الطروحات والخصخصة.. "إن هي إلا أسماء" بمحاذير "عمر أفندي"
أحد فروع عمر أفندي
ولاء عدلان
تستهدف مصر جمع ما لا يقل عن 6.5 مليار دولار من برنامج الطروحات الحكومية بنهاية العام الحالي 2024، ضمن مساعيها لسدّ الفجوة التمويلية في الموازنة العامة والوفاء بأحد شروط صندوق النقد الدولي المتعلقة بتمكين القطاع الخاص.. لكن ما علاقة الطروحات الحكومية بمسيرة الخصخصة في مصر؟
الواقع أن العلاقة وثيقة وممتدة، وبرنامج الطروحات الحكومية ما هو إلا مجرد مسمى آخر لمصطلح الخصخصة الحاضر في أذهان غالبية الجيل الذي عاصر حقبة التسعينيات من القرن الماضي.
معنى الخصخصة
يستهدف برنامج الطروحات تعزيز قدرة البلاد على تلبية الاحتياجات التمويلية وتعظيم دور القطاع الخاص ورفع مشاركته في الاقتصاد إلى 65% خلال السنوات المقبلة، وهذه الأهداف ذاتها التي حملها برنامج الخصخصة عندما طفى على السطح بقوة في العام 1991، بالتزامن مع اتّفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، وفق الخبير الاقتصادي، عادل عامر.
يضيف عامر أن الخصخصة ظهرت عالميا بهدف تقليص دور الدولة والقطاع العام في الحياة الاقتصادية لإتاحة الفرصة للقطاع الخاص للعب دور أكبر، بما يخدم أهداف التنمية الاقتصادية على نحو أفضل، إلا أن هذه العملية شابها الكثير من أوجه القصور والفساد أثناء تنفيذها على أرض الواقع.
جمعت الحكومات حول العالم خلال الفترة من 1999 إلى 2008، نحو 1.8 تريليون دولار من عمليات الخصخصة وتقدر عوائد هذه العملية حاليا بنحو 250 مليار دولار سنويا حول العالم.
الصندوق والخصخصة
وأشار عامر إلى أن الخصخصة في مصر بدأت كأحد شروط صندوق النقد لضخ تمويل بنحو 375 مليون دولار خلال الفترة 1991 إلى 1993، ما فتح الباب أمام الحكومات المتلاحقة لتصفية شركات كبرى بأثمان لا تعكس قيمتها الحقيقية، ضاربا مثالا بصفقة بيع شركة عمر أفندي التي أثارت جدلا واسعا.
بدأت مصر برنامج الخصخصة ببيع حصة في شركة مصر لصناعة الكيماويات في 1992، وكانت آخر فصول هذا البرنامج في 2013، عندما صدر حكم قضائي ببطلان بيع 90% من أسهم “عمر أفندي” لرجل الأعمال السعودي جميل القنبيط، ومؤسسة التمويل الدولية وبنك عودة والبنك الأهلي المتحد، وإلزام هذه الجهات بإعادة الشركة إلى الدولة، وذلك لعدة أسباب من ضمنها عدم عدالة التقييم المالي للشركة.
وكان بيع غالبية أسهم شركة عمر أفندي في 2006 لجميل القنبيط بـ589.5 مليون جنيه، مثالا صارخا عن نقاط الضعف التي شابت الخصخصة، فالرقم جاء أقل بكثير من قيمة الأصول المملوكة للشركة بما فيها نحو 82 فرعا حول الجمهورية. وفي العام 2010، باع القنبيط حصته إلى مستثمر مصري مقابل نحو 850 مليون جنيه، الأمر الذي شكّل حجر الزاوية في حكم بطلان الصفقة لاحقا.
صفقة عمر أفندي لم تكن الوحيدة التي أثارت جدلا، فسبقها بسنوات بيع شركة النصر لصناعة المراجل البخارية في 1994 إلى شركة أمريكية مقابل 17 مليون دولار، بينما كانت الشركة - وفق خبراء الأسواق وقتها- قيمتها تتخطى الـ100 مليون دولار.
برنامج الطروحات
تسببت تداعيات حرب أوكرانيا في خروج أموال ساخنة من مصر بنحو 20 مليار دولار، الأمر الذي شكل ضغطا على ماليتها العامة في 2022 ودفعها للعودة إلى صندوق النقد، وبالفعل توصلت إلى برنامج إصلاح اقتصادي جديد بقيمة 3 مليارات دولار، تضمن شروطا، من بينها مرونة سعر الصرف وتمكين أكبر للقطاع الخاص، لتكشف الحكومة نهاية 2022 عن وثيقة سياسة ملكية الدولة.
الوثيقة جاءت كخارطة طريق لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، عبر إجراءات عدة، أبرزها برنامج الطروحات، ومنذ 2022 وحتى الآن جمعت مصر نحو 5.6 مليار دولار من الطروحات، وحاليا تستهدف طرح حصص في أكثر من 40 شركة.
