأغراض غير مشروعة كغسل الأموال والتهرب الضريبي. ووفقًا لبيانات ومنصات عالمية، فإن محمد مخلوف (خال بشار الأسد) برع في تأسيس تلك الشركات على مدار العقدين الماضيين لتجنب العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على أبنائه الأربعة (رامي وإياد وإيهاب وحافظ) بسبب أدوارهم الأمنية في سوريا.

بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف

بيانات ومواقع عالمية رصدت وجود شركات آل مخلوف متوزعة في بعض الدول العربية على رأسها لبنان، إلى جانب روسيا، بينما لا توجد بيانات واضحة بحسب بحث أجراه محرر "تليجراف مصر" في أوروبا أو الولايات المتحدة.

وفي فبراير 2015، تداولت مواقع أجنبية بيانات ومعلومات موّثقة عن حسابات مصرفية في سويسرا، كانت عبارة عن تسريب ضخم من أحد الموظفين عن بنك HSBC Private Bank السويسري. وتلك الوثائق كانت تخص الفترة من عام 1997 وحتى 2007، وتبيّن معاملات مالية لشركات يعود أغلبها إلى عائلة مخلوف في الخارج.

43 مليون دولار

قيمة تلك المعاملات كانت  43 مليون دولار، وفي الأوراق المسرّبة تبيّن أن محمد مخلوف قدم نصف هذا المبلغ لبنك HSBC بصفته وكيلًا حصريًا لشركة “فيليب موريس” عملاق التبغ الأمريكي في سوريا، بخلاف أنه وكيل لـ"متسوبيشي".

ولا يمكن لأي شركة أجنبية القيام بأعمال استثمارية أو تجارية في سوريا دون موافقة مخلوف ومشاركته.. هذا ما قالته مجلة “نيو ستيتسمن” البريطانية في عام 2006، وهو نفسه ما يؤكده نجيب ساويرس في تصريحه السابق.

فساد عائلة مخلوف

“فتى الفساد في سوريا”.. وردت هذه الكلمات في برقية سرية عام 2008 أرسلتها السفارة الأمريكية في دمشق إلى وزارة الخارجية في واشنطن، ونشرها موقع “ويكيليكس” المختص في التسريبات، وبعد شهور منعت وزارة الخزانة الأمريكية الشركات الأمريكية من التعامل مع رامي مخلوف، لأنه استغل علاقاته بشخصيات النظام السوري وأرهب المنافسين التجاريين وأسّس منظومة من الشركات رغم العقوبات.

علاقة مع زينجر الإسرائيلي

كانت هذه بداية الخيط لخضوع عائلة مخلوف لعقوبات دولية منذ عام 2008، لكن ذلك لم يمنعهم من اختراق الحواجز، فالوثائق المسربة في أعوام سابقة تشير إلى علاقة بين مخلوف ورجل الأعمال الإسرائيلي فريدي زينجر، المقيم على الحدود مع لبنان ويحمل رتبة نقيب وخدم حتى عام 1981 في الجيش الإسرائيلي، فما هي العلاقة بينهما؟

تعود العلاقة بين الرجلين إلى تأسيس شركتين مملوكتين لرامي مخلوف هما Hoxim Lane Management Corp وCara Corporation، يتولي زينجر فيهما منصب مدير وشريك، بخلاف أنه أنه شريك في عدد من شركات الأدوية وله الحق في الوصول والتعامل على الحسابات المصرفية المملوكة لأبناء مخلوف.

وتُظهر المواقع الرسمية لهذه الشركات وهي “أوف شور” أن أبناء مخلوف ملاك منتفعون في حساب مشترك مسجل لفريدي زينجر وزوجته لوريا زينجر.

ولم تقتصر الأوراق على ذلك، فقد بيّنت أن موظفة في بنك HSBC الشهير، تُدعى “نادية راكة”، كانت مديرة للشركات، وشغلت في ذلك الوقت منصف مسؤولة محفظة البنك في إسرائيل حتى عام 2012.

