الخميس، 12 ديسمبر 2024

05:29 ص

سر مقاومته للزلازل.. دراسة تؤكد أن شكل هرم خوفو "مختلف عما نراه"

الهرم الأكبر بالجيزة

الهرم الأكبر بالجيزة

خاطر عبادة

A A

يظل الهرم الأكبر بالجيزة، رمز عظمة الحضارة المصرية القديمة، لغزًا عصيًا على العلم الحديث، فرغم الاعتقاد السائد لفترة طويلة بأن تصميمه يتكوّن من أربعة وجوه، فإن الأبحاث الحديثة كشفت تفاصيل غير متوقعة، إذ يحتوي هرم الملك خوفو في الواقع على ثمانية أسطح، مقعرة قليلًا نحو الداخل.


ووفقًا لتقرير صحيفة “لا راثون” الإسبانية، اليوم، فإن هذا الاكتشاف، الذي قاده عالم الرياضيات أكيو كاتو في عام 2023، يجلب مستوى جديدًا من التعقيد إلى بنيته ويثير أسئلة رائعة حول الهندسة في ذلك الوقت.

قاعدة الهرم ليست مربعة

ويشير كاتو في ورقته البحثية المنشورة في مجلة Archaeological Discovery، إلى أن شكل الهرم ليس كما نراه، لافتًا إلى أن "كل وجه مدبب قليلًا على طول خط الوسط، من القاعدة إلى القمة"، وهذا يحوّل الهرم الأكبر إلى بناء مقعر مثمّن الشكل، مخالفًا المفهوم التقليدي للأهرامات ذات القاعدة المربعة.

هندسة قديمة تتحدى الزمن

تعود جذور اكتشاف كاتو إلى الملاحظات التي أجراها عالم المصريات فليندرز بيتري عام 1927، والذي لاحظ، من خلال الصور الجوية، أن وجوه الهرم بها انحناء يبدو أنه يقسمها إلى قسمين.

وكشف أن هذا التصميم، الذي تم تأكيده الآن، ليس مجرد تفاصيل جمالية: يبدو أن الوجوه المقعرة كانت بمثابة حل استراتيجي لزيادة ثبات الهيكل ضد الظواهر الطبيعية مثل الزلازل أو ضغط الجاذبية.

إن الجمع بين هذا الشكل الفريد وقاعدة قوية وطبقات مائلة كان من شأنه أن يسمح للهرم بمقاومة الشدائد البيئية، ما يضمن ديمومته على مر القرون، حيث لا توفر الوجوه المقعرة قوة هيكلية أكبر فحسب، بل تثبت أيضًا المعرفة المتقدمة للبنائين من حيث التصميم والمواد.

نمط شائع في أهرامات الجيزة؟

ولن يكون الهرم الأكبر الوحيد الذي يتمتع بهذه الخصائص، إذ تشير الدراسات الحديثة إلى أن الأهرامات الأخرى في مجمع أهرامات الجيزة، مثل أهرامات خفرع ومنكورع، يمكن أن تشترك في هذا التصميم المثمّن.

وعلى الرغم من أنه لم يكن مرئيًا بالعين المجردة، فإن استخدام التقنيات الحديثة جعل من الممكن اكتشاف أوجه التشابه المدهشة في بنائه، ومع ذلك لا يزال هناك جدل حول ما إذا كانت هذه الهندسة نتيجة لتصميم مقصود أو نتيجة مصادفة لعملية البناء.

كان أحد الجوانب الرئيسية لبناء الأهرامات هو نقل الكتل الحجرية الهائلة، حيث استفاد المهندسون المصريون من فيضان نهر النيل ونظام القنوات وأحواض الموانئ الواقعة عند سفح هضبة الجيزة.

كان هذا الميناء، الذي يقع على بعد حوالي 7 كيلومترات من نهر النيل الحالي، يسمح بنقل الحجارة بكفاءة بواسطة المراكب. وقد أكد تحليل حبوب اللقاح المتحجرة في المنطقة وجود أنواع نباتية نموذجية في مناطق الأنهار، مما يدعم هذه النظرية.

تصميم مبتكر

ولا تزال الهندسة الخفية للهرم الأكبر، إلى جانب تصميمه المبتكر، تبهر الباحثين والمتحمسين، ولا يكشف هذا الاكتشاف الجديد مدى تطور قدماء المصريين فحسب، بل يفتح الباب أيضًا أمام أبحاث جديدة في أساليب البناء وفهمهم للبيئة، حيث يذكرنا كل اكتشاف بقدرة الحضارة على تجاوز الزمن بآثارها.

search