من وجهة نظر رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية الخبير الاقتصادي، خالد الشافعي، يختلف برنامج الطروحات بصورته الحالية عن برنامج الخصخصة الذي شابه الكثير من أوجه الفساد، موضحًا أن البرنامج الحالي يستهدف في الأساس تعظيم استفادة الدولة من أصولها غير المستغلة.
وأضاف أن الحكومة تنفذ الطروحات وفق آليات تختلف كثيرا عن تلك التي رافقت عمليات الخصخصة في التسعينيات، وحتى إن كانت بعض الصفقات تتم بأسعار أقل إلا أنها نتاج الظروف الاقتصادية الحالية ولا تصل إلى حدّ الأسعار الزهيدة التي شهدناها في صفقات الخصخصة.
وتابع أن الخصخصة سلاح ذو حدين، فهي قد تخدم الاقتصاد من خلال المساهمة في تعزيز تمكين القطاع الخاص وتحقيق قدر أعلى من الكفاءة والشفافية في إدارة الشركات المباعة، إلا أنها أيضا قد تتضمن شقا سلبيا ما لم تنفذ بقدر عال من الحذر، الذي يمنع بيع الأصول بأقل من قيمتها أو بيعها بصورة تضرّ الصناعات الوطنية من خلال تخارج الدولة نهائيا لصالح المستثمر الأجنبي.
ضغوط اقتصادية
شدد الشافعي على أن مصر يمكنها أن تجمع أكثر من 6.5 مليار دولار من الطروحات كون الشركات المعروضة جميعها ذات ربحية مرتفعة وفي قطاعات حيوية، إلا أن ما تتعرض له الدولة من ضغوط اقتصادية يجعل من الصعب تنفيذ الصفقات بأسعار مرتفعة.
وتابع أن مصر حاليا تتعرض لأزمة خانقة بسبب تراجع مواردها من العملات الأجنبية واستمرار تسجيل معدلات التضخم لأرقام مزدوجة والأهم التحديات الناجمة عن حرب غزة والتصعيد الأمني في البحر الأحمر، الأمر الذي دفع إيرادات قناة السويس للتراجع بنحو 46% خلال يناير الماضي.
ورأى أن تصريحات مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجييفا الأسبوع الماضي بشأن تأثير حرب غزة على مسيرة برنامج الطروحات تعكس تفهما من إدارة الصندوق للظروف التي تمر بها مصر، التي تقتضي ألا تتسرع الحكومة في تنفيذ صفقات البرنامج بما يسمح لها بتحقيق مستهدفاتها والبيع بالأسعار المناسبة التي تحقق أعلى عائد ممكن.
الخبير المصرفي عز الدين حسانين لفت الانتباه إلى أن تنفيذ برنامج الطروحات في الوقت الحالي دون القضاء على السوق الموازية للدولار وتوحيد سعر الصرف، سيتسبب في خسائر للحكومة دون الاتفاق على السعر العادل لإتمام الصفقات بالصورة التي تسمح بتعظيم عوائد الدولة وليس العكس.
مصر تحتاج رقما بين 6 و8 مليارات دولار لسد الفجوة التمويلية خلال العام المالي الحالي، ولديها التزامات خارجية مستحقة هذا العام بنحو 42.3 مليار دولار، الأمر الذي يجعل الرقم المستهدف من الطروحات مجرد خطوة باتجاه الوفاء بحاجاتها التمويلية.
-
04:57 AMالفجْر
-
06:28 AMالشروق
-
11:41 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:55 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
أحدث الفيديوهات
أخبار ذات صلة
سعر الدولار اليوم الأحد 24 نوفمبر 2024.. ارتفاع جديد
24 نوفمبر 2024 07:30 ص
حسم مصير شهادة 27% غدا.. هل تلغى أداة "السيولة الضخمة"؟
23 نوفمبر 2024 09:20 م
بعد رقم تاريخي.. دولة عربية بين أكبر مالكي ديون أمريكا
23 نوفمبر 2024 11:23 م
سعر طن الحديد اليوم.. "عز" يتجاوز 40 ألفا
23 نوفمبر 2024 07:53 م
"التموين" تستعد لرمضان بـ 25 ألف رأس ماشية
23 نوفمبر 2024 04:07 م
هل يعطي كارت الـ100 رصيد 45 جنيهًا؟.. تطورات زيادة أسعار خدمات المحمول
23 نوفمبر 2024 03:42 م
الحكومة: زيادة عدد الوحدات السكنية العاملة بالغاز الطبيعي لـ163%
23 نوفمبر 2024 02:56 م
أسعار الذهب تلمع من جديد.. إلى أين تتجه بوصلة الملاذ الآمن؟
23 نوفمبر 2024 02:24 م
أكثر الكلمات انتشاراً