الخميس، 12 ديسمبر 2024

10:13 م

"الكبتاجون".. صناعة ملوثة بالدم أنعشت جيوب عائلة الأسد بالمليارات

 صناعة الكبتاجون في سوريا

صناعة الكبتاجون في سوريا

A A

لا يمكن النظر إلى تأثير سقوط بشار الأسد على سوريا من منظور سياسي واجتماعي فقط، فالأمر يمتد ليشمل صناعة محرّمة كان النظام المنهار يتحكم فيها لسنوات بدأت في أعقاب ثورة 2011، ولم يكن الهدف سوى الالتفاف على الاقتصاد المتهاوي بفعل الحرب والتناحر الأهلي، وفي الوقت ذاته إنعاش جيوب آل الأسد وكبار ضباط الجيش.. فما قصة الكبتاجون؟

في ظل الحرب المستعرة التي دارت رحاها في سوريا خلال السنوات الماضية، ظهرت صناعة مخدر “الكبتاجون” كظاهرة معقدة تنمو في الظل، لتتحول إلى جزء لا ينفصل عن شبكة اقتصادية سرية تجذب العديد من الأطراف.

ومع تدفق الأموال الملوّثة بالدماء، أصبح هذا المخدر أحد أعمدة الاقتصاد غير القانوني الذي ينشأ بسرعة، محركًا تجارة ضخمة تغذي صراعات متعددة على الأراضي السورية اندلعت شراراتها الأولى منذ نحو 13 عامًا.

تقارير دولية تؤكد أن تجارة الكبتاجون، الذي يعد من المنشطات المنتشرة في بعض دول المنطقة، أصبحت واحدة من المصادر الرئيسية لتمويل الأنشطة المتنوعة في سوريا، التي تحولت إلى مركز رئيسي لهذه التجارة، حيث يتم تصدير كميات ضخمة من الحبوب.

وبحسب بيانات معهد "نيولاينز" والحكومة البريطانية، فإن سوريا مسؤولة عن إنتاج حوالي 80% من الكبتاجون في العالم.

ارتفاع سعر الكبتاجون

ووفق ما جرى تداوله خلال الأيام الماضية، فإن سعر الكبتاجون ارتفع من 5 إلى 40 دولارًا للحبة الواحدة في بعض الدول، خصوصًا بعد توقف صناعة هذا المخدر، بعدما نجحت قوات المعارضة المسلحة من إسقاط نظام بشار الأسد.

ويعترف البنك الدولي بأن سوريا تعد منتجًا ومصدرًا رئيسيًا لهذا المخدر، ويصنفها كمركز إقليمي لهذه الصناعة التي تقدر قيمتها السوقية في البلاد بحوالي 5.6 مليار دولار، وتستفيد الجهات المتورطة في هذه التجارة بنحو 1.8 مليار دولار سنويًا.

هيئة تحرير الشام تكشف عن الكبتاجون

قائد العمليات العسكرية في هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع، تطرق صراحة إلى العلاقة بين آل الأسد والكبتاجون، حين قال في كلمته التي ألقاها، الأحد، في المسجد الأموي بدمشق، إن الأسد ترك سوريا مزرعة للأطماع الإيرانية كما نشر الطائفية، وجعل سوريا مصنعًا للكبتاجون. 

والشرع بهذه التصريحات سلّط هالة ضوء واسعة على الدور المهم لصناعة الكبتاجون في دعم اقتصاد النظام المنهار وتمويل بعض الأذرع الإيرانية، فضلًا عن الأضرار التي لحقت بالأردن المشترك في جانب من حدوده مع سوريا.

كلمات الشرع تلك فتحت المجال على مصراعيه لتساؤلات تبحث عن إجوبة بشأن مصير ومستقبل هذه الصناعة المربحة بعد رحيل الأسد وشقيقه ماهر.

مخدر الكبتاجون - أرشيفية 

آل الأسد وصناعة الكبتاجون

كان الكبتاجون المصدر الرئيسي لتمويل الجهاز الأمني السوري وأجهزته التابعة، حيث ضخت هذه الصناعة مليارات الدولارات في جيوب عائلة الأسد وكبار جنرالات الجيش، وفق تقرير لقناة “العربية” نقلًا عن مصادر أجنبية.

