الجمعة، 20 سبتمبر 2024

09:41 ص

أذون الخزانة "أكثر جاذبية".. لماذا عاد الأجانب لـ الجنيه؟

نقود من فئة 100 جنيه

نقود من فئة 100 جنيه

ولاء عدلان

A A

عادت أذون الخزانة المصرية إلى دائرة اهتمام المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء، خلال الـ10 أيام الماضية في أعقاب قرار البنك المركزي بشأن تحرير سعر الصرف، الأمر الذي عزز جاذبية الاستثمار في أدوات الدين المقومة بالجنيه ودفع الطلب عليها لتجاوز المعروض بأكثر من الضعف. 
أذون الخزانة هي أدوات دين تصدرها وزارة المالية لسدّ فجوة التمويل وتعزيز الإنفاق الحكومي، ويدير البنك المركزي عملية البيع، وأهم ميزة لأذون الخزانة أنها قصيرة الأجل وتتراوح آجالها بين 3 إلى 12 شهرا، كما أنها تدرّ عائدا سريعا للمستثمرين سواء كانوا أفرادا أومؤسسات، بحسب الخبير المصرفي الدكتور هاني العراقي.  

جاذبية أذون الخزانة

وأوضح العراقي أن قرار البنك المركزي الصادر في 6 مارس الحالي بشأن تحرير سعر الصرف ورفع معدلات الفائدة 6%، وجه ضربة مباشرة للسوق السوداء للعملة وساهم في تعزيز جاذبية أدوات الدين المصرية سواء كانت أذون خزانة أو سندات، كونها تقدم عائدا مرتفعا من جهة، والأهم من ذلك أن تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار أعاد إلى سوق الدين المصرية المستثمرين الأجانب تحديدا، إذ أصبح في إمكانهم شراء المزيد من أذون الخزانة "بالجنيه" بعدد أقل من الدولارات. 
وتوقّع العراقي أن تواصل مصر استقطاب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر والأموال الساخنة خلال الفترة المقبلة، مستفيدة من تراجع قيمة العملة إلى مستويات 47.8 جنيه للدولار نزولا من 30.8 جنيه (قبل قرار تحرير الصرف)، مضيفا أن سعر صرف الدولار سيظل متذبذبا لفترة، لكنه على الأرجح سينخفض باتجاه مستوى 42 جنيها قبل أن يستقر عند مستويات 36 جنيها للدولار في وقت لاحق.
الخميس الماضي، باع البنك المركزي في عطاء (مزاد) أذون خزانة لأجل 364 يوما بقيمة 217.87 مليار جنيه متجاوزا مستهدفه البالغ 30 مليار جنيه وسط تلقيه طلبات شراء من مستثمرين محليين ودوليين بأكثر من 408 مليار جنيه، وذلك ارتفاعا من مبيعات بـ 87.8 مليار جنيه نفذها في السابع من مارس (أي غداة قرار تحرير سعر الصرف)، ووقتها استقبل طلبات شراء بنحو 254 مليار جنيه.
وبحسب بيانات المركزي، جاء عطاء الخميس الماضي بعائد 30.14% على الأذون نزولا من مستوى 32.3% المسجل في العطاء السابق، في مؤشر على ارتفاع شهية الاستثمار في أذون الخزانة المصرية رغم تخفيض وزارة المالية لمعدلات العائد، وقبل أسبوع من الآن أوصت بنوك استثمار شهيرة على غرار جيه بي مورجان وجولدمان ساكس بشراء أذون الخزانة المصرية. 

صورة توضح حجم العروض المقدمة والمقبولة في أحدث عطاء لأذون الخزانة- البنك المركزي

عودة الثقة 

وقال رئيس اتحاد بنوك مصر ورئيس مجلس إدارة بنك مصر محمد الإتربي في تصريح سابق، هناك إقبال واضح من المؤسسات العالمية على شراء أذون الخزانة المصرية منذ صدور قرار المركزي، وذلك بالتزامن أيضا مع إقبال المستثمرين الأجانب على التنازل عن الدولار في البنوك لصالح شراء أذون الخزانة في مؤشر على عودة الثقة في الاقتصاد المصري.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي حسام عيد، إن عدة عوامل اجتمعت خلال الأيام القليلة الماضية لتعزز جاذبية أدوات الدين المصرية (أذون خزانة وسندات) وتعيد ثقة رؤوس الأموال الأجنبية في الاقتصاد المصري، أهم هذه العوامل نجاح الحكومة في توقيع صفقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار ومن ثم تحرير سعر الصرف والإعلان عن اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي يقضي بزيادة قيمة القرض المتفق عليه نهاية 2022 من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار، هذا فضلا عن نحو 1.2 مليار دولار متوقعة من صندوق الاستدامة التابع لصندوق النقد وتمويلات من شركاء دوليين مثل الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي. 
وأضاف أن هذه العوامل لاقت استحسان وكالات التصنيف الائتماني، ومن المتوقع خلال فترة قصيرة أن نشاهد هذه الوكالات ترفع تصنيف مصر بعد أن خفضته عدة مرت خلال العامين الماضين نتيجة لأزمة نقص الدولار التي تسبب فيها خروج أموال ساخنة بنحو 22 مليار دولار في أعقاب حرب أوكرانيا مطلع 2022.
وأشار إلى أن تحسن التصنيف الائتماني لمصر سيعزز جاذبيتها كواجهة للأموال الساخنة الراغبة في تحقيق ربح سريع سواء من خلال الاستثمار في الأسهم المصرية أو أذون الخزانة والسندات كما أنه سيمنح مصر هامشا لخفض العائد المقدم على أدوات الدين،. 

وتوقع عيد أن تشهد مصر تدفقا ملحوظا على صعيد الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال صفقات على غرار صفقة رأس الحكمة وتسريع وتيرة برنامج الطروحات، كأحد أهم ثمار توحيد سعر الصرف. 
في أعقاب صدور قرار تحرير سعر الصرف أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري إلى إيجابية من سلبية، ومن جانبها قالت نظيرتها وكالة ستاندرد آند بورز إنها تدرس تعديل التصنيف الائتماني لمصر، مشيرة إلى أن صفقة رأس الحكمة جاءت بحجم كبير لم يكن متوقعا ما عزز النظرة الإيجابية للاقتصاد المصري. 

search