الجمعة، 17 يناير 2025

05:24 م

ياميش رمضان.. موروث الإله "بس" وأحياه الفاطميون

ياميش رمضان

ياميش رمضان

لا تكتمل السفرة الرمضانية في مصر دون حضور "الخشاف"، الذي يُلقب بسيد العصائر الرمضانية، المشروب التقليدي يحمل في طياته إرثًا ثقافيًا يعود إلى العصور القديمة، حيث ارتبط بفوائد غذائية عديدة وعادة اجتماعية متوارثة منذ عهد المصريين القدماء، وتحديدًا عصر الدولة الحديثة.

الإله "بس" وأصل الخشاف

بحسب كتاب "الإله بس ودوره في الديانة المصرية" للكاتبة عزة فاروق، كان الإله "بس" يُعبد في مصر القديمة لأغراض الترفيه وحماية النساء الحوامل والأطفال من الأرواح الشريرة، وكذلك ارتبط اسمه بالرقص البهلواني المضحك والموسيقى وشرب النبيذ.

وفي معبد دندرة، كانت تُقدَّم له القرابين التي تضمنت المكسرات والزبيب على هيئة تماثيل، هذه القرابين تشبه مكونات "الخشاف" التي نعرفها اليوم.

الإله "بس"، رغم مظهره المرعب الذي تميز بلسان متدلٍ ووجه قبيح، كان مصدرًا للبهجة والفرح، وقد كانت تماثيله تُظهره بأوضاع راقصة ممسكًا بالطبول، مما جعله أيقونة للسرور في المجتمع المصري القديم.

إحياء ياميش رمضان في العصر الفاطمي

مع مرور الزمن، عاد ياميش رمضان، ليزدهر خلال العصر الفاطمي، ووفقًا لكتاب "شهر رمضان في الجاهلية والإسلام" للكاتب أحمد المنزلاوي، اشتقت كلمة "ياميش" من اللهجة المصرية للإشارة إلى الفواكه المجففة والمكسرات.

الإله بس

كان الخلفاء الفاطميون يوزعون الياميش على الفقراء طوال شهر رمضان، ليصبح جزءًا أصيلًا من الثقافة الرمضانية المصرية، وكان سوق "قوصون" في شارع باب النصر أحد أعرق الأسواق المتخصصة في بيع الياميش، حيث توافد التجار السوريون لبيع المكسرات والزيوت والصابون قبيل شهر رمضان. 

ومع الوقت، انتقلت أسواق الياميش إلى مناطق مثل الجمالية وبولاق أبو العلا وروض الفرج.

رمزية الياميش للأطفال والضيوف

إلى جانب كونه طعامًا للموائد، أصبح الياميش جزءًا من الاحتفالات الرمضانية للأطفال الذين يحملون الفوانيس، كما يُقدم للضيوف كهدايا رمضانية تزين البيوت المصرية.

الخشاف اليوم

اليوم يحافظ الخشاف على مكانته كعنصر أساسي في المائدة الرمضانية المصرية، حيث يجمع بين الأصالة والحداثة، بمكوناته المكونة من التين المجفف والمشمش والقراصيا والمكسرات، ويبقى رمزًا للتواصل بين الماضي والحاضر، وجسرًا يحمل إرثًا ثقافيًا غنيًا يمتد إلى آلاف السنين.

search