اللواء السابق بالجيش السوري أحمد محمد عنتر بجواره خال بشار الأسد “محمد مخلوف”

“الأوف شور” بوابة تهريب الأموال

يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد عبدالرحيم، إن عمليات تهريب الأموال في العالم تصطدم بعقبات، لذا يلجأ أغلب رجال الأعمال إلى نظام “الأوف شور” وقد حدث ذلك في مصر بعد ثورة يناير 2011، ومنذ زمن بعيد أيضًا يحدث ذلك في مصر في تعاملات جماعة الإخوان عبر تأسيس جمعيات خيرية في الخارج، لكن في سوريا الموضوع كان أكثر انتشارًا بسبب العقوبات الاقتصادية، فالنظام المالي لـ"الأوف شور" يسهل عمليات تهريب الأموال والتحرك في الخفاء حيث يسمح بتسجيل مالك مستفيد ومالك مدير، ويخفي المستفيد الحقيقي. 

وأضاف عبدالرحيم في تصريح لـ"تليجراف مصر": لا يمكن حصر الشركات الوهمية في العالم، كون عددها يتجاوز الملايين وربما المليارات، فيمكن للشخص تأسيس عدد غير محدود من الشركات بأقل تكلفة، موضحًا أن النظام السوري اعتمد على رجال أعمال سوريين في الخارج لتأسيس شركات وهمية، وخلال فترات الأزمات كان يتم تهريب الأموال وتأسيس شركات وفق قانون الشركات اللبناني الذي يسمح بإنشاء شركات “أوف شور” في الخارج.

وتابع: من الصعب معرفة حجم الأموال أو ثروات شخص من خلال شركات الأوف شور، لأن رؤوس الأموال بسيطة جدًا لكن حجم التعاملات يتعدى مليارات الدولارات وتتحرك عبر أشخاص ووكلاء يتغيرون من حين لآخر. 

محمد رامي مخلوف

ملياردير عمره 27 عاما

أحد أبناء رامي مخلوف هو الملياردير “محمد رامي مخلوف” عمره الآن 27 عامًا ويمتلك شركة MRM Holdings ، وهو أيضًا مؤسس وشريك في شركة Future Builders والمالك المشارك لشركة Milk Man Dairy Products وهي واحدة من مصانع الألبان الرائدة في سوريا. 

وفي ظل عدم معرفة حجم ثروة المليادرير الشاب الحقيقية، قدرت صحيفة “ديكات كرونيكال” في أغسطس 2019 صافي ثروة محمد رامي مخلوف بنحو ملياري دولار، مؤكدة أنه استثمر في مشروع طاقة الرياح في سوريا بنحو 150 مليار دولار عبر شركات وهمية. 

ووفقًا للبيانات، أسّس محمد رامي شركاته في الخارج بنظام الأوف شور، وقام بإدارتها من خلال شركات محاماة، وكان أشهر هذه الشركات شركة فونسيكا التي تأسست في بنما عام 1977 على يد يورجن موساك المولود في ألمانيا ورجل أعمال بنمي يُدعى "رامون فونسيكا" ويشغل منصب رئيس الحزب الحاكم في بنما.

تلك الشركة عينت لاحقًا محاميًا سويسريًا يُدعى كريستوف زولينجز، لديه مكاتب محاماة في 44 دولة منها جزر البهاما وقبرص وهونج كونج وسويسرا ولوكسمبورغ وفيرجن أيلاند، تلك المكاتب تستخدم في تأسيس الشركات.

ومن ضمن الشركات التي تم تأسيسها لصالح عائلة مخلوف، شركة “دريكس تكنولوجي” المؤسسة عام 2000 في جزر العذراء البريطانية، وتلك الشركة مملوكة لرامي مخلوف حسب تسريبات وثائق بنما.

رامي محمد مخلوف

اسم رامي مخلوف وحافظ مخلوف ارتبط  أيضًا بشركة أخرى تحمل اسم “إيجل تريدبغ آند كونتراكتنج”، فيما ارتبط اسم إياد مخلوف بشركة تحمل اسم “لين مانيجمينت”. 

وفقًا لتقدير منظمة جلوبال ويتنس صدر في العام 2020، فإن عائلة مخلوف تمتلك عقارات قيمتها 40 مليون دولار في العاصمة الروسية موسكو، وتلك العقارات مملوكة تحت اسم شركات بعضها مؤسس في لبنان.

وتشير  البيانات إلى أن حافظ مخلوف رئيس فرع الأربعين في سوريا اشترى عقارات قيمتها تجاوزت 22.3 مليون دولار في أبراج مدينة العواصم بموسكو في 2016 ولتنفيذ الصفقة حصلت شركات حافظ مخلوف الروسية “بيلونا وأرتميس وكستيا” على قروض مستخدمة 11 عقارًا كضمان. 

search