وساعدت هذه الأموال النظام على البقاء ماليًا، في ظل انهيار الاقتصاد السوري نتيجة الحرب الأهلية المستمرة منذ عام 2011.

وتولى ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، مسؤولية إدارة إنتاج الكبتاجون وتصديره حتى أن السوريين أطلقوا على الفرقة الرابعة، التي كان يقودها ماهر، لقب "فرقة الكبتاجون" بسبب ارتباطها الوثيق بهذه التجارة.

ونشر أفراد مسلحون ينتمون لهيئة تحرير الشام عددًا من المقاطع المصورة، داخل منزل ماهر الأسد، أظهرت مصنعًَا كبيرًا داخل قصره الخاص، الذي كان يتم فيه تصنيع الكبتاجون، بالإضافة إلى وجود كميات كبيرة من المخدر.

تشكل صادرات الكبتاجون حوالي 50% من إيرادات سوريا السنوية، كما شهدت التجارة بين عامي 2020 و2023 نموًا ملحوظًا، حيث ارتفعت قيمة التجارة بنحو 54% لتصل إلى حوالي 10 مليارات دولار. 

أين يتم تهريت الكبتاجون؟

تشير تقارير حكومية بريطانية إلى أن سوريا مسؤولة عن إنتاج حوالي 80% من الكبتاجون على مستوى العالم. وتهرب هذه الحبوب إلى عدة دول مجاورة مثل الأردن ولبنان والعراق، بخلاف أسواق أخرى كبيرة في دول الخليج، حيث أصبح هذا المخدر تهديدًا حقيقيًا للأمن والاستقرار في هذه المناطق.

ويعد الأردن من أبرز الدول التي تقاوم تجارة الكبتاجون، حيث يعاني بشكل كبير من تأثير هذه الظاهرة، فعلى مدار السنوات الماضية، ضبطت السلطات الأردنية ملايين الحبوب المهربة عبر الحدود مع سوريا.

وفي يوليو الماضي، أعلن الجيش الأردني إحباطه محاولة لتهريب كمية من حبوب الكبتاجون المخدرة كانت مخبأة داخل "قذيفة بلاستيكية" أُطلقت من الأراضي السورية.

وأشار البيان الصادر عن الجيش الأردني إلى أن الجسم الذي تم رصده كان يحتوي على أربعة أكياس من المواد المخدرة تحتوي على 3990 حبة كبتاجون، وقد تم تحويل المضبوطات إلى الجهات المعنية.

قذيفة بلاستيكية تحتوي على الكبتاجون مهربة من سوريا إلى الأردن

سعر الكبتاجون بعد سقوط آل الأسد

وفقًا لتقارير غربية، يُتوّقع أن يرتفع سعر الكبتاجون بعد سقوط آل الأسد، وهو ما تداوله بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي نقلًا عن مصادر مُطلعة في بعض الدول التي كانت ساحة لتهريب الكبتاجون السوري، إذ زاد سعر الحبة الواحدة من 5 إلى 40 دولارًا.

وفقًا لمعهد "نيولاينز" في واشنطن، أصبحت تجارة الكبتاجون جزءًا أساسيًا من الاقتصاد غير الرسمي الذي تسيطر عليه الدولة والفصائل المرتبطة بها، حيث حققت هذه التجارة إيرادات تصل إلى نحو 5.7 مليار دولار في عام 2021 فقط، وهو رقم كبير بالنظر إلى تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا في تلك الفترة.

ما هو الكبتاجون؟

الكبتاجون هو الاسم التجاري لمركب "فينثيلين"، وهو منبه ينتمي إلى عائلة الأمفيتامينات، حيث يتم تصنيعه عادة على شكل أقراص بيضاء تشبه حبوب الدواء، وتحتوي على مواد كيميائية تؤثر بشكل قوي على الجهاز العصبي المركزي.

ويستخدم الكبتاجون بشكل شائع لتعزيز الطاقة والتركيز، ما يؤدي إلى حالة من اليقظة المفرطة، إلا أن الاستعمال المفرط له يؤدي إلى تدهور الحالة النفسية والجسدية، حيث يعاني المدمنون مشكلات صحيّة خطيرة مثل القلق، والهلوسة والأرق وغيرها من الاضطرابات النفسية.

search