الإثنين، 23 ديسمبر 2024

12:15 م

بعد خسارة حلفائها.. إيران أمام خيارين لمواجهة تحديات الشرق الأوسط

آية الله علي خامنئي وبشار الأسد

آية الله علي خامنئي وبشار الأسد

بعد سنوات من النفوذ الإقليمي الكبير، تجد إيران نفسها اليوم في موقف دفاعي غير مسبوق، حيث خسرت حلفاءها الأساسيين، آخرهم النظام السوري بقيادة بشار الأسد، بينما تعرض حليفها القوي، حزب الله اللبناني، لضربات قاسية أضعفت قدراته بشكل كبير. 

هذه التطورات وضعت إيران أمام خيارات صعبة تتطلب إعادة هيكلة استراتيجيتها الإقليمية، وفق تقرير لموقع فورين بوليسي.

انهيار محور المقاومة

لطالما كان تحالف إيران مع سوريا وحزب الله حجر أساس في مشروع "محور المقاومة"، حيث وفّر هذا التحالف لطهران ممرًا بريًا لإيصال الدعم المالي والعسكري لحزب الله، لكن التغيرات الأخيرة، بما في ذلك سقوط نظام الأسد وتراجع حزب الله، وجهت ضربات قاسية لهذا المشروع، بينما أصر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في خطاب له على أن "جبهة المقاومة" ليست مجرد تحالف يمكن تفكيكه، بل "عقيدة" ستزداد قوة تحت الضغوط.

خيارات إيران.. التصعيد أم التراجع؟

ووفقًا للتقرير فإن إيران تمتلك خيارين رئيسيين في ظل هذه التحديات، وهما: إما مواصلة التصعيد بمضاعفة جهودها لإعادة بناء محور المقاومة من خلال تعزيز دور الجماعات الشيعية المسلحة في العراق والحوثيين في اليمن، لكن هذا الخيار يحمل مخاطر كبيرة، إذ قد يؤدي إلى خسائر دموية أكبر بين حلفائها ويمنح إسرائيل والولايات المتحدة ذريعة لشن ضربات مباشرة داخل إيران.

أما الخيار الآخر أمام طهران هو التراجع وإعادة التموضع، حيث ترى أن زمن محور المقاومة قد انتهى، مما يدفعها إلى التركيز على تقوية قدراتها العسكرية الداخلية، وتعزيز الترسانة الصاروخية والطائرات بدون طيار، خاصة في ظل الهجمات الإسرائيلية المكثفة والتهديدات المستمرة.

انعكاسات إقليمية ودولية

وبيّن التقرير أن التحولات في الاستراتيجية الإيرانية تشهد انعكاسات إقليمية ودولية قد تؤدي إلى نتائج متباينة في عدة ملفات، ففي لبنان، يبدو أن طهران ستستمر في الحفاظ على علاقتها الوثيقة مع حزب الله، ولكن قد تعمل على تقليص نفوذه السياسي والعسكري، مما قد يفسح المجال أمام لبنان لإعادة بناء نظامه السياسي والاقتصادي بشكل أكثر استقلالية.

أما في العراق، فإن البلاد تمضي بخطوات لتعزيز قدرتها على ردع التدخل الإيراني، بالتوازي مع جهود مكثفة لبسط سيطرة الدولة على الميليشيات الشيعية التي تحظى بدعم طهران، وهذه الجهود تأتي في إطار مساعٍ لتحقيق الاستقرار الداخلي وتقليص الاعتماد على التأثيرات الخارجية.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع السعودية، فإن التحديات التي تواجه إيران قد تفتح المجال أمام تقارب أكبر بين البلدين، كما يبدو أن الرياض تسعى إلى تهدئة التوترات الإقليمية، خاصة في ملفات حيوية مثل اليمن والبحر الأحمر، مما قد يؤدي إلى تغيير ديناميكيات التنافس التقليدي بين القوتين الإقليميتين.

فرصة للمفاوضات

وفي هذ السياق، قد تدفع الأزمات الاقتصادية والسياسية الداخلية قادة إيران إلى السعي لتخفيف العقوبات عبر العودة إلى طاولة المفاوضات. 

وأشار الرئيس الإيراني الجديد مسعود بيزشكيان ومستشاره جواد ظريف إلى أن التركيز على الداخل الإيراني والشعب قد يكون الحل الأمثل في هذه المرحلة.

التحديات أمام خفض التصعيد

ورغم وجود فرص للتفاوض، يواجه مسار التهدئة عقبات كبيرة، فالصقور داخل إيران وإسرائيل والإدارة الأمريكية قد يعرقلون أي جهود للتهدئة، مما يهدد بإشعال صراع أوسع.

لحظة تاريخية للتغيير

كما قبلت إيران في الماضي حلولاً صعبة لإنهاء أزمات كبرى، قد تكون هذه اللحظة مناسبة لاتخاذ قرارات استراتيجية تعيد رسم دورها في المنطقة، ونجاح هذا المسار يعتمد على استعداد اللاعبين الإقليميين والدوليين لاختبار فرص الحوار والابتعاد عن التصعيد.

search